التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المنشور رقم (6) ظهر المهدي المنتظر الجزء الثاني

فصـل

نهاية النشأة الاولي

قال ابن عربي: "نشأة متحدة وهيئة فردية متجسدة فلما كملت بنيتها وتخلقت بصفتها نفخ فيه الشخص الروحاني والكلمة الإلهية، والأمر الرباني فقامت النشأة علي ساقها تعتمد وبأمرها تستند وتواري الدور بالنشأة على أصل البدء إلى أن سلخ ذلك النهار من ليل أرضه والتحق بعنصره الأعلى". عنقاء (لؤلؤة التحام إلىواقيت وانتظام المواقيت).
 تحليل:
قوله: "نفخ فيه الشخص الروحاني والكلمة الإلهية والأمر الرباني" الضمير في نفخ يعود للحق عز وجل بإشارة بيانية إلى قوله تعالى: "وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا" الأنبياء 91. وقوله تعالى: "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا" التحريم 12. والشخص الروحاني هو شخص عيسى بن مريم وعطف الكلمة الإلهية والأمر الرباني عليه، دال على ذلك فهو الكلمة الإلهية. يقول تعالى: "إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ" النساء 171.
وقوله "الأمر الرباني" راجع إلى قوله تعالى: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدم خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" آل عمران 59. وقوله تعالى: "قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا" مريم 20-21.
وقوله: "تواري الدور بالنشأة على أصل البدء" دلالة على أن جسد عيسى توارى في روحه ورفع (على أصل البدء) وأصل بدء عيسى "وَرُوحٌ مِنْهُ" أي من الله. علي قاعدة قوله تعالى: "كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ" الأنبياء 104. وقوله: "التحـق بعنصره الأعلى" إشارة إلى قولـه تعالى: "إِنِّي مُتَوَفِّيـكَ وَرَافِعُـكَ إلى" آل عمران 55. وقوله "عنصره الأعلى"  إشارة إلى قوله تعالى: "وروح منه" النساء الآية 171. وفية دلالة قاطعة على أن عيسى ابن مريم رفع روحاً والتحق بروح الله الأعلى لأن الأجساد لا تعرج إلى الله وإنما تعرج إلىه الأرواح يقول تعالى: "تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إليهِ" المعارج الآية 4.
وقوله "توارى الدور بالنشأة علي أصل البدء" ان جثمان عيسى توارى في روحه ورفع إلى الله روحاً وانتهت دورة نشأته الأولى في (بني اسرائيل).
وأشار ابن عربي إلى نهاية هذا الدور بقوله: "فانظر وتأمل ايها الولي الاكمل إلى نبي فقدت جثته وبقيت عند الآحاد سنته" عنقاء (بحر طامس وبحر غاطس)، فالجثة التي فقدت جثة نبي وليس جثة فرد عادي من هذه الأمة مثل محمد بن الحسن أو الهادي المهدي او محمود محمد طه ولكنها جثة نبي وهو عيسى ابن مريم.



فصل

الرجعة بالميلاد الثاني

قال ابن عربي: “فنادي في ذلك الأنباء الخاص إلا فانزل إلى القصاص وعجل بالاوبة ولات حين مناص ... من هذه الحضرة ينقلب الولي نبياً والنبي ولياً هي حضرة الخليفة والختم ومحل الافشاء والكتم“ عنقاء (مرجانة اللؤلؤة الرابعة).
فقوله: ”عجل بالاوبة“ هي الرجعة عند الشيعة ولا تكون عند السنيين الصوفيين والاصوليين إلا لعيسى ابن مريم.
قوله: ”من هذه الحضرة ينقلب الولي نبياً والنبي ولياً“ فلا خلاف بين  الشـــيعة والسنيين في أن النبي الذي ينقلب ولياً في هذه الأمة، هو عيسى ابن مريم لأن النبوة ختمت ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا ما أكده ابن عربي بقوله: ”وإن الختم الذي يحـمل لواء الولاية يكون المنتهي للمقام والغاية وأنه كان ختماً لا يعرف وكان له الأمر لايرد ولا يصرف في روحانية متجسدة وفردانية متعدده ... فصير من كان نبياً عندما بعث صلى الله عليه وسلم ولياً بحسن الاستماع وحكم الاتباع“. عنقاء (نكتة تمام الأنبياء في تعيين ختم الأولياء).
قوله: ”وإن الختم الذي يحمل لواء الولاية“ يشير إلى الشيخ أحمد التجاني وقوله “في
روحانية متجسدة” إشارة إلى السر الجامع بين الشيخ أحمد التجاني وعيسى ابن مــريم والإشارة في الحرف (في) من قوله “روحانية متجسدة“ أي جسد عيسى ابن مريم وقولـه “فردانية متعدده“ إشارة إلى ميلاده الثاني في الرجعه فالفرد الواحد يتعدد بالميلاد الثاني.
وقد بين ابن عربي ذلك فقال:
“فإن القصد من هذا الكتاب إنما هو معرفة الخليفة والختم وتنزل الأمر الحتم فنقــول فرجع عوده على بدئه في ليله وادرك صلاة الصبح مع أهله فتسود ذلك الجسد على أمثاله ممن تقدم أو تأخر من أشكاله“ عنقاء (لؤلؤة التحام إلىواقيت وانتظام المواقيت).
قوله: “فرجع عوده على بدئه“ أي نزل روحاً من السماء ونفخ روحاً في بطن امراة كما كان بدؤه في بني اسرائيل، فكانت عودته في هذه الأمة مثل بدئه في بني اسرائيل على قاعدة “كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ“.
قوله: “فتسود ذلك الجسد على أمثاله“ أي مثله في بني اسرائيل بقـــوله “ممن تقـدم“ في بني اسرائيل “أو تأخر“ في أمة النبي صلى الله عليه وسلــم “من اشكاله“ وفي هذا دلالة على تكرار ولادته إذ له شكل تقدم في بني اسرائيل وشكل تأخر في أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهذه الصفات لاتنطبق إلا على عيسى ابن مريم. ويشير أهل الكشف والفيوضـــات الربانية إلى عيسى ابن مريم بالشمس التي تغرب في المادة وذلك كناية عن عودته، روحـاً وغروبه في مادة طينة أمه الثانية، ومن أمثلة ذلك قال ابن قضيب البان: ”قال لــي: أي سبحانه وتعالى – العارف كونه في الملك كالشمس في الملكوت لا يطاق النظر إليه وقال لي: العارف هو الذي يكمل الأعمال بالعلم، والأحوال بالسر، والأفعال بالأدب“ المصدر د. عبد الرحمن بدوي – الإنسان الكامل ص 205.
ومثله أيضاً قوله: “ثم كشف لي عن سر دقيق في قلب الإنسان الكامل كالشمس في فلك البروج ثم قال لي: إليها نهاية عروج السـالك في نفســه“ المصدر السابق ص 212.
وقال ابن قضيب البان: ”ثم كشف لي: أي الله سبحانه وتعالى – عن الحروف العالية والسطور الازلية، وأراني مظاهر منازلها وأبراج كلماتها وانتقال شمــس المعني في سماء سطورها وهناك محو الموهومات لصحو المعلومات) المصدر السابق ص 200.
قوله “أبراج كلماتها وانتقال شمس المعني" رمز إلى أن الشمس المذكورة في قوله تعالى: “حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا“ الكهف 86. إشارة إلى عيسى ابن مريم وعندما يتجلى هذا المعنى للناس، عندها (هنالك محوالموهومات) إذ كان الناس يتوهمون أن الشمس في هذه الآية هي الشمس الظاهرية وعندما يتنبه الناس إلى هذا المعني الجديد (لَصَححوا المعلومات) وتصحيح مفهومهم الخاطئ وهذا ما يدل عليه قـوله الآتي: ”ثم كشف لي – سبحانه وتعالى – عن انعكاس شعاع شمس تجلياتها في الـكليـات والجزئيات، وأرانى أسرار اشراقها وغروبها في الأشياء“ الإنسان الكامل ص204. ومعنى ذلك نزول عيسى في الأرحام يعتبر غروبا للشمس في الأشياء وميلاده يسمى طلوعا للشمس من مغربها.
فقوله: ”اشراقها وغروبها في الأشياء” إشارة إلى قولـه تعـالى: ”وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا” الكهف90. وقوله تعالـى: ”وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ” الكهف86.
وقال ابن عربى: ”فسلم في مغرب العمى، حتى يصل الأجل المسمى، فإذا دنا الأجل واقترب، طلع هاديا من حيث غرب، وهذا هو شمس التوجيه ومقام التنزيه، بأقواله يزول الاشراك وتنحل عقد الاشراك” عنقاء (بحر طامس وبحر غاطس).
قوله “مغرب العمى” يعني بظهر الغيب. قوله: “الأجل المسمى” زمن ظهوره. ”طلع هادياً” بعث إماماً مهدياً. ”من حيث غرب” في بطن أمه الثانية. وقوله ”مقام التنزيه” إشارة إلى اصطفاء عيسى وقوله “بأقواله يزول الاشراك وتنحل عقد الاشراك” لأن الله يهلك في زمانه، ديانه النصارى التي تؤمن بالثالوث (الاشراك).
قال ابن عربي: “فشمسهم روحهم، وقمرهم نفسهم، والخنس حواسهم، وترحيلهم سيرهم في المقامات ... فانظر إلى هذا الأنموذج في نفسك، واجتهد في ترحيل قمرك في شمسك” عنقاء (مرجانة اللؤلؤة الخامسة).
قوله ”فشمسهم روحهم” فيه تشبيه الإنسان بالكون فالإنسان يتكون من (الروح) وهى شمس المعرفة. و (النفس) وهى القمر، والحواس الظاهرية (الخنس).
قوله ”واجتهد في ترحيل قمرك في شمسك” أى اتبع إمام وقتـك، ومــجدد قرنك. فهو شمس هدايتك. يقول تعالـى: ”وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ” الرعد7.                          


فصل

الجهة التي يجيئ منها


قال محمود محمد طه: إن المنتظرين حقا لهم المقيمون على السنة الصرفة، فالزموا نهج السنة، ودعوا ما أنتم فيه تكونوا من الفائزين ... فإن هذا الأمر لا يخلوا من خفاء حتى على أكابر العارفين فما بالكم بمن هم دونهم؟ وهذا ما من أجله قيل: “يأتي من جهة لا يعرفونا، وعلى هيئة ينكرونها” المصدر: كتاب المسيح لمحمود محمد طه  ص24 طبعة ديسمبر1981م.

أقول:
الجهة التي يجهلونها هي كون المسيح يجيئ من غرب السودان في حين تتوقع الأمة نزوله من السماء في المنارة البيضاء والهيئة التي ينكرونها كون المسيح يولد مرة ثانية في حين الأمة تتوقع نزوله من السماء بشرا سويا بميلاده الأول في بني اسرائيل.  
وقال ابن عربى: ”لما كانت الشمس لابد لها من تحول مطلعها، وتبدل موضعها، وأن الشمس لاتزال جارية من المغرب إلى المشرق بنفسها، كما لا تزال جارية من المشرق إلى المغرب بغيرها، غير أنّ البصر قاصد، واللب حائر، فلابد يوماً أن تظهر حركتها وتعطي بركتها” عنقاء (نكتة الشرف في غرف من فوقها غرف).
ولمعرفة هذه الفقرة من كلام ابن عربي، لابد من الرجوع إلى القاعدة التي اعتمدها في كتابه هذا يقول ابن عربي: ”فمــتى ذكرت في كتابي هذا أو في غيره، حادثا من حوادث الأكوان فإنما غرضي أن أثبته في سمع السامع وأقابله بمثله في الإنسان ... فليتأمل ولي هذا الكتاب، فإني أذكر فيه الأمرين: العالم الأكبر، وأجعله كالقشرة، وأجعل ما يقابله في الإنسان كاللباب، للسبب الذي ذكرته، أن يتبين للسامع ما يجهله في الشىء الذي يعرفه ويعقله” عنقاء (تبيين الغرض من هذا الكتاب).
على ضوء كلام ابن عربي هذا، يفـــسر قوله في الفقرة الوارده ص (61) فهو يتكلم عن الشمس الظاهرية ويقابلها بالشمس الإنسانية، ويقصد بها عيسى ابن مريم، وهو الخليفة المهدي الختم، وقد بين من قبل أنه المقصود في هذا الكتاب.
وعن الشمس الظاهرية، قال ”إنها تجرى من المشرق إلى المغرب بغيرها” أى بفعل دوران الأرض من المغرب إلى المشرق، فتظهر هذه الحركة معكوسة في الشمــس. وقوله ”غير ان البصر قاصد” أي ان الناس في زمانه، بصرهم (قاصر) لأنـهم لم يكشفوا بالعلم حركة دوران الأرض. وأشار إلى أنهم لابد يوماً أن يكتشفوا هذه الحقيقة، بقوله ”فلابد يوما أن تظهر حركتها” وقد أظهرها (جاليليو). في عهد النهضة.
أما الشمس الثانية في الإنسان هي عيسى ابن مريم، وهو الذى يظهر بحركة شمس الحقيقة بسيره من المغرب إلى المشرق وفي الحديث: ”ثم يجـيئ عيسى ابن مريم من قبل المغرب” رواه أحمد.



فصل

المنطقة التي يظهر فيها

قال القرطبي: وفى حديث سمرة بن جندب إن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول: ”إن الدجال خارج، وهو أعور عين الشمال عليها ظفرة غليظة، وأنه يبرئ الأكـمه والأبــرص ويحي الموتى، ويقول للناس أنا ربكم. فمن قال أنت ربي فقد فتن. ومن قال ربـي الله عز وجل حتى يموت على ذلك فقد عصم من الفتنة، ولافتنة عليه ولا عذاب. فيلبث ما شاء الله، ثم يجيئ عيسى من قبل المغرب، مصدقا بمحمد وعلى ملته، فيقتل الدجال، ثم إنمــا هو قيام الساعة” القرطبى-التذكره ص 551.

أقول: وكون عيسى على ملة النبى فيعنى مهدياً. وقد حدد سعيد أيوب، مناطق خروج المهدي في خمس جهات:
1.  يولد بالمدينة -البرزنجي في أشراط الساعة ص89.
2.  ببلاد المغرب -البرزنجي في أشراط الساعة ص89.
3.  من المغرب الأقصى -القرطبى في التذكرة- الحاوي247/2.
4.  في بلاد المغرب وأنـه يأتـى مـن هنـالك ويجوز البحر-الحاوي247/2.
عن عبد الله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
5.  يخرج من قرية يقال لها (كرعة)-السيوطي في الحاوي247/2. المصدر: المسيح الدجال في الديانات الكبرى لسعيد أيوب ص313.
أرجو أن يتنبه الناس إلى أن قرية كرعة هي الخرطوم حسب تحليل علماء الآثار لأن الخرطوم (كا ـ رع ـ آتوم) وتحورت في اللفظ فصارت الخرطوم وهي مكان خروج المهدي وذكرت في القرآن “سنسمه على الخرطوم” القلم الآية 16.
قال ابن عربي: “فإذا ظهر الأمر في مجمع البحرين، ولاح السر المكتم لذي عينين، كأنه يشير إلى ظهور النكته الربانية في هذه النشأة الإنسانية. فإنه مجمع البحرين الآن والكون والعين، وقوله ”في عينين” يشير إلى صاحب الصفتين. فمن فَهِم فاز فوزاً عظيماً" عنقاء (نكتة الشرف في غرف من فوقها غرف).
مجمع البحرين، هو المقرن، بالخرطوم (والبحرين) هما (بحر ابيض) و(بحر ازرق) ومجمعهما هو المقرن بجزيرة توتى. وقوله “هذه النشأة الإنسانية) إشارة إلى نشأة عيسى ابن مريم الثانية. وقوله ”صاحب الصفتين” وهي النبوة في بنى اسرائيل، والهداية في هذه الأمة. وقوله ”السر المكتم” لأن عيسى ابن مريم هو القطب المكتوم عند ابن عربي، إلى جانب الشيخ أحمد التجانى رضى الله عنه.
ولمجمع البحرين (الخرطوم) شاهد في السنة. قـال صلى الله عليـه وسلـم: ”يــكون للمسلمين ثلاثة أمصار، مصر بملتقى البحرين، ومصر بالحيرة، ومصر بالشام. فيفـزع الناس ثلاث فزعات فيخرج المسيح الدجال في أعراض الناس” أخرجه أحمد المصدر: التصريح-حديث رقم16 ص162.
إن أطراف شبه الجزيرة العربية يلتقي فيها بحران – هما دجلة والفرات في الشرق في (العراق)، وهذا إستوفاه مصر الحيرة، والملتقى الثانى في المغرب للنيلين الأزرق والأبيض في الخرطوم، وهما المعنيان في هذا الحديث، ولما كان الأمر متعلقاً بخروج الدجال فإنه علامة خروج عيسى ابن مريم المهدي من الخرطوم في مقابل خروج الدجال من غضبة 11 سبتمبر.
قال القرطبى: “إن المهدي إذا خرج بالمغرب، على ماتقدم، جاءت إليه أهل الأندلس، فيقولون: ياولي الله. أنصر جزيرة الأندلس فقد تلفت، وتلف أهلها، وتغلب عليها أهل الكفر والشرك من أبناء الروم. فيبعث كتبه إلى جميع قبائل المغرب وهم قزولة وقزالة وغيرهم من القبائل من أهل المغرب، أن انصروا دين الله وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فيأتون إليه ويكون على مقدمته صاحب الخرطوم، وهو صاحب الناقة الغراء، وهو صاحب المهدي وناصـر ديـن الإسلام وولـى الله حقـاً” التذكـرة للقرطـبى ص 520/521.
ومعلوم من التاريخ، أنه بعد سقوط الأندلس، فرت القبائل العربية من أوربا إلى أفريقيا، وهي التي كونت القبائل العربية في شمال وغرب أفريقيا ومع مرور الزمن دخلت السودان من الغرب وناصرت محمد أحمد المهدي وفتح الخرطوم عام 1885م إلا أنه توفي بها، وأما صاحب الخرطوم الذي يسير منها إلى الشرق ويدخل الجزيرة العربية من الغرب هو عيسى ابن مريم بدليل الحديث: ”ثم يجئ عيسى ابن مريم من قبل المغرب” رواه أحمد وهو صاحب المهدي المحاصر في المنارة البيضاء في عراق الشام – صدام حسين- لأنه يقتل الدجال الذي يحاصره، وفي الحديث: ”لم يسلط على قتل الدجال إلا عيسى ابن مريم” أخرجه أبو داؤود وهو أيضاً ناصر دين الله وولي الله حقاً لأن الله يهلك في زمانه كل الملل ولا يبقى إلا الإسلام فقد جاء في مسند أحمد عن رسول الله صلى الله عليـه وسلـم أنـه قـال: “ويهلك الله في زمانه الملل كلها ويبقى الإسلام“. رواه البخاري ومسلم وأحمد.



                                                             فصل

تشريعه

قال ابن عربي: ”وأنه زايل عن مرتبته بختمه، وظاهر بعلم غيره لا بعلمه وجار في ملكه على خلاف حكمه. ولولا ظهر بهذا العلم، وحكم بهذا الحكم لماصحّ له  مقام الختم،ولاختمت به ولايه ولاكملت به هدايه وأن له حشرين“ عنقاء (افصاح الكتاب العزيز بمقاماته).
قوله “زايل عن مرتبته“ زايل تعني واصل مرتبته مرتبة النبوة في بنى اسرائيل  بمرتبة الهداية في هذه الأمة.
وقوله ”ظاهر بعلم غيره“ علم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو شريعة الإسلام “لا بعلمه“ وهو الأنجيل. وقوله “جار في ملكه“ الجديد في هذه الأمة, على خلاف حكمه في بني اســرائيل بالأنجيل. ” ولولا ظهر بهذا العلم“ علم القرأن “وحكم بهذا الحكم“ وهوشريعة النبي صلى الله عليه وسلم “لما صح له مقام الختم“ لأنه في زمن النبوة لاتصح لعيسى صفة الختم، لأن ختم النبوة كان لمحمد صلى الله عليه وسلم من بعده. وأيضاً لا تختم الهداية بعيسى إلا إذا جاء متبعاً للنبي صلى الله عليه وسلم، وحكم بشريعة القرأن، ولو قدر لجميع الأنبياء العودة لعادوا متبعين لنهج النبي وشريعة القرأن. قال صلى الله عليه وسلم: “لو كان موسى حـيا ما وسعه إلا اتباعي“ – التصريح بالهامش ص92. وشاهد السنة على ذلك ما رواه أبو داؤود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب ... ويعمل في الناس بسنة نبيهم“ أى بسنة نبيهم: محمد صلى الله عليه وسلم، وليس بسنته: أى سنة عيسى ابن مريم وفيه دلالة أن عيسى قرشى بميلاده ثانية في هذه الأمة.



فصل

               طريقته

قال الدكتور عبد الرحمن بدوي: “وهذا العرف المتصل في التفكيــر الإسلامي في (هداية عيسى) الذى بدأه الترمذى، قد استمر بعد ابن عربي ففي مراكش منذ قرنين كان ثمت مدرسة بأكملها من أبي مهدي الثعالبي ( المتوفي سنة 1080، راجع: الكتـأني فهـــرس ج ص 191) حتى محمد الصغير بن عبد الرحمن الفاسي ( المتوفي سنة 1134) وتلامـيـذ (الافرأنى المؤرخ المتوفي سنة 1151، ومحمد أبو عبد الله ناصر الدرعي التمــغروتي (التمجروتي) المتوفي سنة1158” كل أولئك الذين كانوا يرون أن هذا الحديث معــناه أن عيسى (روح الله) هو الشيخ الهادي إلى الطريقة المثلى في الحياة، وأن هذا هو (مـجئ الإنسأن الكامل)“ د/عبد الرحمن  بدوي- الإنسأن الكامل ص126.
قوله ”كانوا يرون أن هذا الحديث“ المقصود بالحديث ”ولا مهدي إلا عيسى“ وفي هذا إقرار بأن عيسى هو شيخ الطريقة المثلى وهذه الطريقة هي التي أشار إليها ابن عـربي فقال: “والختم برحيقه، أوضح لي التسنيم مزاج طريقه، فرأيت ختم أولياء الله حق في مقعد الإمامة الإحاطية والصدق فكشف لي عن سر محتده، وأمرت بتقبيـــل يده، ورأيته متـدليا عن الصديق والفاروق، متدانياً من الصادق المصدوق، محاذيا لـه من جهـه الأذن، قد ألقـى السمع لتلقي الإذن) عنقاء (بحر طامس وبحر غاطس).
قوله ”التسنيم مزاج طريقه“ أي ان طريقة عيسى ابن مريم هي أعلى الطرق، وتقابل في المقال السابق (الطريقة المثلى) ولا ينطبق هذا الوصف إلا على طريقة الشيخ أحمد التجانى واسمها شاهد عليها.
يقول محمد فتحا: ”إعلم ان هذه الطريقة الأحمدية التجانية تسمى أيضاً (محمدية ابراهيمية) وسميت باسماء كثيرة لأن لها من الخصائص ما ليس لغيرها. ومعــنى كونها ( محمدية) أنه أخذها عن سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم ، مشافهة يقظة لا مناماً“ الدرة الخريدة ج1 ص30.
 قوله (محمدية ابراهيمية) إشارة إلى الأنبياء (محمد) و(ابراهيم)عليهما السلام لأن اسمها (محمدية ابراهيمية حنيفية) أي أنها طريقة الأنبياء ( ملة ابراهيم حنيفا) هذا المعنى هو العام ولها معنى خاصاً.
وقال الشيخ ابراهيم الكولخي التجاني في دعاء: “واجعلـنا وارثين محمديين، ابراهيميين، سليمانيين، صديقيين، فاروقيين، عثمأنيين، علويين، تجانيين“ المصدر: جواهر الرسائل، لجامعه أحمد أبي الفتح.
فالسلسلة المذكورة هنا، هي سلسلة أقطاب الطريقة التجانية. وسليمان المذكــور هنا، هو سليمان المهدي التجاني، وليس سليمان بن داؤود، لأن ذلك وراثته لا تنبغي للشيـخ ابراهيم الكولخي ولا لأحد غيره لقوله تعالى: “وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي“ سورة ص الآية 35. ولما كان موقع وترتيب سليمان هذا فوق الصديق، فهو الذي قصده ابن عربي في قوله: ”جعلناه فوق الصديق“ – عنقاء (بحر طامس وبحر غاطس).
وقوله: “من الصادق المصدوق محاذيا له من جهة الأذن، قد القى السمع لتلقي الإذن” شرح لقوله “فما أخذه من نوره عن مشكاة النبوة أكبر ممن أخذه من مشكاة الصديقية“ – عنقـاء (بحر طامس وبحر غاطس). ولهذا جاء ترتيب سليمان المهدي التجاني، فوق رتبة الصديق. لأن المهـــدي التجاني يأخذ إذنه من الرسول صلى الله عليه وسلم  فقد جاء في الياقوتة الفريدة:

فياخذها المهدي عند ظهوره  *  لدا من له الاذن الصحيح بطيبة

أورد محمد فتحا في الدرة الخريدة: “وأما الذي وقع له النهي عن افشاء أمره بعد اطلاعه على حاله هو الذي يظهره الله سلطأناً عدلا في الأمة وهو غير الإمام المنتـظر، لأن المنتظر غير قطب“ الدرة الخريدة ج1 ص39.
أقول: وواضح من كلام صاحب الدرة الخريدة أن التعريف وقع لابن عربي بختم الأولياء الذي يظهره الله سلطأنا لهذه الأمة هو عيسى ابن مريم بلا ريب وهو المهدي التجاني صاحب سر الطريقة أما المنتظر الذي يعتقد التجانيون (خطأَ) أنه المهدي التجاني فهو غير قطب فلا يحمل سر الطريقة أصلاً، لأنه لا يأخذ الإذن من الرسول صلى الله عليه وسلم بلا واسطة إلا من كان قطباً.
وأن المهدي الذى يأخذ الطريقة التجانية بإذن الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة هو القطب وهو عيسى ابن مريم.
وعن ابن سيرين قيل له: “المهدي خير أو أبو بكر أو عمر رضي الله عنهما؟ فقال: ”هو خير منهما ويــعدل نبي” أخرجه نعيم – المصدر: د. عد العليم ج 2 ص 176 حديث رقم 108 – ( 154).
ومما لا شك فيه، لا مهدي يعدل نبي إلا أن يكون عيسى ابن مريم المهدي. وأنه يأخذ الطريقة من الرسول صلى الله عليه وسلم بالكيفية التي تلقاها منه الشيخ أحمد التجاني، المذكورة في الدرة الخريدة ج 1 ص 30. ويأخذها عيسى المهدي كما بينها ابن عربي في قوله: “ألقى السمع لتلقي الإذن“ عنقاء (بحر طامس وبحر غاطس) فالمهدي التجاني من هذا العرض هو عيسى ابن مريم.


فصل

                ختم الــــولاية

يقول ابن عربي: ”والشمس اليقينية قد قبلت يده مثلي ولحظتها وقال الختم هي من أهلي، ثم نازعني الحديث … ويقول ردني برداء الكتم، فإني أنا الختم لا ولي بعدي، ولا حامل لعهدي، بفقدي تذهب الدول، وتلحق الأخريات بالأول) عنقاء (بحر طامس وبحر غاطس).
قوله “والشمس اليقينية) المقصود بها عيسى ابن مريم وقوله  “وقال الـختم“ هو الشيخ أحمد التجاني. “هي“ أي الشمس اليقينية المتمثلة في ذات المسيح، قال الشيخ أحمد التجاني. “هي من أهلي” أي من أهل طريقتي.
وقوله “ردني برداء الكتم فإني أنا الختم" أي ان عيسى هو الكتم والختم في آن واحد. وهاتان الصفتان تجتمعان أيضاً في الشيخ أحمد التجاني. وهذا هو شاهد المماثلة بينهما. ولهذا جمعتهما طريقة واحدة.
وجاء في مدح التجاني ومدح عيسى ابن مريم ما يلي:-
بالختم والمكتوم سمي عندهم  *  لـخـتم ولايـة وكتمان رتبة
به ختم المولى كمـال ولاية   *  كما ختمت رأسا بروح و كلمة
سينزل خاتما ظهـور ولاية    *  فـلـيس ولـيا بعده بالمشيئة
قال في الشرح:
“إن حقيقة هذا القطب المكتوم، محجوبة عن الجميع، لم يرها أحد منهم، أي من الأقطاب. فهذا الشيخ الأكبر بجلاله، يعني الحاتمي رضي الله عنه بحث على معرفة هذا القطب، ما اسمه وما قبيلته، وما موضعه وما وقته فلم يطلعه الله على شيء من أحواله  فسلم الأمر لله تعالى وترك. وأما الذي وقع له النهي عن افشاء أمره، بعد أن أطلعه على حاله، هو الذي يظهره الله سلطأنا عدلا في الأمة، وهو غير الإمام المنتظر لأن الإمام المنتظر غير قطب. فلما نهى عنه، سماه مكتوما من عند نفسه. وأما المكتوم الأكبر، فسماه سيد الوجود صلى الله عليه وسلم، لأن مقامه مكتوم عن جميع الخلق فلم يطلع عليه أحد“ محمد فتحا – الدرة الخريدة ج1 ص 39.
قوله ”الإمام المنتظر“ يقصد به المهدي غير عيسى، بشاهد أنه غير قطب، إذ لايمكن أن يكون عيسى ابن مريم غير قطب. وبما إنه أقر أن القطب الذي رآه ابن عربي وأمر بكتمانه غير الختم التجاني فإنه ينفي أن يكون هو الإمام المنتظر، بكون الختم والكتم الذي رآه ابن عربي وكوشف بمقامه هو عيسى ابن مريم، وهو الختم والكتم عند ابن عربي خاصةً.
أما المنتظر غير القطب الذي ذكره محمد فتحاً في (الدرة الخريدة) إنما هو المهدي المنتظر الذي ذكره الدكتور عبد العليم عبد العظيم البستوى في كتابه المسمى (المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة) قال ص383: “ويمكن أن نلاحظ في سبيل ذلك أمور تبينت لي من خلال دراستي هذه الفكرة كما يلي:-
(1)       لم أجد أي دليل في السنة الثابتة على أن المهدي يدعو الناس إلى الإيمان بمهديته.
(2)       لم أجد أي دليل صحيح على أنه يجب على المسلمين أن يؤمنوا بمهديتة رجل معين كما يجب عليهم الإيمان بنبوة الأنبياء المعينين.
ومثال ذلك اننا نعرف من السنة الصحيحة أن الله يبعث على كل رأس مائة سنة من يجدد للمسلمين أمر دينهم. ولكن مع ذلك لا أعرف أحداً من العلماء يرى أنه يجب على الناس الإيمان بمجددية أشخاص معينين والأمر لا يعدو أن يكون المهدي واحداً من أولئك الذين يحيون شريعة الإسلام.
(3)       لاحاجه لمن يريد أن يخدم الإسلام ويرفع رايته إيماناً واحتساباً أن يورط نفسه في مثل هذه الدعاوي فإنه يستطيع أن يخدم دين الله بجهوده المخلصة إذا وفقه الله بدون هذه الدعاوي وأجره على الله وان الله لا يضيع أجر المحسنين.
(4)       كما إن المسلمين ليسوا في حاجه إلى معرفة المهدي بالذات بل يجب عليهم أن ينصروا الحق والعدل أياً كان مصدره وليس هذا الأمر خاصاُ بالمهدي دون غيره.
(5)       ان الأحاديث الثابتة في الباب لا تثبت أن المبشر به يلقب نفسه بالمهدي أو إنه يخاطب بالمهدي ولذلك فمن الممكن جداً أن تكون الكلمة أريد بها معناها اللغوي أي إنه يكون رجلاً صالحاً هداه الله إلى الحق كما ورد في بعض الروايات “وإمامهم رجل صالح“.
وعلى هذا فلا يمكن الجزم بالمراد الحقيقي من هذه الأحاديث إلا بعد ظهور بعض العلامات التي لا يمكن أن تتكرر كخروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام، فكل من يدعي لنفسه المهدوية أو يوافق على ذلك فإن دعواه خير دليل على كذبه وتنم عن نواياه السيئة فمن سولت له نفسه أو سول له شيطأنه، أن يدعي هذه الدعوى فعليه أن يخرج الدجال وينزل عيسى ابن مريم من السماء وإلا فهو كذاب أفاك“. المصدر المهدي المنتظر للدكتور عبد العليم عبد العظيم ص 383 -384.
التعليق:
جاء في التعريف بكتاب الدكتور عبد العليم: ”من أراد أن يقف على التحقيق المعتبر بشأن المهدي المنتظر فيمكنه ذلك بالاطلاع على الرسالة التي أعدها الشيخ عبد العليم عبد العظيم البستوي ونال بها درجة الماجستير من قسم الدراسات العليا من جامعة الملك عبد العزيز بمكة . . . وتكلم فيها في موضوع المهدي من مختلف الجوأنب مما جعلها بحق فيما أعلم أفضل وأوسع مرجع يرجع إليه في هذه المسألة“ ص5.
أقول: إن الاعتقاد الذي خرج به الدكتور عبد العليم من هذا البحث الذي لخصه في النقاط السابقة وهذا الثناء الذي لقيه حتى نال درجة الماجستير لهو بحق وحقيقة مصيبة هذه الأمة التي جرها عليها علماؤها لأن ذلك يخالف النصوص الصريحة من الكتاب والسنة التي تأمر الأمة باتباع خلفائها والمهدي المنتظر أخص هؤلاء الأئمة على الاطلاق بالإتباع وإليكم أمثلة على ذلك:
أورد الدكتور عبد العليم في كتابه (المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث الصحيحة):
 عن عبد الله وهو ابن مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أقبلت الرايات السود من خراسأن فأتوهـا فإن فيها خليفة الله المهدي“ حديث رقم 2 ص 158. وعلق عليه ص 162 وقال: صالح للاستشهاد.
أقول: قوله “فأتوها“ أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع المهدي.
وأيضاً أورد الدكتور عبد العليم أمراً من النبى صلى الله عليه وسلم باتباع الخلفاء الراشدين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين“ ص26.
أقول: قوله صلى الله عليه وسلم “عليكم“ فيه أمر للأمة باتباع الخلفاء المهديين وأخطر ما في هذا الكتاب ما أورد الدكتور عبد العليم حين قال في الفقرة الخامسة.
“إننا نعرف من السنة الصحيحة أن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد للمسلمين أمر دينهم ولكن مع ذلك لا أعرف أحداً من العلماء يرى أنه يجب على الناس الإيمان بمجددية أشخاص معينين“.
أقول: هذه دعوة صريحة لمخالفة كلام صريح لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومخالفه الله لأن نص الحديث يقول: “إن الله يبعث“وأن العلماء لا يتقيدون بالإيمان بهذا المبعوث من قبل الله وعدم الإيمان به هو سبب مخالفته لأنهم يعتبرون تعليمات المهدي غير ملزمة لهم، ومن هنا نشأت فرق الضلال لأن العلماء ابتدعوا مخالفة المهديين لعدم تمسكهم والتزامهم باتباع سننهم، لقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب سره من الصحابة حذيفة بن إليمان ألا يكتفي ببيعة الرسول صلى الله عليه وسلم من بعده بل قال له بصيغة الأمر “تلزم جماعة المسلمين وإمامهم“ رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: “أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة“ رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.
إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الأمة بالتمسك بسنة الخلفاء المهديين إلى درجة المبالغة بالعض عليها بالنواجذ وهي (الأنياب أو الأضراس) والعلماء يحدثون البدعة بعدم الالتزام بسنة الخلفاء المهديين فكانت فرقة المجدد وجماعته هي الفرقة الناجية، أما باقي الأمة الذين لا يتقيدون بإمام معين لا شك أنهم سوف تتشعب عليهم الطرق وتختلف بهم الآراء ويفترقوا تبعاً لذلك قال صلى الله عليه وسلم: “من أطاعني فقد أطاع الله ومن يعصيني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصي الأمير فقد عصأني“ رواه مسلم. فالأمير هو مهدي زمأنه قد جاء في الحديث السابق “وإن تأمر عليكم عبد“ وفي رواية أخـرى “وإن تأمر عليكم عبد حبشي“.
أقول: إن المعلوم من الشريعة أنه لا تصح أمارة العبد لغةً لأن العبد لغة هو المملوك فلا تصح إمامته مطلقاً ولكن المقصود بكلمـة (عبد) هنا المعنى الشرعي، فالعبد شرعاً هو خليفة الله ومجدد قرنه وإمام وقته وقطب زمانه وقوله: “عبد حبشي“ إن صاحب الوقت يكون في الحبشة أي السودان وهو المنتظر القطب وهو المهدي التجاني وهو عيسى ابن مريم خاتم المهديين والخلافة مطلقاً قال صلى الله عليه وسلم: “ثم يجئ عيسى ابن مريم من قبل المغرب مصدقاً بمحمد وعلى ملته فيقتل الدجال ثم إنما  هو قيام الساعة“ رواه أحمد. وقال تعالى : “وَأنهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ“ وبناءاً على هذه النصوص من الكتاب والسنة فإن عيسى ابن مريم هو آخر الخلفاء الأقطاب في هذه الأمة وخاتم الأولياء عامة.
ويواصل محمد فتحا في شرحه للأبيات:
(سينزل خاتماً ظهور ولاية ...) فيقول: “إن لهذه الأمة خاتمين جامعين لكل رتبة ومقام وارث ولاية بأحدية جمعها، وتنوع وحدتها  حتى تستغرق كل نعمة ووصف امدادا واستمدادا، أحدياً كان أو أحمدياً بسر تنزله وإحاطته بعلومه المطلقة والمقيدة، وما هو  خصيص به أصلاً وفرعاً، حكماً وعيناً، سعة وضيقا قيدا وإطلاقا، حتى إن كل ولي كان أو يكون إنما يأخذ من هذين الختمين، الذين يكون أحدهما خاتم ولاية الخصوص والآخر  يختم به الولاية العامـة  فلا ولي بعده إلى قيام الساعة” محمد فتحا – الدرة الخريدة. ج1 ص45.
ويقصد بالخاتمين، الشيخ أحمد التجاني رضي لله عنه مكتوم الختمية، أما عيسى فهو معلوم الختمية كما في الأبيات السابقة. ولكن سبب الكتمية أن الله أطلع ابن عربي على اسمه (سليمان) وأطلعه على بلـده (ملتقى البحرين) وأمره بكتمأن ذلك، فسماه مكتوما من عند نفسه. فيكون بذلك للأمة ختمأن هما (سليمان) المسيح المهدي، وأحمد التجاني، وكتمان أيضا، هما سليمان وأحمد التجاني.
ولما كان عيسى ابن مريم هو المهدي التجاني، فإن فيضة الشيخ أحمد التجاني تعم على يديه. قال الشيخ ابراهيم الكولخي رضي الله عنه:
فيأتي مسيح والــرجال رجاله * بـديـن الإمام الهاشمي يتدين
هنالك عم الفيض لا شك لن ترى*سوى عارفي بالله والشرع متقن
فيختم عيسى لا تكـون ولايـة * بعيد ممات الروح فالخير يدفن
فان لم يكن من يذكر الله زلزلت *زلازل سـاعات ونادى الـمؤذن
المصدر: ديوأن شفاء الأسقام – للكولخي.



فصل

               وقتــــــــه

يقول ابن عربي: “وان الختم الذي يحمل لواء الولاية، يكون المنتهى للمقام والغاية، وأنه كان ختما لا يعرف وكان له الأمر لا يرد و لا يصرف، في روحانية متجسدة، وفردانية متعددة ... فيصير من كان نبيا عندما بعث صلى الله عليه وسلم وليا، بحسن الاستماع، وحكم الاتباع، والتحق بالطاعة وكان من بعض أطوار القيامة” عنقاء (نكتة تمام الأنبياء في تعيين ختم الأولياء).
صدر الكلام سبق أن عرضناه، والمهم عندنا هنا قوله “وكان من بعض أطوار القيامة” وهوعيسى ابن مريم، وهو أحد أشراطها.
عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لقيت ليلة أسري بي ابراهيم وموسى وعيسى، قال: فتذاكروا أمر الساعة، فردوا أمرهم إلى ابراهيم فقال: لا علم لي بها، فردوا الأمر إلى موسى فقال:لا علم لي بها. فردوا الأمر إلى عيسى فقال: أما وجبتها فلا يعلمها أحد إلا الله تعالى. ذلك وفيما عهد إلي ربي عز وجل أن الدجال خارج. فقال: ومعي قضيبأن، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص، قال: فيهلكه الله، حتى إن الحجر والشجر ليقول: يا مسلم إن تحتي كافرا، فتعال فاقتله، قال: فيهلكهم الله تعالى“  رواه أحمد. المصدر: التصريح. حديث رقم 14 ص 158.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أرأني الليلة عند الكعبة، في المنام، فإذا برجل آدم كأحسن ما ترى من آدم الرجال، تضرب لمته بين منكبيه، رجل الشعر يقطر ماء، واضعا يديه على منكبي رجلين وهو بينهما يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ قالوا المسيح ابن مريم، ثم رأيت رجلا وراءه جعدا قطـطا أعـور العين اليمنى يطوف بالبيت فقلت: من هذا؟ قالوا: المسيح الدجال“ المصدر: صحيح البخاري ج 4 ص203.
فقد أورد حديث ابن مسعود علامة لخروج عيسى، هي خروج الدجال، وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام، الدجال يطوف بالكعبة. وقد تحقق طواف الدجال بالبيت، بتعبير الرؤيا، بطواف رجال الأمن الأمريكيين مع الحجيج للتجسس عليهم عام 1422هـ الموافق 2002م. وطوافهم هذا دلالة على توقيت ظهور المسيح المهدي مجدد القرن الخامس عشر الهجرى.
وقد سبق لي أن قمت بزيارة للشيخ أحمد علي أبي الفتح في مدينة (ميدوقرى) عاصمة ولاية (برنو  النيجيرية) عام 1400 هـ في أيام احتفالات المسلمين بعيد المولد النبوي الشريف. وكان حديث الناس عن المهدي، لأنهم يتوقعون ظهوره مجددا للقرن الخامس عشر الهجري. وكانوا يقولون أن الشيخ ابراهيم الكولخي آخر الأقطاب التجانيين. سُئل عن المهدي فقال: "في جيبي". وسئل عن عيسى فقال: (معي) أو العكس. وأنا كنت أعلم من قبل بأني المهدي، ولكن الأمر مكتوم عندي. وكان رفيقي في تلك الرحلة، المقدم في الطريقة التجانية يومئذ (عليو أحمد طه) وسأله أهله وسكان قريته (مرجو) عن الإمام الخميني، إذ يرى فيه البعض أنه مجـدد القرن. فرد عليهم بقوله: (إن كان من العجم، فهو عيسى، وإن كان من العرب، فهو المهدي) وحول السؤال إلي، وسألني عن نسـب الإمام الخميني، فقلت: (أنا لا أعرف نسبه، ولكن التقيت به في رؤيا منامية، وسألته عن نسبه فقال لي: صلتي بأهل البيت من جهة الأم“. وكان ذلك في مارس 1980 م، ربيع الثأني 1400 هـ.
تعليق:
في كلامه أي (عليو أحمد طه) إقرار بأن المسيح عيسى ابن مريم فرد يولد في هذه الأمة، وأن هذا زمان خروجه.
ومما يقول أؤلئك القوم ويرددونه أن الشيخ ابراهيم الكولخي قال: “أنه ربى المهدي بظهر الغيب ولم يجتمع به، وأن المهدي في العشرينــات من العمر“. ولما كأنت وفاة الشيخ الكولخي عام 1975م، فإنهم كانوا على يقين تام أن المهدي موجود بين ظهراني الخلق، لأن الشيخ ابراهيم الكولخي الذي رباه قد انتقل إلى الآخرة وأنه حامل لواءه بعده، فالأقطاب الأبدال لا يموت أحد قبل أن يخلفه قطب آخر.
وكلام الناس عن الشيخ ابراهيم الكولخي في تربية المهدي واستخلافه، موثق في ديوانه الذي يقول فيه:
اني وان كنت الأخير  زمانه * لأرجو بشارات الأمين لصحبه
فالشيخ الكولخي ذكر صراحة بأنه آخر الأقطاب الأغواث ولم يبق بعده إلا عيسى ابن مريم القطب الغوث، وهو البشارة التي وعد بها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بعد موقعة مؤتة. قال صلى الله عليه وسلم:  ”ليجدن عيسى ابن مريم في أمتي خلفاً من حواريه“.
قال الشيخ الكولخي:
سيأتي زمان لا يزال وأمتي  * وما قال في عيسى سلو لحزبه
ونجد شرح هذا البيت في قصيدة له، يقول فيها: 
أرجي لقاء المهدي عونا ومرشدا * له كل وقت من رضاي مجاله
فتمسي النصارى كالجليد تشعشعت* عليـه ذكاء كلهم ضاق حاله

وهذا المهدي الذي رباه الشيخ الكولخي  بظهر الغيب هو عيسى ابن مريم، بشاهد قوله:-
  وأهدي الإمام المهدي الختم مرشدا * له كل وقت في مجال ومرقد
وقال في قصيدة أخرى:
ويختم عيسى لا تكون ولاية   *    بعيد ممات الروح فالخير يدفن
ولما كان انتقال سر الخلافة الربانية ينقل على قاعدة الخلفاء الأبدال “ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكأنه آخر“ فإن عيسى ابن مريم هو خليفة الشيخ ابراهيم الكولخي، بلا فاصل زمني.
وقد انتقل إلي سر الخلافـة عام 1975م، وأنـا بمدينة (الدلنج) في نفس العام الذي توفي فيه الشيخ الكولخي. ولما كنت من مواليد عام 1946م وفي رواية عام1948م، فإنى ورثت الخلافة الربأنية من الشيخ الكولخي بلا فاصل زمني، وكنت وقتها في التاسعة والعشرين من العمر. ولهذا العمر شاهد من السُنة.
فقد ذكر سعيد أيوب تقول جين داكسون عن القائد المسلم المهدي المنتظر: “عندما يبلغ التاسعة والعشرين أو الثلاثين، يعلن عن نفسه للعالم كله“ آخر ساعة، وفي حديث للنبي صلى الله عليه وسلم : “ يبعث بين الثلاثين والأربعين“. الحاوي ص 239. ثم قالت جين داكسـون: “ويقوم هذا الشاب بنشر دعوته وتعاليم دينه، وإن عقيدته لن تكون هي المسيحية، بل نوع آخر من التوحيد، يقوم على قوة الله العليا“. المصدر: المسيح الدجال في أصول الديأنات الكبرى ص161 بالهامش.
وخلاصة تلك المعأني تفيد بأن المسيح المهدي يدين بالإسلام، وهو النوع الآخر من التوحيد، غير المسيحية.



فصل

               مــوتـه

قال ابن عربي: “فمن جاءه أجله المسمى، ولم تغفر حوبته، فقد أغلق باب توبته، وطلعت شمسه من المغرب. ولا ينفعه إيمان ذلك الوقت مالم يكن آمن، وهو قوي مستبصر. فإن الله تعالى يقبل توبة العبد مالم يغرغر“. عنقاء (نكتة الشرف في غرف من فوقها غرف). والمقصود بطلوع الشمس من المغرب خروج الروح و مفارقتها للجسد بالموت.
وفي هذا بيان لقوله تعالى: “ وَأن مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ“ النساء159.
وورد في الأثر، 10/85 عن الحسن مرسلاً، إن رجلاً سأل عن قوله تعـالى: ”وَأن مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ“ قال: (قبل موت عيسى). المصدر: التصريح ص284.


فصل

             حـشـره

قال ابن عربي: “ولما صح أن الختم متقدم الجماعة يوم القيامة، ثبت أن له حشرين، وأنه صاحب الختمين ويشركه ذو الأجنحة في حشريه“. عنقاء (بحر طامس وبحر غاطس).
قال الشيخ أحمد التجاني: “لذلك يكون له - عيسى ابن مريم – يوم القيامة حشران تابعا ومتبوعا، لأن نبينا صلى الله عليه وسلم ختم نبوة التشريع، فلا نبي بعده مستقلا“. الدرة الخريدة  ص45.
وقوله “أنه صاحب الختمين“ لأنه خاتم الولاية (الخاصة) الباطنية وخاتم الولاية (العامة) بظاهر التشريع، وإقامة دولة العز.
وقوله “يشركه ذو الأجنحة في حشريه“ وذو الأجنحة هو جبريل عليه السلام. فهو مصاحب لعيسى بن مريم في قرني إمامته في زمن النبوة وزمن الهداية، إشارة إلى قوله تعالى: “إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا“.المائدة 110.

وورد في الأثر عن أبى زيد قال في قولـه تعالى: “ َيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ“. قال: “قد كلمهم عيسى عليه السلام في المهد، وسيكلمهم إذا قتل الدجال وهو يومئذ كهلا“ أخرجه ابن جرير كما في الدر المنثور. المصدر: التصريح الأثر ص291.
وروح القدس هو جبريل عليه السلام، وهو ذو الأجنحة، الذي يصحب خاتم الولاية في حشريه الأول نبياً في بني إسرائيل، والآخر مهدياً في أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

العلامات الدالة على ظهوره

من هذا العرض في الصفحات السابقة، تأكد تطابق علم الأصول مع علم الخصوص، في الآتي:
1)      ميلاد عيسى ابن مريم في هذه الأمة, بعد ميلاده الأول في بني إسرائيل. وشواهد ذلك من الكتاب كثــيرة، ذكرتها في نشرات سابقة، منها علي سيبل المثال، قوله تعالى في سورة البلد: “ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ“ وبينا أن المولود في هذه الآية هو عيسى ابن مريم، يلده رجل من آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ولما كان عيسى ابن مريم لا أب له على التحقيق، وإنما يلده في ظاهر التشريع رجل من أهل البيت، لذلك وُصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه والد لعيسى ابن مريم، بقوله تعالى: “ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ“.
2)     مجيء عيسى ابن مريم من قبل المغرب بنص حديث الإمام أحمد. وللمزيد من الشواهد، مارواه معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: “ستفتح بعدي جزيرة تسمى بالأندلس فتغلب عليهم أهل الكفر، فيأخذون من أموالهم وأكثر بلدهم ويسبون نساءهم وأولادهم، ويهتكون الأستار ويخربون الديار، ويرجع أكثر البلاد فيافي وقفاراً، وتنجلي أكثر الناس عن ديارهم وأموالهم، فيأخذون أكثر الجزيرة، ولا يبقي إلا أقلها. ويكون في المغرب الهرج والخوف ويستولي عليهم الجوع والغلاء وتكثر الفتنة، يأكل الناس بعضهم بعضاً فعند ذلك يخرج رجل من المغرب الأقصى من أهل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو القائم في آخر الزمان، وهو أول أشراط الساعة“. المصدر: التذكرة للقرطبي ص517.
هذا الحديث يسرد تاريخ الأمة الإسلامية منذ فتح الأندلس إلى يومنا هذا. فقد فتح المسلمون الأندلس بقيادة طارق بن زياد. ثم تغلب أهل الكفر (الأمم الأوربية) على المسلمين، ودالت عليهم الأيام  فأخرجوهم من الأندلس ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل لحقوا بالمسلمين في عقر دارهم. وذلك معنى قوله “ فيأخذون أكثر الجزيرة ولا يبقى إلا أقلها“ وهي فترة الاستعمار الأوربي للعالم العربي بعد القضاء على الخلافة الإسلامية. “ولا يبقي إلا أقلها“ وهي المملكة العربية السعودية – مكة والحجاز – التي سلمت من الاستعمار لأسباب معلومة.
أما الشق الآخر من الحديث “ويكون في المغرب الهرج والخوف ويستولي عليهم الجوع والغلاء“ فإنه يخص الأحداث بغرب السودان في ولاية دار فور. قال الدكتور التجاني مصطفي محمد صالح: “لقد أبتليت دار فور بلد المسيد والخلوة والتقابة  في أخريات أيامها، بمشكلة الصراع القبلي، وغابت الحقيقة بين دخان البندقية ودوي الرصاص، وضبابية الكثير من المنشورات والمقالات التي تظهر بين الفينة والأخرى، عن المشكل الدارفوري، في الصحف السيارة التي تصدر في الخرطوم... ولأن القضية التي يتناولها البعض بعفوية على درجة من الحساسية، ينبغي أن يتعامل معها الباحثون بحذر ومسئولية”. المصدر: د.التجاني – الصراع القبلي في دارفور ص17.
وقوله “وتكثر الفتنة“ تجلي في كتاب الصراع القبلي في دارفور كما رصده الدكتور التجاني إذ يقول: “أن هجر المواطنين لقراهم النائية، ونزوحهم إلى أطراف المدن بحثاً عن الأمن والاستقرار النفسي، يقضي على روح الإنتاج وحب العمل ورفع الهمة، والاضطرار للاعتماد على الإعانات والإغاثات الأجنبية، مما يورث الذلة والخنوع والصغار وهذا الموقف يتيح للدول المانحة للإغاثات، الفرصة السانحة كي تملي شروطها على الحكومة  ومساومتها في عقيدة ومبادئ وقيم شعبها“. المصدر: د.التجاني – الصراع القبلي في دارفور ص70.
أما المرحلة التالية، بينها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: “فعند ذلك يخرج رجل من المغرب الأقصى من أهل فاطمة“.            
وقد يرى بعض الناس أن هذا الفاطمي، هو الإمام محمد أحمد المهدي وقد مضى.
أقول: هذا ليس صحيحاً لأن محمد أحمد المهدي عاش في زمن كانت تسود فيه الخلافة العثمأنية باسم الإسلام في الجزيرة العربية أيام الأتراك العثمانيين. وأن هذا الحديث يتكلم عن فترة الاستعمار الغربي للعالم الإسلامي عقب سقوط الخلافة الإسلامية التركية واحتلال العالم النصراني واليهودي أرض الخلافة الإسلامية.
وأود أن أنبه إلى أن الخلافة الأموية والخلافة العباسية والخلافة التركية محسوبة زوراً على الخلافة الإسلامية لأنها ملكاً عضوضاً وأما خلافة الإسلام فهي خلافة على منهاج النبوة ويحييها المسيح عند عودته.
وقوله “وهو القائم في آخر الزمان وهو أول أشراط الساعة“ فإن هذا الوصف لا ينطبق إلا على عيسى ابن مريم. كونه آخر هذه الأمة قول مشهور. وعن كونه أول أشراط الساعة، فقد ورد في الأثر      

عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: “وَأنهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ“ قال: “نزول عيسى ابن مريم عليه السلام”. أخرجه ابن جرير من طرق كما في الدر المنثور. المصدر: التصريح الأثر ص 291.
3)      إن الأحداث القبلية الحالية في دارفور، من حروبات قبلية ونهب مسلح، هي شاهدة على صدق النبوة في هذا الحديث. وورد أيضاً في الأثر: ” يكون بأفريقيا أمير يلي اثني عشر عاماً وتكون بعده فتنة، ثم يلي أمير اسمر يسير إلى المهدي ويؤدي إليه الطـاعة ويقاتل عنه“. المصدر: الهيثمي في القول المختصر في علامات المهدي المنتظر.
فأمير أفريقيا الذي يلي اثني عشر عاماً هو عمر حسن أحمد البشير، إذ ولي اثني عشر عاماً، وبعدها، أي بعد العام الثاني عشر كأنت الفتنة الكبرى، التي هزت العالم بأسره وتأثر بها المسلمون في كل أرجاء المعمورة، إذ شنت عليهم حرب عالمية مسعورة، بعد أحداث 11سبتمبر 2001م.
وتأثر السودان بصفة خاصة بأحداث هذه الفتنة، فتدخلت أمريكا بصورة مباشرة في شئون السودان، وتم تدويل التراب السوداني واقتطاع جبال النوبة من السيادة السودانية ووضعت تحت (الأنتداب الأمريكي) حتى كتبت إحدى الصحف السودانية، فقالت: (نحن الآن في عهد دانفورث) أي بعبارة أخرى، لقد انتهي عهد الإنقاذ وجاء عهد دانفورث الأمريكي والتدخل الأجنبي في السودان.
ولا أدري كم تستمر مدة الفتنة، ومتى يستيقظ أهل السودان لاحتوائها. ولكن الأمير بعدها سيكون هو عيسى ابن مريم – أمير أفريقيا الأسمر سليمان أبو القاسم – الذي يسير لمناصرة المهدي المحاصر ( صدام حسين) في المنارة البيضاء (بغداد) الذي يحاصره الدجال الأمريكي – البريطأني، اليهودي الصهيوني.

صفات القطب الاصطفائية

تعريف مقام القطبانية:
قال العربي بن السائح: “كلام شيخنـا رضــي الله عنه – يعني التجاني – : وهذا المقام المعني مقام الختم في القطبانية لم يكن إلا بحكم الإرث من النبي صلى الله عليه وسلم بعده لمن اختصه الله بذلك من الأقطاب المحمديين المتخلقين بالأخلاق الثلاثمائة التي من تخلق بها دخل الجنة وهم أكابر أقطاب أهل الولاية الباطنة الخاصة إذ الولاية من حيث هي على قسمين ظاهرة وباطنة. فالظاهرة لأهل التصريف الظاهرة وهي معروفة وهذه الولاية تختم على الإمام العدل المسمى المنتظر الذي يظهره الله آخر هذه الأمة حسبما هو مشهور. والباطنة لأهل التصريف الباطن وهذه الباطنة تنقسم إلى قسمين أيضاً عامة وخاصة. فالعامة من آدم إلى سيدنا عيسى عليه السلام وعليه تختم في آخر الزمان. والخاصة هي من نبينا صلى الله عليه وسلم إلى الختم الأكبر الذي يختم عليه مقامها وينتهي إليه مرامها” بغية المستفيد ص 191 – 192.
التعليق:
1) ظاهر كلام الشيخ التجاني أن القطب وُراث لخلافة النبي صلى الله عليه وسلم بتعيين من الله من ظاهر كلامـه “لمن اختصه الله بذلك” إن استخلاف المشائخ لأبنائهم أو لأحد من اتباعهم لا علاقة له بدين الإسلام  ولا بالتصوف.
2) المنتظر غير قطب لأنه صاحب ولاية عامة أى صاحب نفوذ سلطاني أى حكماً وهذا ليس هو المهدي التجاني.
3) ولما كان للولاية الباطنة ختمان أحدهما الشيخ أحمد التجاني وقد مضي وتوفي عام 1250 هـ فإن الختم الثأني صاحب الولاية الباطنية المتبقي هو عيسى ابن مريم بصريح النص السابق وهو المهدي التجاني إذ لم يعد هنالك ختم ولاية باطنية ينتظرونه غيره.
ذكر العربي بن السائح من كلام الشيخ التجاني رضي الله عنه:
“إن ما يفيضه كل قطب في زمانه من الأمداد على جميع العوالم الخلقية إنما هو بواسطته لكن لم يرها لأنها محجوبة وهو يستفيض من الحقيقة المحمدية فيما يفيضه على كل قطب مدة حياته وفيما يفيضه على العوالم الخلقية في زمانه بلا واسطة” البغية ص 197.
الشرح والتعليق:
معني كلامه أن الأقطاب لا يأخذون من فيض الرسول صلى الله عليه وسلم إلا من وراء حجاب ختم الولاية، الباطنية الخاصة الذي هو الشيخ أحمد التجاني وختم الولاية الباطنية العامة وهو عيسى ابن مريم كما ذكره صاحب الدرة الخريدة محمد فتحاً: “وفي (نص) إن لهذه الأمة خاتمين جامعين لكل رتبة ومقام وإرث بأحدية جمعها وتنوع وحدتها حتى تستغرق كل نعمه ووصف إمداد واستمداد أحدياً كان أو أحمدياً بسر تنزله وإحاطته بعلومه المطلقة والمقيده وما هو خصص به أصلاً وفرعاً، حكماً وعيناً، سعة وضيقاً، قيداً وإطلاقاً حتى إن كل ولي كان أو يكون إنما يأخذ من هذين الختمين الذي يكون أحدهما خاتم ولاية الخصوص والآخر بختم الولاية العامة فلا ولي بعده إلى قيام الساعة“. المصدر الدرة الخريدة ص 45.
التعليق:
أود أن أوجه غرور مريدي الطريقة التجانية ان الشيخ أحمد التجاني بما أورده العربي بن السائح في البغية ص 197 إن الشيخ التجاني لا يمد التجانيين بعد وفاته و إنما الشـــيخ التجاني يمد قطب كل زمان وهذا القطب بدوره يمد الأولياء، فعليهم اتباع قطب كل زمان عاشوا فيه وإلا كان قطعهم عن الشيخ أحمد التجاني محتماً وكذلك الحال مع أصـحاب الشيخ إبراهيم الكولخي بعد وفاته وهذه القاعدة تسري على كل أصـــحاب الطرق الصوفية الأخرى فالشيخ عبد القادر الجيلأني والشيخ السمان لا يمدأن أحداً اليوم فمددهما انقطع من تاريخ وفاتهما. فمن يتمسك بهم لاحــظ له في الدين مطلقاً، وإنما التمسك بقطب كل زمان يعيش فيه المؤمن، وبعد وفاته يسلك طـريق القطب الجديد وهذا هو منهج الطرق الصوفية الذي يطابق منهج السنة في مبايعة الإمام.
أورد العربي بن السائح عن الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه قال: “إن مقام القطبانية أجل المقامات وإن صاحبه في كل زمان هو الجامع لما للأولياء والعارفين في ذلك الزمان من الأحوال والأسرار والكرامات“ بغية المستفيد ص 191 أجاب الشيخ أحمد التجاني عن مقام القطب فقـال: “أورثه الله التجلي الكامل المحيط بالتجليات كلها وأورثه الاسم الأعظم بجميع احاطته وأورثه المدد من النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة وأورثه مدد جميع الأولياء يكون على يده” البغية ص 190.
فكل من يدعي الولاية أو المشيخة ولم يأخذ من قطب زمانه فهو ضال ومضل. 
قال الشيخ أحمد التجاني: “القطبانية هي الخلافة العظمى عن الحق تبارك وتعالى مطلقاً في جميع الوجوه جملة وتفصيلاً حيثما كان الرب إلها كان هو خليفة في تصــريف الحكم وتنفيذه في كل من عليه الوهية لله تعالى، ثم قيامه بالبرزخية العظمي بين الحـق والخلق فلا يصل إلى الخلق شيء كائنا ما كان من الحق إلا بحكم القطب وتوليه نيــابة عن الحق في ذلك وتوصيله كل قسمة إلى محلها ثم قيامه في الوجود بروحانيـة في كل ذرة من ذرات الوجود جملة وتفصيلاً فترى الكون كله أشباحا لا حركة لها وإنمــا هو الروح القائم فيها جملة وتفصيلاً وقيامه فيها وفي أرواحها وأشباحها ثم تصرفه في مراتب الأولياء فيذوق مختلف أذواقهم فلا تكن مرتبة في الوجود للعارفين والأولياء خارجة عن ذوقه هوالمتصرف في جميعها والممد لأربابها وله الاختصاص بالسر المكتوم الذي لا مطمع لأحد في دركـــه والسلام“ بغيـة المستفيد ص 189.
التعليق:
1)    عيسى ابن مريم هو أخص الأولياء بهذا المقام بقوله (هو الروح القائم فيها) لأنه هو روح الله والأحق بهذه الخلافة.
2)    وأي مقدم لا يأخذ عن قطب زمانه لاحظ له في الولاية وما يدعيه من التقديم هو لإضلال مريديه بسبب أهوائه الشيطانية لأنه لم يبايع إمام وقته ولم يأخذ الإذن عنه في التقديم والتربية لأن تربية الأفراد من شئون القطب  صاحب الوقت.
قال الشيخ محي الدين رضي الله عنه:  “وقد جرت السنة الإلهية في القطب إذا ولي المقام أن يقوم في مجلس من مجالس القربة والتمكين وينصب له فيه تخت عظيم لو نظر الخلق إلى بهائه لطاشت عقولهم فيقعد عليه ويقف بين يديه الإمامان ويمد يده للمبايعة وتؤمر الأرواح الملكية والجن والبـــشر الروحاني بمبايعته واحداُ بعد واحد ولا يبايعه إلا الأرواح المطهرة المقربة ومن جمـــلة المبايعين له النباتات“ بغية المستفيد ص 187 – 188.


صفات القطب الخلقية:

قال العربي بن السائح: “ومن صفاته عند الشيخ محي الدين: إنه المنعوت بمعاني جميع الأسماء تخلقاً وتحققاً. وإن الغالب عليه الخفاء. حاله العبودية والافتقار يقبح القبيح ويحسن الحسن. إنه لا يرى من الأشياء إلا وجه الحق فيها يضع الأسباب ويقيـمها ويدل عليها ويجري بحكمها وينزل إليها حتى تحكم فيه وتؤثر فيه. إن كان ذا دنيا تصـرف فيها تصرف عبد في ملك سيد كريم وإن لم يكن له دنيا وكان على ما يفتح الله لم تستـشرق له نفسه بل يقصد بنفسه عند الحاجة بيت صديق يعرض عليه حاجة طبيعته كالشـفيع لها عنده فيتناول لها منه قدر ما تحتاج إليه وينصرف، لا يجلس عند حاجته إلا لضرورة فإذا لم يجد لجأ إلى الله في حاجة طبيعته لأنه مسئول عنها لكونه والياً عليها ثم ينتظر الإجابة من الله فيما سأله فإن شاء أعطاه ما سأل عاجلاً أو آجلاً فمرتبة الإلحاح في السؤال في الشفاعة في حق طبيعته بخلاف أصحاب الأحوال فإن الأشياء تكون عن هممهم وطرحهم الأسباب عن نفوسهم فهم ربانيون والقطب منزه عن الحال ثابت في العلم مشهور فيه. لا تطــوى له أرض ولا يمشي في الهواء ولا على ماء ولا يأكل من غير سبب ولا يطرأ عليه شـيء من خرق العوائد مما ذكرنا إلا نادراً لأمر يؤيده الحق فيفعله ولا يكون ذلك مطلوباً للقطب. يجوع اضطرارا لا اختياراً ويصبر على النكاح لعدم الطول” بغية المستفيد ص 188.
التعليق:
إن هذا الوصف المتقدم عُنيت به خصيصاً: دون سائر الأقطاب لأن كل ذلك ينطبق عليٌ بصورة دقيقة يعرف ذلك كل من كان يعرفني معرفة لصيقة.
ولكن أذكر بعضاً منها لمَن لم تكن له معرفة بشخصي وحياتي:
1)    قوله "يضع الأسباب ... إلى قوله... حتى تحكم فيه وتؤثر فيه" لقد دخلت السجن عام 1981 م بلا سبب مني وأعلنت الدعوة من داخل السجن. وسجنت بسبب الدعوة ثلاث مرات في عهد الأنقاذ في الأعوام 1995، 1996، 1998 م. 
2)    وقوله (لا يأكل من غير سبب) لقد كنت أتكسب من عمل يدي بحرث الأرض في (عِدْ جلحه) فتوجه إلى ماحي بن عبد الله بن محمد ديداي الناعمي وأحد أعمامه يطلبان مبايعتي فلقيا عبد الرحمن بن محمد الفارسي ابن رحمة الله أبوالزين (الزبراجي) وكان من أشد الناس تكذيباً بدعوتي فقال له ماحي: دلنا على منزل الشيخ سليمان أبو القاسم  فقال عبد الرحمن بسخرية: أتقصد النبي؟ فرد عليه ماحي متحدياً : أقصد النبي.
قال عبد الرحمن متهكماً : وهل النبي يحرث.
رد ماحي بثقة وإصرار: النبي يحرث وأيضاً يسرح.
وقوله يسرح يقصد أن سيدنا موسي النبي كان يرعى غنم شعيب عليهما السلام.

تنبيه:
لقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مهنتـي فقـال: “ يخرج رجل من وراء النهر يقال له الحارث حراث (الحارث بن حراث) على مقدمته رجل يقال له منصور يوطئ أو يمكن لآل محمد صلى الله عليه وسلم كما مكنت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجب على كل مؤمن نصره أو قال (إجابته) “  رواه أبو داود والنسائي والبيهقي  - المصدر عقد الدرر في أخبار المنتظر وهو المهدي حديث رقم 205 ص198.
  قال الشارح بالهامش: (الحارث إسم له وحراث صفه له أي زارع).
أقول:  قوله “وراء النهر“ النهر هنا هو النيل ووراءه  يعني غرب نهر النيل: قياساً من موقـع رسول الله صلى الله عليـه وسلـم في (الجزيرة العربية) شرق النيل وعلى ذلك فإن الحديث يتكلم عن الموقع الذي أزرع فيه وفي هذا الحديث أمر صريح من رسول الله للمؤمنين بنصرتي وإجابتي.

مقام أصحاب المسيح

قال الشيخ محي الدين الحاتمي: “والصنف الثالث: رجال لا يزيدون على الصلوات الخمس إلا الرواتب ولا يتميزون على المؤمنين المؤدين فرائض الله بحالة زائدة يعرفون بها يمشون في الأسواق ويتكلمون مع الناس لا يبصر أحد من خلق لله تعالى واحداً منهم يتميز عن العامة بشيء زائد على عمل مفروض أو سنة معتادة في العامة قد انفردوا مع الله راسخين لا يتزلزلون عن عبوديتهم مع الله طرفة عين ولا يعرفون للرئاسة طمعاً لاستيلاء الربوبية على قلوبهم ... هم أرفع الرجال مقاماً وتلامذتهم أكبر الرجال يتقلبون في أطوار الرجولة رضي الله عنهم أجمعين ... فهم الطبقة العليا وسادات الطريقة المثلى ولهم علم الموازين وأداء الحقوق. وكان سلمان الفارسي رضي الله عنه منهم بل من أجلهم قدراً) بغية المستفيد ص 71.


التعليق:
هذا الوصف لا ينطبق بصورة واضحة ودقيقة إلا على عيسى ابن مريم وأصحابه وشواهد السنة على ذلك كثيرة منها: قال صلى الله عليه وسلم: “والذي بعثنى بالحق  نبياً ليجدن عيسى ابن مريم في أمتي خلفاً من حواريه“ التصريح حديث رقم 40. وقال أيضاً: “ ليدركن المسيح أقواماً مثلكم أو خير منكم ثلاث مرات“. الحاكم في المستدرك ج / 41.
فأصحاب المسيح في درجة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينازعهم في هذا الفضل أحد من هذه الأمة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خير أمتي أولها وآخرها أولها فيهم رسول الله وآخرها فيهم عيسى ابن مريم وبين ذلك ثبج اعوج ليس منك ولست منهم“ رواه أبو نعيم في الحليه  التصريح – حديث رقم 64.
الحديثأن السابقأن شرح لقوله تعالى: “وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَأن رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ“ التوبة الآية 100.
الشرح:
السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار: هم أصحاب رسول الله. والذين اتبعوهم بإحسان: هم أنصار المسيح إلى الله من هذه الأمة ومثل ذلك قوله تعالى: “هو الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإن كَأنوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ“ الجمعة الآية 2 - 3.
الشرح:
لقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأميين وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أول الأمة:
وأما قوله تعالى: “وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ “ هم أصحاب عيسى ابن مريم آخر الأمة.
قوله: “لا يعرفون للرئاسة طمعاً” لايعني انهم غير أصحاب رئاسة وحكم بل يقومون بذلك من باب أداء الواجب ويحكمون بالعدل بين الناس لأن الله خصهم بعلم الموازين واداء الحقوق. وقوله ( فهم الطبقة العليا وسادات الطريقة المثلى) سبق تعريفها بأنها الطريقة التجانية.
عن محمد بن حنيفة رضي الله عنه قال: كنا عند علي عليه السلام فسأله رجل عن المهدي فقال عليي رضي الله عنه: “هيهات ثم عقد بيده سبعاً فقال: ذاك يخرج في آخر الزمان إذا قال الرجل الله الله قتل فيجمع الله تعالى له قوماً قَزعُ كقَزع السحاب يؤلف الله بين قلوبهم لا يستوحشون إلى أحد ولا يفرحون بأحد يدخل منهم على عدة أصحاب بدر لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون وعلى عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر” عقد الدرر حديث رقم 110.
الشرح:
قوله: ”إذا قال الرجل الله الله قتل” هي حال المسلمين اليوم لأن كلمة الله ترهب اليهود والأمريكان فيدرج في قائمة الإرهاب.
قوله: ”فيجمع الله تعالى له قوماً قزع كقزع السحاب” هم الغرباء الذين يفرون بدينهم ويجتمعون إلى المسيح لأنهم يأتون من قبائل شتى وجهات متفرقة لا يجتمعون إلا لإعلاء كلمة الله.
وجاء في وصفهم أيضاً: عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: “ويحا للطالقان فان لله عز وجل بها كنوزاً ليست من ذهب ولا فضة ولكن بها رجال عرفوا الله حق معرفته وهم أنصار المهدي آخر الزمان” عقد الدرر – حديث رقم 187.
الشرح:
المهدي آخر الزمان هو عيسى ابن مريم بلا خلاف كمــا جاء في الحديث الصحيح “يوشك من عاش منكم أن يلقي عيسى ابن مريم إماماً مهديا” رواه أحمد, ولا مهدي بعده يتبع لقوله تعالى: “وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ” آل عمرأن الآية 55.


الإمام الحجة

1)  قول الأصوليين في الحجة:
ورد في كتاب الخلافة الإسلامية لجماعة حزب التحرير ما يلي: “اتفق الأئمة رحمهم الله تعالى على أن الإمامة فرض وإنه لابد للمسلمين من إمام يقيم شعائر الدين وينصف المظلومين من الظالمين وعلى أنه لا يجوز أن يكون للمسلمين في وقت واحد في جميع الدنيا إمامان لا متفقان ولا مختلفان“ الفقه على المذاهب الأربعة، ج5/416.
وقال الدكتور عبد العليم عبد العظيم البستوي في المهدي المنتظر ج1/286: قال الحافظ بن حجر: “وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة“.

2)  قول الصوفية في الحجة:
قال العربي بن السائح في كتابه (بغية المستفيد) ص187: وذكر الشيخ محي الدين بعد كلام في القطبانية “... الأقطاب المصطلح عليهم لا يكون منهم في الزمان إلا واحد وهو الغوث ولا يزال الأمر كذلك إلى يوم القيامة“.
وذكر أيضاً في موضع آخر في بغية المستفيـد ص192: “... إنه لتعدد من بلغ هذه الدرجة من الأقطاب بمعنى أنه يأتي على رأس كل مدة من يصل ذلك المقام كما ورد في المجدد من إنه يكون على رأس كل (مائة) سنة فيصح أن يقال لكل زمن مجدد“ مائة : ساقطة من النص.
وقال أيضاً في بغية المستفيد ص 191: “وهذا المقام أعني- مقام الختم في القطبانية لم يكن إلا بحكم الإرث من النبي صلى الله عليه وسلم“.

التعليق:
هذا الكلام واضح أن القطب وارث لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرث هذا المقام عن أبيه أو عن جده كما نلاحظ ذلك اليوم من أصحاب الطرق الصوفية.
3)  قول الشيعة في الحجة:
جاء في كتاب مؤسسة البلاغ المسمى (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل بيته) المجلد الثاني الطبعة الأولى 1414هـ ص685 مايلي: “إن الحسن ابن علي كان إماما وقد توفي وإن الأرض لا تخلو من حجة“.
وجاء أيضاً “إن الحسن بن علي حي ولم يمت وإنما غاب وهو القائم ولا يجوز أن يموت ولا ولد له ظاهر لأن الأرض لا تخلو من إمام“.
التعليق:
لقد أجمع الأصوليون والصوفية والشيعة على وجود حجة لله في الأرض وانه لا يخلو منه زمن، وانه خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وان بيعته ملزمة لكل مسلم ومسلمة ولا يصح اتباع الله واتباع رسوله إلا باتباع هذا الخليفة لأنه ولي أمر المسلمين في زمنه.
وقد جاء كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم صريحاً إذ قال: “من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية“ رواه البخارى ومسلم وأحمد. لأن الدين لا يقوم بدون هذا الإمام، وجاء كلامه صلى الله عليه وسلم صريحاً فقال : “لا يزال أمر هذا الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش“ رواه البخارى ومسلم.
ولما كان يتم اختيار هذا الخليفة باصطفاء الله واختياره لأنه خليفة لله، فإنه لا سبيل للتعرف عليه إلا أن يصدع الخليفة بأمر خلافته ووراثته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واحد في الزمان، وأما ما نراه اليوم ونسمع به من مئات الخلفاء القادرية والسمانية والتجانية والإدارسة وما إلى ذلك لهو الباطل بعينه الذي أشارت إليه الآيـة: “إن هِيَ إلا أَسْمـَاءٌ سَمَّيْتُمـُوهَا أنتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَأن“ سورة النجم الآية 23.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ لقد تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ومن يعيش منكم فسيرى اختلافا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن عبداً حبشياً فإنما المؤمن كالجمل الانف حيثما قيد انقاد“ أخرجه البخاري والترمذي وأحمد.
فأنا اليوم حجة الله على الناس ومحجته البيضاء، لا يخالفني إلا هالك.  ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
هذا وقد شهد المسلمون انه لا إمام لهم يلوذون به يدفع عنهم جبروت اليهود والأمريكان وملوكهم وامرائهم ورؤسائهم الذين أصبحوا عوناً لأعداء الله وأعداء دينه واعداء المسلمين حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت.
قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: “ ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع ببلاء أشد منه حتى تضيق عليهم الأرض الرحبة وحتى يملأ الأرض جوراً وظلماً لا يجد المؤمن ملجأ يلجأ إليه من الظلم فيبعث الله عز وجل رجلاً من عترتي فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً“ أخرجه الحاكم.
فأنا منقذ المؤمنين من هذه المحنة ولا منقذ لهم سواي واتباعي وإطاعة أمري شيء محتم على المسلمين كافة في مشارق الأرض ومغاربها وإن التمسك بطاعة الملوك والرؤساء لا تزيدكم غير تتبيب وتخسير لأنهم فقدوا حمية الإسلام والغيرة على الدين.
لقد أقمت الحجه علي الناس بدليل الكتاب والسنة واعترف لي بذلك كثير من العلماء وأقر آخرون وفي هذا غناء عن المعجزة الخـارقة للعادة يقـول تعالى: “ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ“ الرعد الآية 43. لقد شهد لي الله بالقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم بالسنة وشهد لي العلماء المعبر عنهم بقوله: ”وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ“ وفي ذلك برهان من ربكم على صدق دعوتي. ومن لم يتبعن فعليه أن يثبت أن إمامه الذي يتبعه اليوم هو حجة هذا الزمن الذي لا يخلو من حجة يقوم بأمر الله لإمامة المسلمين ومن لم يتبع الإمام مع وجوده فلا حظ له في الإسلام لأن العبادة بلا إمام لا تغني عنكم شيئاً يقول تعالى:  ”لَيْسَ الْبِرَّ أن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ“ البقرة الآية 177.



المعجزة

منذ بداية الدعوة يطالبني الناس الخاصة منهم والعامة أن آتيهم بآية كما أرسل الأولون ولا يزال الناس يطالبونني بذلك إلى اليوم واليكم ردي على ذلك:
أولاً: تعريف المعجزة:-
يمكن تعريف المعجزة بأنها كل شئ خارق للعادة وخارج عن نطاق المألوف أو البدعة غير المسبوقة من قول أو فعل يعجز الناس عن الإتيان بمثله.
ثانيا : الغرض من المعجزة:-
الهدف من المعجزة أن تميز شخص معين بخصوصية زائدة بصفة فريدة تعطيه حق التقديم على رصفائه إذا كان الأمر متعلقاً بتكليف رباني وتكون المعجزة لصاحب الدعوة بمثابة إثبات شخصية. ولما كانت دعوتي تنبني في جوهرها على حقيقة كوني أنا المسيح الموعود بالرجوع إلى الأرض بعد الرفع في بني اسرائيل فتكون الغاية من المعجزة أن أثبت للناس ذلك وقد فعلت واستنبطت من القرأن والسنة من أحكام الدين ما أعجز العلماء والدهماء عن رده وأثبت من نصوص القرأن والأحاديث الحجة التي تدل على صدق قولي مما أعجز الأمة عن نفيه في تحدٍ صريح لكل الأمة ولم استثنِ منهم أحداً وقلت لهم أن عيسى ابن مريم:
(1) يولد مرة ثانية.
(2) وفي السودان تحديداً.
(3) ومجدد القرن الخامس عشر الهجري.
(4) وهو سليمان أبو القاسم موسى وهذه بطاقة إثبات شخصية المسيح.
وأتحدى أي عالم أو فقيه أن ينفي ما أُثبت, وفي المقابل فإني أثبت لكل عالم جادلني أو ناظرني بطلان عقيدته وفساد مذهبه حتى اعترف العلماء بصدق دعوتي وأدلوا بشهادات، أذكر منها: قال قائل منهم (إن لم يكن ما يقوله سليمان أبو القاسم حق فليلتمسوا الحق في غير القران“.
وقال آخر: “حجة سليمان أبو القاسم لا ترد لأنها مؤسسة بنصوص الكتاب والسنة“.
وقال ثالث معلقاً على المناظرة التي جرت بيني وبين علماء السودان في مبنى وزارة التخطيط عام 1995م: “لا يمكن أن يجئ إنسان من الخلاء – والمقصود به سليمان أبو القاسم لأنني جئت من بادية المسيرية بغرب كردفان – ويتساقط أمامه العلماء منهم اساتذة جامعات ومنهم حملة ماجستير ومنهم حملة دكتوراة هذا شئ غير عادي ولا يمكن أن يعزى إلا لأمر ربأني“.  لقد عقدت عدة مناظرات رسمية وشعبية وكنت أقول في بداية كل مناظرة إن عيسى ابن مريم لا يعرفه أحد من أهل هذا الزمان في طابور شخصية ولا يعرف إلا من خلال القرأن والسنة،  فإن كانا حجة علي سوف أتنازل وأًتبع (بالفتح) وأن كانا حجة لي فأُطاع وأُتبع (بالضم). 
وطالب سكان نيالا الشيخ/ مصطفى عزالدين عالم أنصار السنة باتباعي بعد أن أقمت عليه الحجة في مناظرة مفتوحة في سوق نيالا عام 93/1994م. ولقد أقمت الحجة على الأستاذ/ حسن أحمد حامد الأستاذ بجامعة القرأن الكريم وعبد الجبار المبارك في مبنى وزارة التخطيط في أبريل/مايو 1995م.
وأقمت الحجة أيضاً على علماء السودان برئاسة الدكتور/ محمد عثمان صالح مدير جامعة أمدرمان الإسلامية بمستشارية التأصيل (مجمع الفقه الإسلامي) مايو 2001م.
وفى يوم 8/5/2001م كتبت إلى مستشارية التأصيل والفقه الإسلامى وكان ردهم شفاهة على لسأن عوض الكريم موسى: “لا أحد يخرجكم من الملة لأن دعوتكم شاهدها الكتاب والسنة“.
وفي قرية الصالحة جنوب أمدرمان عام 2002م أقمت الحجة على السيد/ محــمد أبـو القاسم إمام مسجد دار السلام المغاربة ولما فشل الوفد الأول في المناظرة عاود المناظرة مستعيناً بوفد آخر واستعان بأحد القرآنيين  فأثبتُ لهم للمرة الثانية بنصوص القران (فقط) ميلاد المسيح ثانية وفي السودان وفي هذا الزمان وهو سليمان أبو القاسم شخصياً، وقضى شيخ حضر معهم المناظرة وقال لي: “أمرك حق وإن فيك صفات النبوة وإن فيك صفات القيادة“.
وفي عام 1999م عرضت دعوتي على الإفتاء الشرعي في المملكة العربية السعودية فكان رد الشيخ/ عبد العزيز بن باز: “لا تعادوا صاحبها ولا تضروه“. عن عبد الله بن عطاء قال سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام فقلت: “إذا خرج المهدي بأي سيرة يسير؟ قال: يهدم ما قبله كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستـأنف الإسلام جديداً“. عقد الدرر حديث رقم 345. وجاء في جواهـر المعـانى “الولي لا يأتى قط بشرع جديد ولكن يأتى بالفهم الجديد في الكتاب والسنة الذى لم يكن يعرف لأحد من قبله وذلك يستغربه كل الاستغراب من لا إيمان له بأهل الطريق ويقول هذا لم يقل به أحد على وجه الذم“ جواهر المعانى ج1 ص16. وهذا المفهوم هو ما يؤكده قوله صلى الله عليه وسلم: “فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ... “ صحيح أخرجه الترمذى.
لقد هدمت بحق عقيدة العلماء واستأنفت الإسلام جديداً علي قواعده التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
أقول: قد فعلت المعجزة العلمية التي أثبتت لي أحقية التقديم وهذا ما لم يفعله من سبقني من الخلفاء وإلا فأروني أي من الذين سبقوني من خلفاء هذه الأمة أتى بحجة حج بها علماء زمانه بمثل ما فعلت أنا لعلماء هذا الزمان ؟.
لقد أصبحت بحق وحقيقـة أخص الخلفاء الراشدين والأئمـة المهديين بصفـة (حجة الله على خلقه).
فأنا الحجة والفرد العلم في هذه الأمة ولا فخر إذ لا حول لي ولا قوة إلا بالله ولله الحمد في الأولى والأخرة.       

بدعة الخلافة

لقد كان للظروف التي نشأت فيها المذاهب الفقهية ودوّن فيها الحديث أثرها الملحوظ على التشريع الإسلامي، وخاصة مسألة الخلافة الإسلامية لأنها نشأت في ظروف اغتصبت فيها الخلافة بالقوة بعد الفتنة الكبرى التي تفاني فيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب الخلافة، وانتزاع معاوية خلافة المسلمين بالقوة وتوارثها بعده بنو أمية إلى أن أنتزعها منهم بالقوة أيضاً أبو مسلم الخرساني وسلمها إلى بني العباس وساروا على شاكلة بني أمية في الحكم.
فلم يجد العلماء بد من مجاراة أولئك الخلفاء وإرضائهم إما خوفا من سطوتهم أو طمعاً في نوالهم، فجاء تشريع العلماء في مسألة الخلافة متمشياً مع أهوائهم مجافياً لتشريع الإسلام، وشاهد ذلك قول الدكتور عبد العليم عبد العظيم السابق: “لا أعرف أحدا من العلماء يرى إنه يجب على الناس الإيمان بمجـددية أشخاص معينين“ فكان هذا الرأي بدعة في الدين وتشريع وترخيص لاغتصاب الخلافة والاقتتال عليها. فكانت النتيجة أن اعتبر الملوك إن الخلافة الإسلامية ملكاً شخصياً وحكراً للأقوياء، فورثوها كابرا عن كابرٍ وجاءت ردة الفعل المعاكسة من الشيعة المستضعفين في الأرض معارضة ورافضة لخلفاء بني أمية وبني العباس من بعدهم وفي نفس الوقت متأثرة بمنهجهم في تعيين خلفائهم وتوارث الأبناء للأباء، ولما كان اختيارهم لخلفائهم بنوه على أهوائهم، تفرقت كلمتهم وتشابهت قلوبهم وقلوب بني أمية وبني العباس فضلوا جميعا، وقد بيّن الله مسلكهم في قوله تعالـى: “إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى" (23) سورة النجم. فلو اتبع الناس خليفة الله الذي بعثه بالهدى لما اغتصُبَ أمر الخلافة ولما اقْتتلوا عليها أو تفرقوا إلى أحزاب وشيع وطوائف يكفر بعضهم بعضاً.
إن الله خص نفسه باختيار خلفائه، فمن السخرية أن يــترك الله زمام الأمر للناس ليختاروا له خلفاءه ويملوا عليه قبولهم خلافاً لما قرره سبحانه وتعالى وخص به نفسه بقوله تعالى: “وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كان لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَأن اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ“ القصص الآية 68. وقال صلى الله عليه وسلم: “كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي...“ هذا هو هدى الأنبياء الذي أمر الله الرســول باتباعه قــال تعالى: “أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ“ الأنعام الآية 90. وأمر الله أمته من بعده باتباع نفس السنن قال تعالى: “يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ“ النساء الآية 26. ولكن جاء العلماء وشرعوا لكم من الدين ما لم يأذن به الله وقالوا: إن الدين لم يأمر المسلمين باتباع مجددية أحد كما ذكر ذلك الدكتور عبد العليم عبد العظـيم، فتبع كل هواه قـال تعالـى: “وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا“ النساء 27. وتجاهلوا عن قصد أو خطأ  قول الله تعالى: “اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ“ الحج الآية 75. هذا فيما يخص الأنبياء وجاء اصطفاء خلفاء الأمة على سنن الأنبياء قال تعالى: “ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا“ فاطر الآية 32.
إن الله تعالى أمر هذه الأمة أن تتبع ملة إبراهيم عليه السلام قال تعالـى: “قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كان مِنَ الْمُشْرِكِينَ“ آل عمران الآية 95. وإن الملة الإبراهيمية إمامها يجعله الله بتعيينه قال تعالى: “وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ أني جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ“ البقرة الآية 124.
هذا الإمام المختار من عند الله هو الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم صاحب سره حذيفة بن اليمان أن يتبعه ويلزم جماعته بقوله: “تلزم جماعة المسلمين وإمامهم“.
أورد العربي بن السائـح في كتابه (بغيه المستفيد) ص 192. قال: “إذ الولاية من حيث هي على قسميـن: ظاهرة وباطنة، فالظاهرة لأهل الأمر و التصريف الظاهر وهي معروفة، وهذه الولاية تختم على الإمام العدل المسمى المنتظر الذي يظهره الله آخر هذه الأمة ...”.
أقول:
الولاية العامة هي لكل رجل يتسلط على حكم الناس ويفرض نفسه عليهم ويكون من هؤلاء المنتظر المذكور لأنه يبدأ جباراً بفرض نفسه على الناس بالقوة ولكن تحدث له توبة من الله بعد ذلك (وهو المهدي الذي يصلحه الله في ليلة) وهذا غير المهدي التجاني، وهذا المنتظر هو صدام حسين، الذي بدأ سفيانياً لأنه اغتصب الحكم بالقوة كما فعل معاوية بن أبي سفيان وهو أول من انتزع الحكم وفرض نفسه خليفة للمسلمين بالقوة وأول من ابتدع خلافة ولاية العهد في تاريخ الإسلام. فبدأ صدام سفيانياً جباراً ولكن الله أصلحه في ليلة وهو المهدي المنتظر غير القطب. ويواصل العربي بن السائح ويقول: “والباطنة أيّ (الولاية) لأهل التصريف الباطن وهذه تنقسم إلى قسمين: أيضاً عامة وخاصة، فالعامة من آدم إلى سيدنا عيسى عليه السلام وعليه تختم حين ينزل في آخر الزمان، والخاصة هي من نبينا صلى الله عليه وسلم إلى الختم الأكبر الذي يختم مقامها وينتهي إليه مرامها“ المصدر بغيه المستفيد للعربي بن السائح ص 192.

أقول: إن المهدي المنتظر حامل الإمامة آخر هذه الأمة وصاحب الطريق التجاني هو عيسى ابن مريم كما جاء في الحديث الصحيح: “يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى ابن مريم إماماً مهدياً“ لأن الطريقة التجانية جامعة لمراتب الدين (الإسلام – والإيمان – والإحسان) ولكل مرتبة من هذه المراتب قطب خاص بها، فقطب الإسلام هو محمد بن عبد الوهاب في مرتبة الشريعة في المقام الموسوي، وقطب الإيمان هو الشيخ أحمد التجاني من مرتبة المقام العيسوي في مرتبة العلوم الباطنية. والشيخ ابراهيم الكولخي هو قطب الخلة في مرتبة الاحسان، وللشيخ أحمد التجاني خصوصية في المرتبة الأحمدية جعلته خاتماً للأولياء عامة، ولعيسى ابن مريم مرتبة خصوصية أيضاً جعلته خاتماً للمهديين عامة، وبهذا كان التشابه بين عيسى ابن مريم والشيخ أحمد التجاني، ويكـفي في هذا المجـال قولـه تعالى: “وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أحمد“ ولما كان لعيسى ابن مريم علاقة سر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم بخصوصية اسمه (أحمد) في زمن الرسالة جاءت هذه الخصوصية لتتصل بالشيخ أحمد التجاني صاحب خصوصية الاسـم (أحمد) في مرتبه الولاية الخاصة.  ذكر العربي بن السائح في بغيه المستفيد ص 82 : “إن هذه الطريقة تدخل على سائر الطرق فتبطلها وطابعها يدخل على كل طابع” انتهى.
أقول: فإنها بذلك جامعة للأصولية الوهابية والحنيفية الإبراهيمية الكولخية والأحمدية التجانية، ولما كان المسيح المبعوث آخر الزمان فرد جامع لجميع مراتب الولاية الخاصة والعامة، جاء طريقه جامعاً وهابياً كولخياً تجانياً وهو المهدي آخر الزمان وأخص المهديين وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: “ولا مهـدي إلا عيسـى ابن مريم“.
                  “ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ “ الواقعة 95/96.
المسيح المهدي المحمدي الخاتم /سليمان ابو القاسم موسى
يوليو 2002م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المنشور رقم (17) شعب الســـودان سيقود العـــالم بالإســـــلام

بسم الله الرحمن الرحيم إستفتاح: خلف هذه الأمة اقدر على فهم نصوص الكتاب والسنة التي تخاطب زمانهم وأن عليهم مراجعة نصوص الآيات والأحاديث لمعرفة الفقه الصحيح المستنبط منها وليس الانغلاق على فهم السلف لتلك النصوص فالمرجع هو نصوص القرآن والسنة النبوية وليس فهم السلف لهذه النصوص وهذا ما أرشد اليه نبي هذه الامة فقد جاء في صحيح البخاري ـ الطبعة الثانية ـ طبعة بيروت 1402هــ1982م عالم الكتب.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"...ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه" كتاب العلم حديث رقم(9)صفحة 45، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"...فليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ يبلغه من هو أوعى له " كتاب الفتن حديث رقم  (27) صفحة 90 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نضر الله إمرئاً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه الى من هو افقه منه" صحيح اخرجه الترمذي 5/24 واللفظ له وابن ماجة 1/85 واحمد 1/437. هذه الأحاديث ترد المذهب السلفي وتثبت مذهب التجديد بالفهم الحديث المعاصر قال صلى الله عليه وسلم:" إن الله يبعث لهذه الامة على رأس كل

المنشور رقم (11) لمــــاذا المسيــــح في الســـــودان

بسم الله الرحمن الرحيم مـدخل: بعد أن مضى على كتابة هذه النشرة أكثر من عام أوردت صحيفة الصحافة بتاريخ 9 شعبان 1426هـ الموافق 13 سبتمبر 2005م في صفحتها السادسة مقالاً بقلم: مسمار السقيد. تحت عنوان: (كا- رع- اتوم..) أسطورة متجددة. وألحقت هذا المقال بالنشرة لأنه طابق لما نشرته سابقاً تحت عنوان (الخرطوم مركز القيادة). جاء في مقال مسمار السقيد:” كان ذلك في زمان موغل في الزمان قبل أن يتواضع الناس علي حساب الأيام وقبل تدفق السنين كان لأهل (أطلنتس) في ديارهم جنتان ذوات أكل خصب وإمراع ودهشة وكان قد اجتمع لهم علم الظاهر والباطن فعرفوا خواص الضوء والصوت وانفتحت لهم اسرار الكيمياء فانكبوا على المعادن يفتتون ذراتها ويستخلصون منافعها وتيسرت لهم معرفة الكوارتز والسليكون وفعاليته الكهرومغنطيسية والتفتوا إلى الجواهر فكشفوا أبعادها الجمالية وأغوارها السحرية. وجاء في أخبار الرواة الثقاة من لدن شيخ الطريقة أفلاطون إلى فقهاء العصر الجديد أن أهل أطلنتس لطول باعهم في علم الفلك قد علموا بأن شهاباً رصدا قد دنا أجله فخرج عن مداره وهوي منتحراً تجاه الأرض مستقبلاً أوديتهم، فكان أن أجتمع كهنتهم عن