التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المنشور رقم (8) الفرقة الناجية والطائفة المنصورة



بسم الله الرحمن الرحيم
 
تحت عنوان "الرمز" قال هاني النقشبندي
" أمريكا تخطط لضرب العراق وابن لادن يخطط لضرب أمريكا"
وكلاهما ينتظر ساعة الصفر ونحن معهما ننتظر ولا حول لنا ولا قوة فلا نحن بالقادرين على تجنيب العراق ضربة قادمة ولا بالعالمين بما سيحدث لنا لو استمرت عمليات ابن لادن ضد أمريكا وهي عمليات أعتقد إننا ندفع لها ثمناً غالياً اليوم. الشيء الوحيد الذي يمكن تلمسه من الشارع العربي الآن هو حاجته إلى رمز يتحدى به أمريكا. فهنالك قناعة بأنها تريد أن تحكم العالم بالطريقة التي تريدها هي، وإنها تريد أن تعيد الإستعمار إلى مقاعد التاريخ من جديد، يضاف إلى ذلك قناعة جزء كبير من الشارع العربي أن قيادته لم تقم بما هو مطلوب منها سواء في التعامل مع القضية الفلسطينية أو العراقية أو حتى في التعامل مع نظرة أمريكا للعالم الإسلامي بعد أحداث 11سبتمبر وهي النظرة التي حملت الكثير من العداء العنصري رغم كل التصريحات المعلنة. من أجل ذلك يبحث الشارع العربي اليوم عن رمز له، هذا الرمز قد يجده في أي شخص يعادي أمريكا. حتى ولو كان الرئيس العراقي أو ابن لادن ولا أعتقد إن هذا سيحقق طموحاتنا أو ذاك ... !!  المصدر: مجلة (المجلة ) العدد 1193 بتاريخ 22-28/12/2002 م الموافق 18-24 شوال 1423 هـ.
للإمام الراشد المجدد صفة ينفرد بها في زمانه لا يشاركه فيها أحد من قادة أو علماء زمانه وهي أن يكون تكليفه للقيام بمهام الإمامة بالأمر المباشر من الله سبحانه وتعالي أسوة بالأنبياء والمرسلين وهذا يتبين من قوله تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ” الجمعة الآية. وقوله صلي الله عليه وسلم: “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها” صحيح رواه أبو داود. أي ان المجدد يبعثه الله ولا يفـرض نفسه بقوته أو يخلف أبيه استخلافاً وراثياً أو ينتخب من قبل الجماهير استئناساً لكـفاءته وفي هؤلاء يقـول الله تعالى: “إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى” النجم الآية 23. فالآباء قد يسمون أبناءهم خلفا لهم بوصية ولاية العهـد، وإن (الجمهور) قد ينتخب إمامه وفق أهوائهم وظنهم الخير في الإمام المنتخب وذلك باطل كله “مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ” أما السلطان الذي أنزله على عبد مخصوص بلا اختيار من الجماهير ولا حتى من الشخص المختار يقول تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ” القصص الآية 68.وبلا توقع ممن يقع عليه الاختيار علي منهاج النبوة: “وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ” القصص الآية 86.
إن خليفة الله لا يختاره له الناس وإن فعلوا فقد نازعوا الله وشاركوه في التشريع وقال تعالى في حقهم: “أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ” الشورى الآية 21.
فالهدي مع الشخص الذي اختاره الله وأنزل عليه سلطانه.
اختيار الخليفة لا بد أن يكون من الله حتى لا ينساق الناس وراء أهوائهم ويتفرقون إلى شيع وطوائف كل حزب بما لديهم فرحون وفي هؤلاء يقول الله تعالى: “كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِيـنَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ” الحجر الآية 90-91.
ويقول تعالى: “وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ” المؤمنون الآية 52 – 53. وجاءت براءة النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء في قوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ” الأنعام الآية 159. وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم:خير أمتي أولها وآخرها وفي الوسط الكدر ولن يخذي الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها” أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول. وهذا الحديث تفسير لقوله تعالى: “هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ” الجمعة الآية 2-3. وذكر الله عزّ وجلّ أن الأمة ستنقلب علي أعقابها بعد الرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ“ آل عمران الآية 144.
وشاءت الأقدار أن تميد بالمسلمين الأهواء بزمن غير بعيد من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى يومنا هذا وأصبح الملك يوصي في حياته بولاية العرش بعده لابنائه، وصار أبناء المهديين يتوارثون سجادة المشيخة على الرغم من علمهم أن المشيخة لا تتم إلا بالإذن الخاص المباشر من الله ورسوله.
قال الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه في جواهر المعاني (ج 2 ص 95) قــال: قاعدة: أعلم أن الفتح والوصول إلى الله في حضرة المعارف لا يبعثه الله تعالى إلا على أصحاب الإذن الخاص كإذن الرسالة ومتى فقد هذا الإذن لم يوجد فتح ولا وصول وليس لصاحبه إلا التعب.
والعجيب في الأمر أن كل أصحاب الطرق الصوفية يعلمون هذه القاعدة، وبالرغم من ذلك يعمدون إلى الجلوس للمشيخة إدعاءاً، ويجلسون لتربية المريدين وليس لهم إلا التعب بل أسهموا في تفريق جماعة المسلمين. فالشيخ واحد في كل زمان وهو إمام الوقت وكل مشايخ الأرض تأخذ من مدده بإذن الله وما نراه من كثرة المشايخ إدعاءاً قال فيه أحد الصوفية:
ومن يدعي تمشيخاً فهو مفتر *  ومستجلب بذاك كل بلية
قال عبد المجيد البيانوني في كتابه ( وجوب وحدة المسلمين ) الطبعة الثانية 1414 هـ - 1994 م ص 21. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطـبته: “إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة”. والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعاً وإن كان بدعة لغة.
وفي الحديث عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردُ” رواه البخاري. وفي رواية لمسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد”.
أقول: إن المتأخرين قد يستنبطون من معاني القرآن والسنة ما غفل عنه السلف وهو ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه” صحيح أخرجه الترمذي وأخرج مثله أحمد وابن ماجة. وفيه قول صريح من الرسول صلى الله عليه وسلم إنه يكون من خلف الأمة من هو أفقه من سلفها الصالح ويشير إلى هذا المعني قوله تعالى: “وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ” النساء 83. “أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ” هو كل حادث في أمر الدين متعلق بالتشريع في حالة السلم. وأمـــر “الْخَوْفِ” إذا تعرضت ديار المسلمين إلى هجوم مسلح يستوجب دفاع المسلمين عن الإسلام وعقيدته وأرضه بالجهاد الأصغر قتالاً ومبارزة للعدو.
فولي الأمر حقاً هو الذي يستنبط من الكتاب والسنة  كيفية صد الهجوم عن ديار المسلمين وعقيدتهم وهذا هو الرمز الذي تبحث عنه الأمة للتصدى للهجمة اليهودية الإسرائيلية في فلسطين والهجمة الأمريكية على الإسلام كعقيدة وعلى المسلمين كافة تحت اسم محاربة الإرهاب والهجمة الوشيكة على العراق كما أفادنا بذلك هاني النقشبندي في مجلة المجلة وقد أفادنا أيضاً بعجز الملوك والرؤساء والأمراء الحاليين في الوطن العربي الإسلامي بالدفاع عن عقيدة الإسلام في العالم أجمع أو الدفاع عن أرض المسلمين في فلسطين والعراق. وبنص هذه الآية فإنهم ليسوا أهلاً لولاية أمر المسلمين. وفي مقالاتي ونشراتي السابقة بينت بدقة استنباطاً من الكتاب والسنة من هو القائد المخصوص لهذه المرحلة الحرجة في تاريخ الأمة الإسلامية.
راجع المنشورات التالية من سلسلة منشورات المسيح المهدي:
1.    المنقذ من الفتن ومدمر دولة إسرائيل.
2.     القدس ومعركة مصير الأديان.   
3.     ظهر المهدى المنتظر.
ولما كان الإمام رجل دين ودول فهو إلى جانب إنه القائد للجيش يكون إماماً للدين يربي الناس نفسياً وروحياً في وقت السلم والأمن لإقامة دولة العدل والمساواة.
أهم خصائص هذه الطائفة انها جامعة لمراتب الدين وهي الإسلام الإبتدائي والإيمان الوسطي والإحسان والإسلام النهائي وكل مرتبه في الدين تناسب طوراً من أطوار تكوين الإنسان وهي النفس والروح والذات. إن الأفراد لا يتدرجون في مراتب الدين إلا باتباع خليفة الله في الأرض ولا يكمل دينهم بدونه فلا يغتر المسلمون بما لديهم من علم ويقولوا لا حاجة لنا بالخليفة ونحن نعرف الله ونعرف مناسكنا والحمد لله فإن هم قالوا ذلك فقد جهلوا ولنا مثل في الملأ الأعلى فى قوله تعالى: “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ” البقرة 30. إن تقديس الملائكة لله وتسبيحهم بحمده لا يعفيهم من طاعة الخليفة بالسجود له يقول تعالى: “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ” البقرة 34.
وسجود الملائكة لخليفة الله من البشر سجود طاعة لا عبادة إذ لا معبود إلا الله يقول تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ” النساء 64.
وقال صلى الله عليه وسلم: “من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصي الأمير فقد عصاني” رواه مسلم. فالمسلم لا يكمل إيمانه إلا باتباع الخليـفة المبعوث من عند الله. والخليفة يربي أصحابه في مراتب النفس ويرفعهم بالوعظ والإرشاد من الأمارة بالسوء فاللوامة ثم المطمئنة بعدها الراضية والمرضية هذا التنقل يكون  في مراتب الأحبار والإسلام الأولى الإبتدائي أما مرتبة النفس المرضية فهي نقطة التحول إلى مراتب الروح ومرتبة الروح من مراتب الأولياء الربانيين وهي مراتب إيمان الصالحين والشهداء والصديقين ولا يحصلون على هذه المرتبة إلا باتباع خليفة الله في الأرض لقوله تعالى: “وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا” النساء الآية 69.
وفصَّل مراتبهم في قوله تعالى: “فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ” التحريم الآية 4.
وقال تعالى:وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُـمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ” الحديد الآية 19. وظاهر آيتي التحريم والحديد أن الإيمان لا يتحقق إلا باتباع خليفة الله في الأرض نبياً أو رسولاًُ كان أو مهدياً. ولا يتصف المسلم بالإيمان إلا بإتباع إمام زمانه. 

ملاحظة مهمة جداً:
إن أصحاب مرتبه الإيمان هؤلاء مع الخليفة هم الذين أخذ الله على نفسه العهد والميثاق لنصرتهم في الدنيا والآخرة قال تعالى: “إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ” غافر الآية 51.
وقال تعالى: “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” الروم الآية47. مع ملاحظة ان الله لم يأخذ على نفسه عهداً بنصرة المسلمين إلا إذا ارتقوا إلى مرتبة الإيمان بإتباع خليفة الله المرسل في زمانه... وتبين من هذا أن الرمز الذي تنتصر الأمة تحت رايته اليوم ضد أمريكا وإسرائيل لا بد أن يكون خليفة لله، والطائفة المؤمنة به تناصره في الحرب وفق قوله تعالى: “هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ” الأنفال الآية 62. وقوله تعالى: “حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" الأنفال الآية64. وبهذا تستقيم الأمة على سبل السلام عندما يكون للمسلمين جماعة وإمام فيهزمون أمريكا وإسرائيل بوعد الله الصدق “فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ” الصف الآية14.
قال صلى الله عليه وسلم: “افترقت اليهود علي إحدى وسبعين فرقة فواحدة في الجنة وسبعون في النار وافترقت النصارى علي اثنين وسبعين فرقة فإحدى وسبعين في النار وواحدة في الجنة والذي نفسي بيده لتفترقن أمتي علي ثلاث وسبعين فرقة فواحدة في الجنة واثنان وسبعون في النار“. أخرجه أبو داود في السنن رقم (4596). المصدر/ علامات القيامة وأشراطها للدكتور/ السيد الجميلي الطبعة الأولى ص 25. وقد ضعف بعض العلماء هذا الحديث ولكن القرآن يجبر ضعف الحديث لورود الفرقة الناجية في القرآن.
في الحديث موعظة بليغة لتنبيه غفلة المسلمين الذين يتفاءلون بمجرد كونهم يؤمنون بالله ورسوله ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويصومون ويحجون وكل ما يتعلق بأركان الإسلام وشروط الإيمان، فهناك مسالة في غاية الأهمية، هي التي تقذف بهذه الفرق المتعددة في النار، إلا واحدة تدخل الجنة، ولا يجد المرء عناءاً في ذلك بتدبر القرآن ومراجعة السنة لتمييز هذه الفرقة الناجية. وقد جاء وصف الفرقة الناجية في أكثر من آية في القرآن متفرقة أو مجتمعة قال تعالى: “فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ * وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ“ هود الاية 116 _ 120.
وقوله تعالى: ”وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ” الأعراف 181 وقوله تعالى: “وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ” الأعراف 182. هذا فيما يخص الأمم السابقة وفيما يخص هذه الأمة قوله تعالى: ”وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ” آل عمران 144.  هذا فيما يخص أصحاب النار أما الفرقة الناجية في تكملة الآية “وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ”. فانقلاب الأمة مشروط بموت الرسول صلى الله عليه وسلم أو قتله وهو فعل الشرط ومتى وقع ذلك وقد كان, يتحقق جواب الشرط أي انقلبت الأمة على أعقابها بعد وفاته.
ذكر الله تعالى الفرقة الناجية في قوله تعالى: “يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” النساء الآية 26.
إن سنن الله أن يبعث في الخلق أنبياء لهداية الخلق إذ لا يمكن لقوم أن يهتدوا بدون هذا المرشد، قال تعالى: “وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ” الرعد الآية 7. وقال صلى الله عليه وسلم: “عليكم بسنتي وسنه الخلفاء الراشــدين المهديين من بعدي”. أخرجه أبو داود وابن ماجه وأحمد والترمذى وقال حسن صحيح، المصدر: عقد الدرر ليوسف بن يحي بن علي. الطبعة الثانية ص 24.
إن الأنبياء يرسلون بالتواتر بلا فاصل زمني بين نبي و آخر  باستثناء الفترة ما بين عيسي ابن مريم ومحمد صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: “ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ”. المؤمنون الآية 44. وهكذا شأن الأمة بعد انقضاء فترة النبوة. روى البخارى ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسـلم قال: “كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وإنه سيـكون خــلفاء كثيرون. قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله. قال: فوا ببيعة الأول فالأول و أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما إسترعاهم”. هذا الحديث مدار هذا البحث، وأصل فى الدين لأنه فصّـل أن مهمة الخلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كمهمة الأنبياء من قبله، وذلك في الآتي:
1/    إن الخلفاء يبعثهم الله بتعيينه واصطفائه كما كان الحال مع الأنبياء.
2/    إن هؤلاء الخلفاء هم رجال سياسة وحكام ومنازعتهم في السلطة فسوق في الدين لأن الرئاسة حقهم وطاعتهم في ذلك حق علي الأمة وهذا معلوم من النص الصريح “واعطوهم حقهم“.
3/    إن هؤلاء الخلفاء يتعاقبون “تترا” بلا فاصل زمني علي سنة الأنبياء “كلما هلك نبي خلفه نبي“ وكذلك الحال كلما هلك خليفة خلفه آخر في الخلافة.
4/    قوله: “فوا ببيعة الأول فالأول“ إن بيعة من سلف من الخلفاء لا تعفي من عاش عن بيعة من خلفه، لقوله: “فوا ببيعة الأول فالأول” أما التمسك ببيعة من سلف والاكتفاء بها يُوقع المرء في الضلال.
روى البخاري عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلـم: “تحشرون حفاة عراة غرلاً ثم قرأ “كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ” فأول الخلق يكسى إبراهيم ثم يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال فأقول: أصحابي فيقال: إنهم لن يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول: كما قال العبد الصالح عيسى ابن مريم: “وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ “117” إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ”. هذا الحديث قطع الجدل ودحض حجج من يزعم أنه يكتفي ببيعة الله ورسوله باعتبار إن إيمانه بالله ورسوله واعتناقه دين الإسلام يعفيه عن بيعة كل من يعلن أنه خليفة لرسول الله، فإذا كانت بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم لم تعف أصحابه بعد وفاته، فكيف الحال بمن عاش بعد وفاته بعدة قرون؟. راجعوا قوله تعالى “أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ“ آل عمران الآية 144.
وهذا الحديث والذي قبله يقطعان حبل الوصل والمدد الذي يدعيه اتباع الصوفية زوراً من قادرية وشاذلية وسمانية وتجانية وأشباههم اليوم، وإن كان أئمة الصوفية خلفاء في زمانهم، وبيعتهم ملزمة لمن عاش في زمانهم، إلا أن حبل الوصال والمدد ينتقل من خليفة إلى آخر بعد وفاته، ومن تمسك ببيعة الخلفاء السابقين وأعرض عن الخليفة المعاصر فإن حاله كحال النصارى الذين تمسكوا ببيعة المسيح ابن مريم، وأعرضوا عن بيعة النبي صلى الله عليه وسلم سواء بسواء، وهي سنن من قبلنا المشار إليها في الآية: ”يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ” النساء الآية 26. وهذه هي السنن التي أنزلت لنا في القرآن لتقيس بها الأمة أحوالها ومواقع أقدامها أفي الجنة هي أم مع أصحاب السعير؟  يقول تعالى: “اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ” الشورى الآية 17.
ولما غفلت الأمة عن هذا الميزان أو تغافلت اتخذت لها خلفاء وفق هواها، أو هوى من تسلط عليها او بما أملاه عليهم مَنْ تسلط عليهم مِنْ ملوك بني أميه أمرائهم، وملوك وأمراء بني العباس ومن بعدهم خلفاء الأتراك وزايل أمرهم الملوك والرؤساء والأمراء في العالم الإسلامي اليوم، ولم يكن للخلفاء الراشدين وجود في وجه الحياة السياسية إلا ما يطالع عنهم في كتب الحديث؛ فأدى هذا الانصراف إلى انزلاق الأمة عن محجة الإسلام حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصفهم. ما أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبى الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير أمتي أولها وآخرها وفي وسطها الكدر ولن يخزي الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها“.
ومثله ما رواه أبو نعيم عن عروة بن رويم مرسلاً يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “خير هذه الأمة أولها وأخرها أولها فيهم رسول الله وآخرها فيهم عيسى ابن مريم وبين ذلك ثبج أعوج ليس منك ولست منهم” التصريح حديث رقم 64.
ضعف الرواة هذين الحديثين إلا انهما يستمدان قوتهما من معاني آيات سورة الواقعة لأنهما شرحا معانيها.
لقد أسقط الرسول صلى الله عليه وسلم وسط الأمة الذي بينه وبين عيسي ابن مريم وتبرأ منهم، كما أسقطهم الله في سورة الواقعة قال تعالى: ”وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً “7” فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ “8” وَأَصْحَابُ الْمَشْئمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ “9” وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ “10” أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ “11” فِي جَنَّاتِ النَّـعِيمِ “12” ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ “13” وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ” الواقعة الآية 7-14.
وذكر ابن تيميه في حديث الفرقة الناجية: “قالوا يا رسول الله: من الفرقة الناجية؟ قال: من كان علي مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي”. المصدر وجوب وحدة الأمة إعداد عبد المجيد البيانوني الطبعة الثانية ص 25 – 26.
وإليكم ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه روى مسلم عن قتادة عن أنس بن مالك إن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحداً وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال: “أثبت أْحد فإنما عليك نبي وصدّيق وشهيدان“.
والمعنى إن هنالك نبي مرسل وأصحاب حوله أمنوا به فالصدّيق والشهيدان درجات إيمانية حصلوا عليها بتصديقهم للنبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في قوله تعالى: “وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ” الحديد الآية 19. ولا تكن الفرقة الناجية مثل ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما لم يكن هناك خليفة مبعوث من عند الله وداعياً إليه بإذنه فتصدقه جماعة وتتخذه إماماً وتشهد بصدق دعوته وتؤمن ببعثه من عند الله فتماثل بذلك ما كان عليه الأنبياء وأصحابهم وفق قوله تعالى: “وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشــُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا” النساء الآية 69.
وهذا الإمام وجماعته هم الوارد ذكرهم في الحديث الذي رواه البخاري عن حذيفة يقول: “كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أساله عن الشر مخافة أن يدركنى، فقلت يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن قلت وما دخنه؟ فقال: قوم يهدون بغير هَدْى تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة علي أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركنى ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم إمام، ولا جماعة. قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصـل شجرة حتى يدركك الموت وأنت علي ذلك“.
هذا الحديث والأحاديث قبله تتفق وآيات الواقعة، إن أول الأمة خير لأن فيها نبي إمام مرسل من عند ربه، ووسط الأمة انقطع عن صلته بالأمة لتجاهلهم للإمام المبعوث من عند الله، وإتبعوا ملوكهم وأمراءهم ورؤساءهم، وأعرضوا عن خلفاء الله ولم يعترفوا بهم وبحقهم في الإمامة والحـكم والسياسة، فكانوا شراً محضاً، ثم يأتي بعد ذلك خليفة يعيد الأمة إلى صوابها، ومنهاج شرعها القويم والهدى النبوي فيعيدها إلى الإسلام، وينازعه أئمة الضلالة، فكان زمانه خير وفيه دخن (شر) بسبب فرق النار التـي تكذبه وتنازعه، وعند موت هذا الخليفة فإن الأرض تخلو من الإيمان لتسود فرق الضلال، ومعلوم أنه لا تخلو فرقة من إمام قائد وقوله: “فاعتزل تلك الفرق كلها“ وذلك لسبب خلوها من إمام مبعوث من عند الله، فإنتبهوا إلى هذه الحقيقة التي كانت سببا لهلاك هذه الأمة بعد عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أبرزتها إلى الأمة بهذا الوضوح، فأصبح التمييز بين الفرقة الناجية وفرق الضلال لا لبس فيه ولا جدال، ولكي تعرف مقامك من الفرق بميزان الشرع فاسأل إمامك. هل هو مبعوث من عند الله؟
فإن كان كذلك فأنت من فرقة الجنة الناجية، وإن كان إمامك غير ذلك فإنك من فرق النار والذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان آتاهم.
نقل الإمام الغزالي في كتابه (المنقذ من الضلال) ص 52 عن الإمام علي بن أبى طالب قال: “لا تعرف الحق بالرجال، بل اعرف الحق تعرف أهله“.
أقول:
الفرق الإسلامية اليوم تتمثل في الآتي:
1-    أنصار السنة، وجماعة السلفيين والقرآنيين والقادرية والتجانية والسمانية والشاذلية والختمية والأنصار والشيعة وما شاكلهم هؤلاء يتبرا منهم الدين  بنص قول الله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ“ الانعام الآية 159.
2-     أما الأحزاب المختلفة مع غيرها والمنقسمة على نفسها كالمؤتمر الوطني والشعبي وحزب الأمة القومي والإصلاح والتجديد والأخوان المسلمين والوسطيين وحزب التحرير والإتحادي الديموقراطي والتجمع المعارض وصفهم الله فقال عزّ وجلّ: “وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ”52” فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ“ المؤمنون الآية 52-53. وقال: “فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ”الزخرف الآية 65.
3-     وهناك طائفة لا ينتمون إلى حزب ولا إلى جماعة ولا يتبعون إلى زعامة حزب ذكرهم الحديث وأمر المسلم بالنأى بنفسه عن هؤلاء “فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة؟. قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك“ كل من انضوى تحت تصنيف هؤلاء فهو من فرق الضلال.
4-     أما الفرقة الناجية فقد جاء ذكرها في القرآن في قوله عزّ وجلّ “وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ” الرعد الآية 7. وهذا الهادي هو إمام الجماعة الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته باتباعه والإلتحاق بجماعته فقال: ”تلزم جماعة المسلمين وإمامهم” وحدد صفته المميزة له على باقي أئمة الفرق الضالة بأنه خليفة الله في الأرض قال صلى الله عليه وسلم ”إن لقيت لله يومئذ خليفة في الأرض فالزمه وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك وإلا فاهرب في الأرض حتى يأتيك الموت وأنت عاض على أصل شجرة” ذكره نعيم بن حماد في الفتن رقم 356. واسناده حسن أخرجه ابوداوود وأحمد.    


إن من فضل ربي عليّ وعلى الناس أن أهلني بحكم مشيئته من دون جهد مني لتصحيح عقيدة المسلمين وتعريفهم بكيفية ومكان وزمان عودة المسيح، لقد اعتقد السلف خطأً أن المسيح ابن مريم يعود من السماء وينزل أولاً في الشام بشراً سويا بميلاده الأول دون تحديد زمان عودته وهذه عقيدة فاسدة أحبطت أعمال الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الزمن الذي بعثت فيه مهدياً مجدداً للدين في رأس القرن الهجري الخامس عشر. ودليل فساد عقيدة الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثتي قوله تعالى: “وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً “7” فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ “8” وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ “9” وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ “10” أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ “11” فِي جَنَّاتِ النَّـعِيمِ “12” ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ “13” وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ” الواقعة 7-14.
حددت الآية ثلة الأولين بثلاثة:
1.     أصحاب الميمنة: من اليمن والخير واليمين وهم أصحاب إيمان.
2.     وأصحاب المشئمة: أي أصحاب الشؤم والشمال وهم الكفار.
3.     والسابقون: الذين بادروا بالإيمان واتباع خليفة أول الأمة وهو الرسول صلى الله عليه وسلم. هذا التصنيف يتكرر مع خليفة آخر الأمة وهو عيسي ابن مريم بإضافة ثلة الآخرين وهم عيسي ابن مريم وأصحابه إلى ثلة الأولين وهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويكون المجموع ثلاثة أزواج وتخطت الآيات وسط الأمة بسبب فساد إعتقادها في كيفية عودة المسيح.
وجاء في الحديث عن عروة بن رويم مرسلاً يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “خير هذه الأمة أولها وآخرها أولها فيهم رسول الله وآخرها فيهم عيسي ابن مريـم وبين ذلك ثبج أعوج ليس منك ولست منهم” سبق تخريجه ص (7).
الصحيح في العقيدة الإسلامية أن المسيح ابن مريم يعود إلى الأرض بميلاد جديد في السودان أولاً مجدداً للدين في القرن الخامس عشر الهجري وينزل في الشام لاحقاً.
ولو أني إكتفيت بتصحيح العقيدة وتعريف المسلمين بكيفية عودة المسيح من دون تحديد شخصيته في ذاتي لكان كافياً بأن أنال شرف إمامة تجديد الدين في هذا القرن ولله الحمد في الأولي والآخرة، ولكن الحق أحق أن يتبع فأنا المسيح عيسي ابن مريم ذاتا وروحاً وجسداً وصورة و “كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ” الرعد 43.
ومن الأسئلة التي تتواتر عليّ من الناس قولهم إن المسيح الدجال يسبق المسيح المهدي. فأين الدجال؟
أقول: إن الدجال من الأمور المتشابهة ولم تتفق الأمة على تحديده بدقة. وقد أشكل أمره على الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام. ولم يتبينوا حقيقة بن صياد هل هو الدجال أم لا؟.
ويؤكد قولي هذا ما رواه أبو داود عن عمران بن حصين قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سمع بالدجال فلينأ عنه فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات أو لما يبعث من الشبهات” المصدر التذكرة للقرطبي باب الدجال.
وأخرج الإمام أحمد في مسنـده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”يخرج الدجال في خفة من الدين وإدبار من العلم (أي قلة من أهله) وله أربعون ليلة يسيحها في الأرض اليوم منها كالسنة واليوم منها كالشهر واليوم منها كالجمعة ثم سائر أيامه كأيامكم هذه وله حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعاً فيقول للناس أنا ربكم وهو أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب ... ومعه جبال من خبز والناس في جهد إلا من تبعه ومعه نهران أنا أعلم منه بهما نهر يقول له الجنة ونهر يقول له النار فمن أدخل الذي يسميه الجنة فهي النار ومن أدخل الذي يـسميه النار فهي الجنة...” المصدر التذكرة للقرطبي باب الدجال. ولو كانت هذه الأوصاف تنطبق حرفياً بمعناها الظاهري والصريح لما التبس أمر الدجال على أحد. وعليه لا بد من صرفها إلى التأويل. وتأويلها ينطبق على أمريكا وأفعالها. ومما لا شك فيه أن أمريكا تمثل الدجال كحضارة. ورئيسها يمثل شخصية الدجال وهو أحد الدجالين الذين يكونون بين يدي الساعة.
وعلامة ذلك أن أمريكا ظهرت بالمظهر الحقيقي للدجال بعد أحداث 11 سبتمبر، وفي السنة شاهد على ما ذهبت إليه. فقد روى عن ابن عمر إنه لقي بن صياد في بعض طرق المدينة فقال قولاً أغضبه فضربه فانتفخ حتى ملأ السكة فدخل ابن عمر على حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها وقد بلغها  فقالت: يرحمك الله ما أردت من ابن صياد؟ أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلـم قــال: “إنما يخرج من غضبة يغضبها” المصدر: التذكرة للقرطبي باب الدجال. وهنالك عدد غير قليل من المفكرين والمثقفين توصلوا إلى حقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدجال. وهذه شهادة تكفي حتى ولو اعتقد البعض النقيض لأن الاجتماع على المتشابه مستحيل.


يتعرض الإسلام اليوم إلى هجمة صليبية يهودية بقيادة أمريكا وإسرائيل ويستنفرون كل الأمم ضد الإسلام والمسلمين. وتجاوزا الأرض والعرض وأخذوا يعملون على تحريف القرآن وهذا ما لم يحدث من قبل في الحروبات الصليبية السابقة ولم يحدث حتى في غزو المغول التتار لديار الإسلام.
وعليه فإنه آن الآوان ليهب المسلمون كافة للذود عن بيضة الإسلام فقد انتهي عهد الجلوس على السجادة والبساط فالسيف مشهور في وجه المسلمين في عقر دارهم فأصبح الجهاد الأصغر بالسيف فرض عين على الجميع. وبعد الفراغ من الجهاد الأصغر فليعد كل إلى سجادته وبساطه أسوة بالرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: ”رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، جهاد النفس”.
قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ” البقرة الآية 159.

والحمد لله والسلام على عباده الذين اصطفى

المسيح المهدي المحمدى /
سليمان أبو القاسم موسى
يناير 2003م
معنون إلى:                                                                
*الصحف السيارة .
*وسائل الإعلام للتبليغ والنشر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المنشور رقم (6) ظهر المهدي المنتظر الجزء الثاني

فصـل نهاية النشأة الاولي قال ابن عربي: " نشأة متحدة وهيئة فردية متجسدة فلما كملت بنيتها وتخلقت بصفتها نفخ فيه الشخص الروحاني والكلمة الإلهية، والأمر الرباني فقامت النشأة علي ساقها تعتمد وبأمرها تستند وتواري الدور بالنشأة على أصل البدء إلى أن سلخ ذلك النهار من ليل أرضه والتحق بعنصره الأعلى " . عنقاء (لؤلؤة التحام إلىواقيت وانتظام المواقيت).  تحليل: قوله: " نفخ فيه الشخص الروحاني والكلمة الإلهية والأمر الرباني " الضمير في نفخ يعود للحق عز وجل بإشارة بيانية إلى قوله تعالى: " وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا " الأنبياء 91. وقوله تعالى: " وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا " التحريم 12. والشخص الروحاني هو شخص عيسى بن مريم وعطف الكلمة الإلهية والأمر الرباني عليه، دال على ذلك فهو الكلمة الإلهية. يقول تعالى: " إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ " النساء 171. وقوله "

المنشور رقم (17) شعب الســـودان سيقود العـــالم بالإســـــلام

بسم الله الرحمن الرحيم إستفتاح: خلف هذه الأمة اقدر على فهم نصوص الكتاب والسنة التي تخاطب زمانهم وأن عليهم مراجعة نصوص الآيات والأحاديث لمعرفة الفقه الصحيح المستنبط منها وليس الانغلاق على فهم السلف لتلك النصوص فالمرجع هو نصوص القرآن والسنة النبوية وليس فهم السلف لهذه النصوص وهذا ما أرشد اليه نبي هذه الامة فقد جاء في صحيح البخاري ـ الطبعة الثانية ـ طبعة بيروت 1402هــ1982م عالم الكتب.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"...ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه" كتاب العلم حديث رقم(9)صفحة 45، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"...فليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ يبلغه من هو أوعى له " كتاب الفتن حديث رقم  (27) صفحة 90 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نضر الله إمرئاً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه الى من هو افقه منه" صحيح اخرجه الترمذي 5/24 واللفظ له وابن ماجة 1/85 واحمد 1/437. هذه الأحاديث ترد المذهب السلفي وتثبت مذهب التجديد بالفهم الحديث المعاصر قال صلى الله عليه وسلم:" إن الله يبعث لهذه الامة على رأس كل

المنشور رقم (11) لمــــاذا المسيــــح في الســـــودان

بسم الله الرحمن الرحيم مـدخل: بعد أن مضى على كتابة هذه النشرة أكثر من عام أوردت صحيفة الصحافة بتاريخ 9 شعبان 1426هـ الموافق 13 سبتمبر 2005م في صفحتها السادسة مقالاً بقلم: مسمار السقيد. تحت عنوان: (كا- رع- اتوم..) أسطورة متجددة. وألحقت هذا المقال بالنشرة لأنه طابق لما نشرته سابقاً تحت عنوان (الخرطوم مركز القيادة). جاء في مقال مسمار السقيد:” كان ذلك في زمان موغل في الزمان قبل أن يتواضع الناس علي حساب الأيام وقبل تدفق السنين كان لأهل (أطلنتس) في ديارهم جنتان ذوات أكل خصب وإمراع ودهشة وكان قد اجتمع لهم علم الظاهر والباطن فعرفوا خواص الضوء والصوت وانفتحت لهم اسرار الكيمياء فانكبوا على المعادن يفتتون ذراتها ويستخلصون منافعها وتيسرت لهم معرفة الكوارتز والسليكون وفعاليته الكهرومغنطيسية والتفتوا إلى الجواهر فكشفوا أبعادها الجمالية وأغوارها السحرية. وجاء في أخبار الرواة الثقاة من لدن شيخ الطريقة أفلاطون إلى فقهاء العصر الجديد أن أهل أطلنتس لطول باعهم في علم الفلك قد علموا بأن شهاباً رصدا قد دنا أجله فخرج عن مداره وهوي منتحراً تجاه الأرض مستقبلاً أوديتهم، فكان أن أجتمع كهنتهم عن