التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المنشور رقم (4) الحجة البالغة في معرفة الخليفة الراشد



بسم الله الرحمن الرحيم
 تنبيه وتحذير:
قال صلي الله عليه وسلم:  }إني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين{ رواه احمد.
وقال أيضاً: {بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً  ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا{ رواه مسلم.
وقال أيضاً: {فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيـراً فعليكم بسـنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين{ رواه الترمذي. وقال: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا { النساء الآية115.



المقدمة

     لا تخفى على أحد وحدة الصف الأوروبي والأمريكي، ووقوفه إلى جانب إسرائيل التي تمارس العنصرية في أبشع صورها ضد العرب في فلسطين. ثم وقوف أوربا وقفة رجل واحد خلف أمريكا في قراراتها الرعناء بعد حادث التفجيرات في نيويورك وواشنطون -المؤسف حقاً لأنه أصاب أبرياء غافلين. ومن قتل نفساً واحدة بغير سبب يستدعى قتلها فإن مصيره إلى النار. يقول الله تعالـى: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا{ المائدة الآية 32. فلا عاقل يقف مع الجاني مهما كانت تربطه به صلة دين أو قرابة فالوقوف مع الحق أحق بشرط أن يحدد الجاني بدقة. ولا يؤخذ الناس بالشبهات وقرائن الأحوال. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {إدرأوا الحـدود بالشبهات.. { فكان الأجدر بأمريكا والدول الأوروبية التي تنساق خلفها، أن يميزوا الجاني حتى لا يأخذوا الأبرياء بجريرة الآخرين. يقول الله تعالى: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًـا أَلِيـمًا{ الفتح الآية 25.
فعلى الأمريكان والأوربيين وحلفائهم من العرب وغيرهم أن يتبينوا المجرم فلا يصيبوا بريئاً واحداً. وإلا كان ردهم طغياناً وظلماً خاصة وأن الذين قاموا بتلك التفجيرات هم أفراد، بينما تقوم أمريكا وحلفاؤها بالرد عليهم كحكومات لها قوانين تحكم تصرفاتها. فإذا خرجت حكومات تلك الدول عن العقلانية. وتصرفت برعونة الحيوانات الوحشية فإن نهاية المطاف لن تكون لصالحها.
وإن الذي سيحدث جراء ذلك أن تثور حمية الإسلام في المسلمين، والتي لن تقف في وجهها عندئذ قوة في الأرض،وتوحد صفهم المصائب الأمر الذي عجزت عنه كل الحركات الإسلامية التي تدعوا إلى توحيد كلمة المسلمين. فنقول للجماعات الإسلامية المتفرقة، أن العالم الغربي سيكفيكم جمع شملكم بتصرفاته الهوجاء، ورب ضارة نافعة.
} هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ {


 تعريف الدين

     يقال أن الإنسان اجتماعي بطبعه وانه لا يعيش إلا في جماعة. ولا بد إذن من تضارب المصالح الفردية، بين الأفراد أو الجماعة. فيستدعى الأمر وجود قيادة مركزية لتنظيم حياة الناس حتى يعيشوا حياتهم الاجتماعية، فيسلمون للقيادة ويدينون بالطاعة للملك أو السيد. فيكون الدين بمعنى (الطاعة).
ونجد في معلقات الجاهلية قول الشاعر:
وأيام لنا غـر طوال***عصينا الملك فيها أن ندينا
وتنظيم الحياة الاجتماعية يتطلب تشريعاً جامعاً لمتطلبات الناس الإجتماعية والمعيشية، بما يوفر لهم الحماية مما قد يتهدد حياتهم وينظم معاملاتهم مع بعضهم البعض للتعايش مع محيطهم، فيكون الدين بمعنى (المعاملة) وفي الحديث }الدين المعاملة{. فلا بد من وجود سلطة تنفيذية تعالج بهذا التشريع متطلبات الجماعة المعيشية والأمنية والتعامل مع الأزمات التي قد تتهدد حياة الجماعة وأمنهم وهذا ما يعرف بـ(السياسة) وهي من معاني الدين. قال صلى الله عليه وسلم: {كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وانه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر. قالوا فما تأمرنا ؟ قال فوا ببيعة الأول فالأول{ رواه البخاري ومسلم.
ولما كانت طبائع الناس مختلفه، فمنهم المطيع ومنهم المخالف، فلابد من تحفيز الطائع،ومعاقبة الخارج عن القانون، بعد المحاسبة والادانة لزجره، فاشتق معنى الدين من (الإدانة) وفي الحديث }كما تدين تدان{.
والقوانين الوضعية التي يعاقب الناس بموجبها هي دينهم.يقول الله تعالى في قصة يوسف عليه السلام: {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ {يوسف75-76. فدين الملك هو قانونه الذى وضعه لتسيير شئون دولته.
فأتضح من جملة هذه المعاني أن التشريع الذي يرتضيه الإنسان لتنظيم منهجه في الحياة الإجتماعيه والإقتصادية والسياسية فهو دينه، فإن كان الفرد سهل الإنقياد لرؤسائه سمح المعاملة مع رصفائه لين العريكة ،حليما رحيما،فقد جمع محاسن الأخلاق.قال صلى الله عليه وسلم: {الدين حسن الخلق{ فالخلق بضم الخاء واللام جامع لكل أنواع السلوك. فالتعامل مع النفس يسمى عادة، ومع الناس معاملة، ومع الله عبادة، وتعامل الحاكم مع الرعية سياسة.
فإذا كانت الرعية سهلة الإنقياد للراعي، وكان الراعي مخلصا لرعيته ومقيلاً لعثراتها، غافرا لزلاتها متحسساً لرغباتها، متحمساً لتحقيق تطلعاتها فإنه سوف يضع خططاً مدروسة، ويسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الهدف المنشود حالا أو مآلاً. وما أجمل قول عنترة:
ذلول ركابي حيث شئت*** مشايعي لبي وأحفزه بأمر مبرم
فإن الرعيه المشاكسه والراعي المتردد والهدف المضطرب، من شأنها جميعا تفتيت الأمه، وتفريق كلمتها، ومن ثم ذهاب ريحها. وهنا يتجلى المعنى الكامل لكلمة دين والذي يعني (الأمة) بكل ما تحمله من معاني يقول النابغه:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة  *** وهل يأثمن ذو أُمَّة وهو طائع
ويقول الله تعالى عن الكفار: { إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ { ولابد لكل أمة من قائد يقودها لبلوغ مقاصدها، يكون قمة في الأخلاق جامعا لمحامد أمته، فاشتق منها تسمية (إمام).
ولما كان الإمام مجمعاً لشؤون أمته سمى (أمة) يقول الله تعالى: { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً { فلا توجد أمة بلا دين، ولا دين بلا إمام، والدين جزء لا يتجزأ من الإمام. قال تعالى: { وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ { يس الآية12. فالإمام المبين هو القرآن وهو النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث }كان خلقـه القران{ والمثل يقول (الناس على دين ملوكهم).  
     إن قوام الأمة بالإستقامة علي دينها، ولا يستقيم الناس علي الدين الا بالإمام قال صلى الله عليه وسلم: {لا تزال هذه الأمة مستقيم أمرها ظاهرة على عدوها حتى يمضى منهم اثنا عشرة خليفة كلهم من قريش{  رواه أبو داؤد. ولا ينتفع الناس بعبادتهم من صلاة وصوم وزكاة وحج بدون إمام زمانهم. لقد أورد أحمد بن محمد بن صديق القماري في كتابه (مطابقـة الاختراعات العصرية لما اخبر به سيد البرية) أورد منها:
1)  ) قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: {سيأتي علي الناس زمان ما يبقى من القرآن إلا رسمه، ولا من الدين إلا اسمه، يتسمون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنة واليهم تعود{ رواه الحاكم في التاريخ.
2)  ) قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: {سيأتي علي الناس زمان يصلى في المسجد الف رجل أو زياده لا يكون فيهم مؤمن{  رواه الطبراني وأبو نعيم في (الحلية) من حديثه أيضا إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: {يؤذن المؤذن ويقيم الصلاة قوم وما هم بمؤمنين{.
3)  ) روى الحاكم في المستدرك من حديث سفيان عن الأعمش عن خيثمة عـن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: {يأتى علي الناس زمان يجتمعون في المساجد ليس فيهم مؤمن{  رواه أبو شعيب الحراني في (فوائده) من طريق الفضل بن عياض عن الأعمش بسنده فقال: {يأتي علي الناس زمان يحجون ويصلون ويصومون وما فيهم مؤمن{ المصدر - مطابقة الإختراعات العصرية لما اخبر به سيد البرية ص116  طبعة المكتبة الثقافية بيروت. 

الدولة المدنية

     إن الظلم الذي كان يمارسه القساوسة والرهبان باسم الدين وخلافة الله، أدى إلى التمرد الجماعي على الدين، وإسقاطه من الحياة السياسية العامة في أوربا، وحوصر نفوذ الدين واقتصر داخل الكنائس، وحدد له مجال ضيق في التوجيه الروحي والمعنوي، وبذلك جردوا الدين من كل سلطاته التنفيذية، ومنعوا ممارسة القساوسة للسياسة، متعللين في ذلك بقولهم (ما لله لله وما لقيصر لقيصر) هادمين بذلك صرح الدين ودوره التشريعي والسياسي، الذي ينظم حياة الناس الروحية والمادية وبناء مجتمع يقوم على المساواة والعدل، وبناء إقتصاد خال من فساد الربا، وتربية شعب خال من فساد الأخلاق والإنحلال.
فلما إستقر بهم المقام، وهنئ لهم الحال، رأوا أن يتدخلوا فيما أبقوه لله ليناهضوا تعليمات الأديان السماوية في محاربة الفساد الذى ينافي طبيعة الخلق السوي. فأباحوا الفاحشة بكل أنواعها، وسنوا لها تشريعاً ليكون قانوناً تعترف به الدول. فأصبحت الدولة المدنية بديلاً للأديان السماوية والكتب المنزلة بعد أن أطبقت هذه الدول على التشريعات السماوية واعتبرتها ضد حقوق الإنسان وحريته.
ولافرق في ذلك بين الأنظمة الديمقراطية والدكتاتورية إذ جميعها حاربت الأديان ماديا بالحظر على نشاطها الاجتماعي والسياسي، بعزلها من الحياة العامة. وحاربت الأديان معنويا، ووصفت المتمسكين بها بالتطرف والتخلف والرجعية. وفي المقابل وصفوا الذين لا يبالون بالدين بالتحرر والتقدم، لجذب الأنظار وكسب الأنصار لمذهبهم، وصنفوا الأديان من جملة التراث ومخلفات الماضي الغابر، ولا يصلح عندهم للنهضة العلمية المدنية، وصار الأمر كله مرهونا بأهواء الناس وشهواتهم ورغباتهم. يقول الله تعالى: } وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ { الأنعام الآية 136. فالدولة المدنية لا تحكم إلا من لا كتاب لـه، فهـي لا تصلح لليهود أو النصارى أو المسلمين ولا يحكمها إلا مجوسي أو من تشبه بهم من أدعياء الإسلام أو اليهودية أو النصرانية  يقول تعالى: {كل يعمل على شاكلته{ الإسراء الآية 84. إن الحكم بالقوانين الوضعية هو تخلى عن الدين بالكلية، ولا تحكم هذه القوانين إلا المجوس ولا يقم على رأس الدولة إلا مجوسي، فهم أهلها واحق بها من المسلمين واليهود والنصاري.     

الدولة الدينية

     تتصف الدولة الدينية بصفة واحدة لا ثانية لها، وهي أن الذي يتقلد السلطة  المدنية فيها، هو خليفة الله في الأرض، ووزراؤه الربانيون والأحبار الذين يقومون بالشئون السياسية في الدولة. يقول تعالى: { إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ { بالرفع أي يحكم بها أيضا للذين هادوا الربانيون والأحبار } بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ {خشية ما تلقونه من معارضة تطبيقه في الحياة المدنية السياسية } وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا { بالعدول عن تطبيقه بسبب المغريات الدنيوية. قال تعالى: { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ {المائدة الآية44. وما أنزل الله يشمل التوراة والإنجيل والقرآن، قال صلى الله عليه وسلم:  }كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، ولا نبي بعدي وستكون خلفاء فتكثر{  فهؤلاء الخلفاء هم الذين يخلفون الرسول عليه الصلاة والسلام على سياسة أمته من بعده .فخليفة الله في الأرض إما أن يكون رسولاً أو نبياً أو مهدياً، وأولهم آدم عليه السلام وآخرهم عيسى ابن مريم في خروجه الثاني مهدياً آخر الزمان. والإيمان بالله مشروط بإتباع خليفته في الأرض. يقول الله تعالى: { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ(85) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ   (86) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) {سورة ص). فإبليس كان مؤمنا حقا بالله، لأن الخطاب دار بينه وبين الله مع جملة الملائكة. وهو مؤمن بوحدانية الله لا شريك له في الملك. وإن الجنة حق لأنه عاش فيها ثم أخرج منها، وذلك ظاهر قوله تعالى:} فَاخْرُجْ مِنْهَا{ وأن النار حق } لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْك..َ{وأن الموت حــق}فَأَنْظِرْنِي.. {والبعـث حق }.. يَوْمِ يُبْعَثُونَ.. {والأمر الوحيد الذي زج بإبليس في الكفر هو عدم طاعة خليفة الله في الأرض }.. وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَولم يشفع له إيمانه بالله من الكفر وادخاله النار. فأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يبين ذلك لأمته لذلك قال: { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ { أي قل لهم يا محمد لا أطلب منكم أجراً بعرض واقعة مخالفة إبليس لطاعة خليفة الله في الأرض، وإنما فقط لأذكركم أن مخالفة الخليفة لا تنفع معها طاعة الله والإيمان به وحده. يقول تبارك وتعالـى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله {آل عمران 31. فمحبة الله وطاعته والإيمان به لايتم إلا بوساطة خليفته في الأرض. لأنها فريضة من الله علي الأمة قال تعالي: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ{ النساء الآية 59. وولى الأمر في الآية هو خليفة الله في الأرض، وأوجب رسول الله طاعته فقال: {إن لقيت لله يومئذ خليفة في الأرض فألزمه وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك وإلا فاهرب في الأرض حتي يأتيك الموت وأنت عاض علي أصل شجرة{  الفتن لنعيم رقم 356.
ولما كان آخر هؤلاء الخلفاء هو عيسى ابن مريم بعد العودة، فبسبب موته يطوي السر الرباني الذي يربط الخلق بالخالق، فيقفل باب الإيمان مع وجود الله حياً قيوماً. يقول الله تعالى: { وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ {التوراة والإنجيل والقرآن }إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا{ النساء الآية159. على أمة محمد عليه الصلاة والسلام ) يكون عيسى } شَهِيدًا { وليس محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه ليس المتبع إلى يوم القيامة. بل ذلك لخليفة الله وخليفة رسوله عيسى ابن مريم, يقول الله تعالى مخاطباً عيسى } وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ { من أمة محمد صلى الله عليه وسلم } فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا { ممن خالفك من أهل الكتاب( القرآن والتوراة والانجيل) } إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ { آل عمران الآية55. لأن سر الخلافة يطوى بعد موت عيسى ابن مريم، ويغلق باب الإيمان بالله مع إن الله حي لا يموت، ولم يقفل باب الإيمان بعد موت محمد صلى الله عليه وسلم، لأن سر خلافة الله مايزال يتنقل من خليفة لآخر، حتى إذا انتهي إلي عيسى بعد عودته انقطعت الخلافة، وبعد موته ينقطع الإيمان بالله لأنه مرتبط بخليفته في الأرض.  
فالصحابة الذين بايعوا النبي في حياته نقلوا البيعة إلى الخلفاء من بعده تباعاً. إذ لا تغني بيعته لمن عاش بعده. وأكد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم باستشهاده بقوله تعالى: { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ { المائدة الآية117. وذلك في الحديث المروي عنه بقوله: {تحشرون حفاة عراة غرلاً ثم قرأ: { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ {فأول الخلق يكسى إبراهيم، ثم يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال، فأقول:  أصحابي. فيقال: إنهم لا يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ أن فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح عيسى ابن مريم: { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ {{ رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: {إن خلفائي أوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي، اثني عشر، أولهم أخي وآخرهم ولدي، قيل يا رسول الله: من أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب، قيل: ومن ولدك؟ قال: المهدي، يملأها قسطا كما ملئت ظلماً وجوراً{ أخرجه الجوينى عن ابن عباس. وقد بينت أن ولده هو عيسى ابن مريم في نشرات سابقة، بنصوص الكتاب والسنة. وقوله تعالى: { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا{  فالشهيد هو الإمام الحجة فى كل زمان، فآخر حجج الله على أمته صلى الله عليه وسلم هو عيسى ابن مريم، وليس غيره لأنه لا خليفة بعده، لرفع الإيمان وانقطاعه وبه تختم أعمال الأمة. فقد أخرج مسلم من حديث طويل قوله صلى الله عليه وسلم:} فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود، فيطلبه (يطلب الدجال) فيهلكه ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض من في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته{  رواه مسلم وأحمد. التصريح حديث رقم (6) وقال: {كيف تهلك أمة أنا  أولها وعيسى  آخرها{  رواه الحاكم وصححه السيوطي وحسنه ابن حجر في فتح الباري التصريح حديث رقم (18 ) ولم يحفظ الله هذه الأمة من الهلاك إلا لأجل عيسى ابن مريم وأصحابه ولا لإحد سواهم.   

التمييز بين خليفة الله والأئمة المضلين

    إن أي خليفة لله في الأرض يتم إصطفاءه من الله تعالى، فيصدع بأمر خلافته للناس في صراحة ووضوح، أمراً بيناً لا لبس فيه، فيؤمن به من يؤمن ويكفر به من يكفر. فتؤمن به الفرقة الناجية وتكذبه فرق الضلال قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ { النور الآية 55.  كيف كان إستخلاف الأمم السابقة الذي يماثل استخلاف هذه الأمة؟. القرآن يتولى الإجابة، قال تعالى علي لسان هود: { وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ { الأعراف الآية69. وهكذا مع سائر الأقوام. قال تعالى علي لسان شعيب عليه السلام: { وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ { هود الآية 89. والقرآن صريح في أن لا تخلف امة سابقتها الا وللأمة السابقة واللاحقة خليفة معين من قبل الله عز وجل ولما صرح الله بان استخلاف هذه الأمة يكون علي نهج استخلاف الأمم السابقة كما قال: { كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ {فإنه يتم تعيين الخلفاء في هذه الأمة باصطفائه لا بإختيار الناس وقد ذكرهم رسول الله صلي الله عليه وسلم بقول صريح قال: {يكون اثنا عشر خليفه كلهم من قريش{ متفق عليه.وكل خليفة من هؤلاء هو مهدى قومه وهاديهم كما كان الحال مع الأنبياء وأقوامهم من قبلكم قال تعالى: { إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ {الرعد الآية7. هذه الآية حجه في ذكر المهديين بعد النبي صلي الله عليه وسلم ولفظة القرآن دقيقة في استخدام هاد) بدل( مهدى) اى أن الأمة لا تهتدي بدون هذا الهادي)، لأن الهادي يهدى غيره بإتمام الناس به وأما المهدي فهو الشخص المستقيم في ذات نفسه بتوجيه ربانى مباشر وبأمر منه يوجهه الله لإرشاد الأمة، وهو بهذا المعنى صالح للإقتداء به لذلك ألزم الرسول صلى الله عليه وسلم أمته إتباعه، فصار هادياً قال صلي الله عليه وسلـم: {أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم فسيرى إختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار{  رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
يرى البعض أن قوله تعالى: { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ { مقصور علي الأمم السابقة وهذا باطل وذلك لأنه الأمة ماضية علي سنن الأمم السابقة} يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ { النساء 26. ويكونون مهديين بدل الأنبياء لأن شرائع الأمم السابقة نسخت ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم والخطاب في هذه الآية موجه للنبي الكريم وقد أجمل القرآن وفصل فى شأن نسخ الرسالات السابقة أجمل في قوله تعالى: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ { المائدة الآية68. وكان هذا قبل إنزال القرآن وفصل بعد رسالة النبي صلي الله عليه وسلم في قوله تعالى: { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ { المائدة الآية19. وقال تعالى: { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ { المائدة الآية 15-16. الآيات صريحة لا مهدي للأمم السابقة يتبع بعد بعثة النبي للناس كافة، اليهود منهم والنصارى، وجعل الله مخالفة الناس للخلفاء المهديين كمخالفة الأمم السابقة للأنبياء والمرسلين سواء بسواء، قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا   (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا { النساء الآية 150-151.

الصوفية والإمام الحجة

إن الصوفية هم  أكثر الناس اهتماماً بمراقبة ظهور الإمام الرباني وإتباعه من الأصوليين. قال الشيخ أحمد التجاني في شرحه للأبيات التي تتحدث عن الإمام في نظم الصوفية:
تطهر بماء الغيب إن كنت ذا سر     وإلا تيمم بالصعيد وبالصـــخر
وقدم إماماً كنت أنت إمـامــه         وصل صلاة الفجر في أول العصر
فهذى صــلاة العارفين بربهم        فإن كنت منهم فأنضح البر بالبحر
قال الشيخ التجاني: " الغيب الذى أشار إلي التطهير به هو الفيض الفائض من حضرة القدس، الذي هو حضرة اللاهوت ويعبر عنه عند العارفين بالفتح، لا يبقى معه شئ من ظلام، لإشراق ضوء الشمس عليه بالفيض الوارد عليه بعد الفتح من حضرة القدس، عند دخوله في ذات العبد يتطهر بسببه من جميع الأخلاق والأوصاف والنعوت البهيمية والطبيعية والشيطانية، وبسبب ذلك الفيض يتصف بأضداد الصفات الممحوة من صفات الملائكة والروحانيين والنبيين، ومحو التعلق بغير الله، فلذلك حض الطالب على التطهر بماء الغيب (وقدم إماماً كنت أنت إمامه) معناه أن الإمام الذي يلزم تقديمه ها هنا يصح أن يقال فيه هو الشارع صلي الله عليه وسلم، ويصح أن يقال فيه هو العقل، فأما إن قلنا هو الشارع صلي الله عليه وسلم، فمعناه حيث وصلت أيها العبد إلي التطهير بماء الغيب المذكور وحصلت علي غايته، وأردت الصلاة لربك فقدم الإمام الأكبر والقدوة العظمي الأشهر واقتد به في حضرة ربك لكونك شاهدت حقيقته صلي الله عليه وسلم، هي الواسطة بينك وبين ربك ولم يصل إليك خيراً إلا منها (وقوله كنت أنت إمامه) فإنك قبل هذا التطهير كنت متقدماً على الشارع صلي الله عليه وسلم ظلماً وعدواناً، تحكم لنفسك بهواك ....المصرح بالنص عنه في قوله سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله.... فهذا معنى ( كنت أنت إمامه) وإن قلنا أن الإمام الذى تقدمه هو العقل، والعقل ها هنا هو العقل الرباني المستتر في حضرة الغيب، الذي كان صفة للروح أولاً، قبل التركيب في الجسم، فإنه كان للروح بمنزلة البصر للعين، كما أن البصر تنكشف به حقائق الأشياء الظاهرة في العين، كذلك العقل الرباني الذى كان وصفاً للروح قبل التركيب في الجسم، ينكشف به حقائق الأشياء الباطنة، وتعرف به حقيقة الحق حقاً والباطل باطلاً.... فهو القسطاس المستقيم بين كتفي الحق والباطل....وهذا العقل الرباني يأخذ العلم عن الله بدون واسطة، لا يحتاج إلي تعليم معلم ولا أخبار مخبر، بل كل ما أراده من العلم أخذه عن الحق بلا واسطة، وهذا العقل هو الذى يجب تقديمه، ثم أن مراتب العقل ثلاثة الأولي: هي العقل الرباني الذى هو محض النور الرباني المنصب في باطن حقيقة الروح، فهو الهادي والمبلغ إلي الغاية، ولا يصل إلي هذا العقل إلا العارف بالله الكامل، والمرتبة الثانية في العقل: هو العقل الكلي الذي إستتر بقشور من الظلمة الخفية، فانكشفت له حقائق الأشياء ظاهراً وباطناً... فإن المعرفة التي تأتي عن باطن الحضرة القدسية بحقائق الكون ظاهراً وباطناً، والمعرفة التي تأتي من ظاهر الأكوان الغيبية الظاهرة بينهما بون بعيد والعقل الكلي في هذه المرتبة يزن الأشياء بالقسطاس المستقيم، فيعرف الأشياء وعواقبها، وما تؤول إليه، فهو من أكبر المطالب وأعلاها، وإن كان قصر به الأمر عن بلوغ رتبة العقل الرباني، فإنه يفيد فائدة عظيمة وله علوم ومعارف  جسيمة إلا أنها في صور الأكوان فقط، وهذا العقل يشترك فيه المؤمن والكافر، فقد يؤتي هذا العقل الثاني بعض الكفرة بدوام مخالفتهم لهوى نفوسهم، وإرتقابهم للحضرة الإلهية ولا يغني عنهم شيئا لعدم الإيمان، لكن يظفرون بخواصه أى العقل الكلي في الدنيا من كشف بعض الغيوب والتصرف في بعض الخواص والأسرار، ونفوذ الكلمة في كثير من الأمور، ولكنه إستدراج لهم إلى ما يريد من إهلاكه لهم في الآخرة عافانا الله من ذلك بمنه وكرمه، والمرتبة الثالثة في العقل وهي: أحط المراتب وأسفلها وهو العقل ألمعاشي، الذي يدبر أمر الدنيا وظواهرها من الشهوات .... وهذا العقل يشترك فيه الآدمي والبهائم، والعقل الذي يجب تقديمه هو العقل الأكبر الرباني، الذي هو وراء العقل الكلي، وقوله قدمه لأن هذا العقل يدعو إلي كمال التعلق بالله، وكمال الطهارة من كل ما سوى الله تعالى"  جواهر المعاني ج2 الفصل الثالث.
الشرح والتعليق:
      ذكر الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه أن للعقل ثلاثة مراتب، في المرتبة الأولى العقل الرباني: وهو العقل الإمام المقدم علي المرتبتين بعده، وهذا العقل لا يتصف به في الزمان إلا فرد واحد هو إمام زمانه، وإذا مات رقى الله أحد خلقه إلى هذه المرتبة، يخلفه في المقام. ويأتي بعده العقل الكلي: وهذا يشمل كل إنسان عاقل مؤمن وغير مؤمن، وعقل في المرتبة الثالثة: وهو العقل الحيواني، إنساناً كان أو حيواناً، ويشمل كل الأحياء، ولما كان القصد من هذه النشرة هو التفصيل في معرفة العقل الإمام الرباني من العقل العوام الكلي، فإن الفرق بين العقلين: هو أن العقل الرباني يتعرف الله إليه بالتجلي، ويأخذ علومه من الله بلا واسطة من أحد، أما العقل الكلي فانه يأخذ علومه بالتعلم بالقلم والممارسة والرياضة، فمبلغ علمه معرفة ذوات الأشياء، وأما العقل الرباني فإن معرفته في ذات الله وعلمه وهبي من لدن الله.  وقد فصل الشيخ أحمد التجاني في بيان صاحب العقل الإمام في أكثر من مقال قال صاحب الجواهر: " وسألته رضي الله تعالى عنه عن حقيقة المعرفة بالله تعالى، فأجاب رضي الله عنه وأرضاه وعنا به بقوله: المعرفة الحقيقية أخذ الله العبد أخذاً لا يعرف له أصلاً ولا فصلاً ولا سبباً، ولا يتعقل فيه كيفيه مخصوصة، ولا يبقى له شعور بحسه وشواهده وممحواته ومشيئة وإرادته، بل تقع عن تجلٍ إلهي ليس له بداية ولا غاية، ولا يوقف له علي حد ولا نهاية، ومحق العبد محقاً لا يبقى له شعور بشئ، ولا بعدم شعوره ولا بمحقه ولا يميز أصلاً من فرعه ولا عكسه، بل لا يعقل إلى (إلا) من حيث الحق بالحق في الحق عن الحق فهذه هي المعرفة الحقيقية، ثم يفيض عليه من أنوار قدسه فيضاً يعطيه كمال التمييز والتفصيل بين المراتب وخواصها، وما تعطيه حقائقها في جميع أحكامها، ومقتضياتها ولوازمها وتفصيل الصفات والأسماء، ومراتب آثارها ومعارفها وعلومها، وهذا التمييز يسمى بالبقاء التام، والصحو الكامل، والأصل الأول يمسى بالفناء التام، والصحو الكامل، ولا قيام لهذا البقاء إلا بفناء الفناء الأول، على أصله وقاعدته، ومتى إنهدم الأول إنهدم الثاني " جواهر المعاني ج2 الفصل الثالث
الشرح:
     يحصل للإنسان فناء تام بالخروج عن دائرة الحواس الظاهرية عند تجلي الذات للعبد، فلو بقى الإنسان عند تجلي الذات له بحواسه الظاهرية ووعيه الكامل فإنه سيرى الله جهرة بحاسة نظره من عينه الناظرة، وهذا مستحيل لقوله تعالـى: { لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ {ولكن الذي يحدث هو العكس، تتعطل حواس الإنسان مؤقتاً عند التجلي، ويدرك الأشياء بنور الله، قال تعالى:  }وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ { وفي الحديث القدسي: " كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به{   رواه البخاري. وقال صاحب الجواهر:" إن سيدنا (أحمد التجاني) رضي الله عنه، سئل عن حقيقية الشيخ الواصل ما هو فأجاب رضي الله عنه: أما هو حقيقة الشيخ الواصل، فهو الذي رفعت له جميع الحجب عن كمال النظر إلى الحضرة الإلهية نظراً عيناً وتحقيقاً يقينياً .... وهو مقام السحق والمحق والدك وفناء الفناء، فليس في هذا إلا معاينة الحق في الحق للحق بالحق... ثم حياة هي تمييز المراتب ...وصاحب هذه المرتبة هو الذي تشق إليه المهامة في طلبه، لكن مع هذه الصفة فيه كمال إذن الحق له سبحانه وتعالى, إذناً خاصاً في هداية عبيده وتوليه عليهم ... " المصدر جواهر المعاني ج1/الفصل الثالث.
التعليق:
     إن أخطر ما يرتكبه المشايخ في حق أنفسهم، وفي حق المريدين هو إدعاؤهم المشيخة والتقديم بدون هذا الإذن الخاص من الله عز وجل، وإن هذا الادعاء هو السبب الرئيسي لمخالفة إمام زمانهم وصرف الجمهور عن إتباعه. قال عمر الفوتي في(الرماح) عن الشيخ احمد التجاني: وقال شيخنا رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: }أعلم أن الله سبحانه وتعالي جعل في سابق علمه ونفوذ مشيئته أن المدد الواصل إلي خلقه من فيض رحمته، يجري في كل عصر مع الخاصة العليا من خلقه من النبيين والصديقين، فمن فزع إلي أهل عصره الأحياء من ذوي الخاصة العليا، وصحبهم واقتدي بهم واستمد منهم فاز بنيل المدد الفايض من الله تعالي، ومن أعرض عن أهل عصره مستغنياً بكلام من تقدمهم من الأموات، طبع عليه بطابع الحرمان، وكان مثله كمن أعرض عن نبي زمانه وتشريعه، مستغنياً بشرائع النبيين الذين خلوا قبله، فيسجل بطابع الكفر والسلام اهـ {  الرماح ج1/الفصل الثالث عشر.


التعليق والشرح:
     إعلموا أن الفرق بين علم الشريعة وعلم الحقيقة، هو أن علم الشريعة يمكن أخذه بتسلسل السند بالعنعنة عن السلف الأموات، أي يمكن أخذه (ميتاً عن ميت) أما علم الحقيقة لا يؤخذ إلا (حياً عن حي) ويشترط في الحي الذي يؤخذ عنه هذا العلم أن يأذن له الله إذناً خاصاً بالتقديم وإمامة الخلق، وهذا الشخص خليفة الله في زمان حياته، ومخالفته خروجاً عن الملة، كما يفهم من صريح قوله صلي الله عليه وسلم: {من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية{  رواه البخاري ومسلم وأحمد. وفي هذا دلالة قاطعة علي بطلان دعاوى من عنعن بالتواتر عن الشيخ الجيلاني أو الشاذلي أو السماني أو التجاني، لأنهم ماتوا ومضي زمانهم، ولا يمد المدد الرباني إلا الولي الحي، وبالإذن الخاص المباشر من الله له بالتقديم، ومخالفة هذا الولي أثناء حياته كفر .

مهام الخليفة:     

     من الخلفاء من يكون له حكم في الظاهر كالمهدي المبعوث آخِر الزمان. ومنهم من يقتصر أمره على التوجيه والإرشاد. فحكم داؤود وملك سليمان عليهما السلام. ولم يكن ذلك لنبي في بني إسرائيل، فقالوا له أطلب لنا ربك أن يعين لنا ملكاً نقاتل تحت رايته. قال تعالى في ذلك: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ {البقرة الآية246. فاستجاب الله طلب النبي: {.. وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا {البقرة الآية 247. فكان طالوت يعمل بإرشاد وتوجيه النبي، والنبي يقاتل تحت راية الملك وإمرته .
ولم يؤمر عيسى ابن مريم في زمن رسالته بالإنجيل بالحكم الظاهري. ولكن أمر خلفاؤه من بعده بذلك في قوله تعالى: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ.. {المائدة الآية47. لذا لم يقاتل أعداءه لما هموا بقتله، فأنجاه الله بالرفع إليه. أما عند عودته في هذه الأمة، فإنه يكلف بالحكم الظاهري، ويشرع له الجهاد قتالاً ويقتل الدجال.

معرفة عيسي المسيح من بين أدعياء العيسوية

     ولما كان عيسى ابن مريم أشهر خلفاء الله في هذه الأمة، نجد أن القرآن والسنة قد فصلا أخباره بما لا يدع مجالاً للشك أو الإرتياب في كيفية عودته أو زمانها، أوالأرض المحددة لنزوله، وقد بينت ذلك مفصلاً في نشرات مثل (هذه سبيلي، والمنقذ من الفتن ومدمر دولة إسرائيل) معتمداً على نصوص القرآن الكريم والسنة، وألخصها في الأتي:
1  أن عيسى ابن مريم ينزل روحاً في الأرحام ، ويولد ثانية من إمرأة من آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم متزوجة، ويكون له أب في ظاهر التشريع.
أما من جانب التحقيق فلا صلة نسب بينه وبين أمه وأبيه، تماماً كما كان الحال في بني إسرائيل. اذ لا صلة نسب في الحقيقة بين عيسى ومريم إبنة عمرآن. بل كانت أمه فقط من جانب التشريع الظاهري، ليألفه الناس ويأخذوا عنه التشريع. لذا ولد ولادة طبيعية، وفي ذات الوقت ليس له صله بأمه، وتكفي شهادة الله في قوله: }   إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُـونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ {آل عمران الآية59-60.
فقارن خلقه مع خلق آدم عليه السلام ،الذي لم تكن له أم ولا أب. ويفصل القرآن ذلك في قولـه تعالى: { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهـَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا {مريم الآية17. وأورد إبن جرير الطبري في شرحه (أن الذي تمثل لها بشراً سويا هو عيسى ابن مريم ، وهو الذي دخل في بطنها وحملت به وولدته) أي أنه لا صلة لبشريته ببشرية مريم، فهو ليس بضعة منها. 
وكذلك الحال في آخر الزمان قال تعالى: { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ {الأنبياء الآية 104. 
 2 يجئ عيسى ابن مريم من قبل الغرب بعد أن يولد تحديداً في السودان، ويتـنقل فى عسكر المسلمين حتى ينتهي به المطاف إلى القدس وقتل الدجال.
 3 عند ميلاده الثاني يحمل اسم (سليمان) ومن شك في صحة ما أقول فالأمر يحتم  عليه مراجعة أهل الكتاب. وفي هذا الشأن يقول تعالي: { فَإِنْ كُنْتَ فِي شـَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَـا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ {يونس الآية94. وقال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ.. {النحل الآية43-44. والبينات والزبر هي الكتب السابقة لقوله تعالى: { فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِير{  آل عمران الآية184.
 وقد ورد في الكتاب المقدس الآتي:
1.     عن ميلاد عيسى ابن مريم:
     جاء في إنجيل يوحنا الإصحاح الثالث: (كان إنسان من الفريسيين إسمه نيقوديموس رئيس لليهود. هذا جاء إلى يسوع ليلاً وقال له: يا معلم إنك قد أتيت من الله معلماً لأن ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل إن لم يكن الله معه) .
 أجاب يسوع وقال له: (الحق الحق أقول لك لا أحد يمكنه أن يرى ملكوت الله إلا إذا ولد من جديد).
قال له نيقوديموس: (كيف يمكن الإنسان أن يولد وهو شيخ؟ ألعله يقدر أن يدخل بطن أمه ثانية ويولد؟). الكتاب المقدس. العهد الجديد. طبعة دار الكتاب المقدس في العالم العربي 1983م مترجم من اللغة اليونانية.
وجاء في كتاب ميلاد يسوع المسيح إنجيل متى الإصحاح الأول /18. أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا: ( لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف، قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح المقدس ) وفي الإصحاح 21: (لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس) نفس المصدر السابق.
فصريح هذه النصوص من الكتاب المقدس تثبت أن عيسى المسيح هو من الروح وليس من جسد. وعن نزولة ثانية روحاً وليس جسداً جاء في إنجيل يوحنا الإصحاح السادس:62-63  (فإن رأيتم ابن الإنسان صاعداً إلى حيث كان أولاً .. الروح هو الذي يحيى ، أما الجسد فلا يفيد شيئاً ).
 2. عن ميلاده من إمرأه متزوجة في المغرب:
     جاء في إنجيل متى الإصحاح الرابع والعشرين: 23-27 (إن قال لكم أحد هو ذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا .. إلى قوله ها أنا قد سبقت وأخبرتكم. فإن قالوا لكم هاهو في البرية، فلا تخرجوا هاهو في المخادع، فلا تصدقوا. لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلى المغارب، هكذا يكون أيضاً مجئ ابن الإنسان).
فالمسيح حسب هذا النص يعود هو (ابن الإنسان) وليس (ابن الله) كما زعموا في ميلاده الأول وأعوذ بالله مما قالوا، والإنسان المقصود والواردة الإشارة إليه هو أبيه في التشريع الظاهري. ولما كان في ميلاده الأول لم يكن له أب في ظاهر التشريع، سموه من تلقاء أنفسهم بـ(ابن الله) ويفهم من النص أعلاه أنه لا يعود من المشرق ولا في القدس ولا في برية فاران جنوبي فلسطين، وإنما يجئ من المغرب تماماً كما صرحت بذلك السنة .
 3 عن اسمه (سليمان (
      فقد جاء في إنجيل يوحنا الإصحاح الثاني 19-21 (أن اليهود قالوا له أي آية ترينا .. أجاب يسوع وقال لهم: انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه. فقال اليهود: في ست وأربعين سنة بنى هذا الهيكل أفأنت في ثلاثة أيام تقيمه ؟! وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده). فهيكل سليمـان هـو جسد المسيح بالنص الصريـح من الكتاب المقدس. مما لا يدع مجالاً للشك أن سليمان اسم من أسماء المسيح، لأنه لا يمكن أن تفرق بين الإنسان وهيكله، وهو قوام جسده وظهور بشريته  ولا أدري إن كانت الست والأربعين عاماً لها علاقة بتاريخ ميلادي في عام 1946م.

 المسيح ابن الإنسان:

     معلوم من عقيدة النصارى أن عيسى ابن الله تعالى سبحانه عن ذلك علواً كبيراً وتبرأت إليه مما قالوا.  وإنهم يعتقدون أيضاً أن كل من آمن بأن عيسى ابن مريم هو المسيح يعتبر ابناً لله.
جاء في الإصحاح الخامس من رسالة يوحنا الرسول الأولى ما يلي: (كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد ولد من الله ....من هو الذى يغلب العالم إلا الذى يؤمن أن يسوع المسيح هو ابن الله).
أقول: إذا كان كل مولود له أب من البشر أى إبن إنسان يكون إبناً لله، إذا آمن أن عيسى ابن مريم هو المسيح الموعود به في التوراة، وأن اليهود يعتبرون أنفسهم أبناءً لله بنص قوله تعالى: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ { المائدة الآية 18.
فإذا كان في عقيدة النصارى أن المولود من الروح هو ابن الله، وان ابن الإنسان إذا كان يهودياً أو نصرانياً هو ابن الله أيضاً، وهنا أطرح سؤالاً فى غاية الأهمية هو: كيف يعود المسيح ابناً للإنسان؟.
لقد جاء فى أنجيل متى 36:24-37ما يلي: (أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعرفها أحد ولا ملائكة السماوات إلا أبي وحده، وكما كانت الحال في زمن نوح كذلك سيكون عند عودة ابن الإنسان).
أقول في الشرح:
 أولا:  إن الإنسان المذكور هو (عبد القاسم) وهذا يحتم ميلاده ثانية.
ثانياً: إن المسيح عند عودته لا يدين لا بالتوراة ولا الإنجيل وألا لكان إبناً لله وليس ابناً للإنسان، وفق النصوص الإنجيلية السابقة، وإلا كان ابناً لله كما يزعمون. وفى ذلك دلالة على أنه يدين بالإسلام كما ورد في السنة الصحيحة. 
 4 زمن عودة المسيح:
     جاء في كتاب النبوءة والسياسة للكاتبة غريس هالسـل ترجمة محمد السماك: وفي العشاء الذي أقيم في عام 1981م تحدث ريغان عن هرمجدون نووية قادمة .. قال ريغان: ان جميع النبوءات التي يجـب أن تتحقـق قبـل هرمجدون قد مرت. ففي الفصل 38 من حزقيال: "أن الله سيأخذ أولاد إسرائيل من بين الوثنيين حيث سيكونون مشتتين ويعودون جميعاً مرة ثانية إلى الأرض الموعودة. لقد تحقق ذلك أخيراً بعد ألفي سنة ولأول مرة يبدو كل شيئ في مكانه بإنتظار معركة هرمجدون والعودة الثانية للمسيح"  وسأل ريغان غراهام "هل تعتقد أن يسوع المسيح سيأتي في سرعة، وماهي مؤشرات قدومه!. إذا كان الأمر كذلك؟ و رد غراهام: أن المؤشر هو أن المسيح يقف خلف الأبواب وسيأتي في أي وقت"
فأقول: أن الشئ المؤسف حقاً، أن اليهود والنصارى وعلى الرغم من التحريف الذي لحق بالتوراة والإنجيل، إلا أنهم يعلمون تماماً أن هذا هو زمن عودة  المسيح. في حين أن المسلمين في جهل تام وغفلة عما يدور حولهم من أحداث مفصلة في الكتاب والسنة ، بمحجة بيضاء ليلها كنهارها . فصح فيهم قول الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ { مريم الاية 59. بعدم التمسك بالقرآن حبل الله الذي يوصلهـم به} وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا { مريم الاية 59ضلالاً في الدنيا وعذاباً في الآخرة. إن خليفة الله في الزمن الذي نعيشه، هو عيسى ابن مريم ، مهدي هذه الأمة، لا ينازعه في هذه الخلافة إلا المضلون الذين جعلوا القرآن عضين.

الفرق الضالة

الدول العلمانية تنقسم إلي قسمين: ديمقراطية تعددية أو شمولية، كالشيوعية أو الاشتراكية القومية أو العسكرية أو الملكية المتواترة بالوصاية .
وتعرف هذه المجموعة الأخيرة باسم الدكتاتورية، لأن الحاكم فيها يفرض نفسه بالقوة والتسلط ، سواء كان فرداً أو مجموعة صغيرة قوية ، تهيمن علي الأغلبية بالقوة، في مقابل الديمقراطية التي يتم فيها اختيار القيادة بالإنتخاب الحر. فيكون الحكم للأغلبية.الا انه في كل من الديمقراطية والدكتاتورية لايتم اختيار القائد باختيار الله، وبالتالي فهو مناهض لخلافة الله، الذي لا يشرك في حكمه احداً .يقول الله تعالي: { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ { .القصص الآية68. فالزعيم الذي يتولى القيادة السياسية بفرض نفسه أو باختيار الجماعة في الأحزاب السياسية وأئمة الطوائف الدينية، سواء كانت أصولية أو صوفية أو شيعه هم الفرق الضالة، لأن الناس لا يختارون لله خليفته في الأرض، ولكن الله يخلق ويصطفي لمنصب خلافته من يشاء، ويأمر الناس بطاعته، فمن اتبعه نجا ومن خالفه ضل وغوى، ولا يدور بخلدي ولا يخطر ببالي أن أي واحدة من هذه الفرق الإسلامية تسقط من تشريعاتها ومعتقداتها مقومات الدين الواردة في الحديث الذي رواه مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قـال: {بينما نحن جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم اذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر.لا يرى عليه اثر السفر ولا يعرفه منا احد ، حتى جلس إلي النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع يديه على فخذيه، وقال: يا محمد اخبرني ما الإسلام؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أن تشهد أن لا إله الا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. فقال: صدقت. فعجبنا له، يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان ؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة ؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل. قال: فأخبرني عن أماراتها ؟ قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، ثم انطلق ملياً .ثم قال صلى الله عليه وسلم : أتدري من السائل قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل، أتاكم يعلمكم أمر دينكم{.
إن الشئ الوحيد الذي يدفع الطوائف الدينية إلي النار مع أنها تعمل بما جاء في الحديث، هو عدم إتباعها خليفة الله الذي صدع بأمره جهرة ، فتبعته طائفة هي الناجية، ولا يشفع للطوائف الأخرى شهادتها بالله ورسوله، ولا صلاتها وصومها وزكاتها وحجها، ولا إيمانها بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر والقدر خيره وشره، لعدم ابتغائها الوسيلة إلى الله بخليفته قال تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ { آل عمران31 . قال تعالى:  } أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ { الاسراء57 .فالطريق الموصل إلى الله هو خليفته لا غيـره.قال تعالـى: { وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ { النحل9. وهو الذي يشفع للأمة في قرنه، يوم يدعو الله كل أناس بإمامهم ، يقول تعالى: { يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا {الإسراء الآية 71.فكلمة }أناس{ تعني شريحة من أمة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي السنة شرح للقرآن، فقد قال صلى الله عليه وسلم: {...لا يزال أناس من أمتي منصورين لا يبالون من خذلهم حتى تقوم الساعة{رواه احمد رقم19468.وإمام هؤلاء الأناس من الأمة هو مجدد قرنه وإمام وقته وغوث زمانه وهو إمام الفرقة الناجية من هذه الأمة، فعدم معرفته جهل، وعدم إتباعه ضلال،وعدم الإيمان به كفر.
أورد محمد حسين الانصارى في كتابه(الإمامة والحكومة في الإسلام) الطبعة الأولى.قال:وقد ورد عنه صلى الله عليه واله: {من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية{.مسند احمد ج4/ص96.صحيح البخاري ج5/ص13/ص440.صحيح مسلم.شرح النووي ج12/ص440.ورواه كثير من الشيعة منهم الكليني في(أصول الكافي) الحديث رقم 5/ص103/ج1.
الشرح والتعليق:
كلمة }إمام زمانه{ تعنى واحداً في الكون على مدار الكرة الأرضية، في زمن حياة كل فرد، وأن الإمام معين من قبل الله، ولم يوكل أمر اختياره لقناعات الناس، وإلا لما كان سبب عدم معرفته خروجاً عن ملة الإسلام.قال تعالى في هذا المعنى: { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا {الكهف103-104.فمن من ملوككم وأمرائكم ورؤسائكم ينطبق عليه شرط الإمامة غيري؟       
وهذا الإمام وأتباعه هم الطائفة المنصورة دائماً وأبداً بتأييد الله لها بقوله تعالى: { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِيـنَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ {غافر الآية51
وأحذر الناس من فتنة الأمراء الظلمة والقراء الفسقة . فقد روى الإمام القرطبي في التذكرة في أسباب الفتن، عن أبي نعيم عن عمر بن الخطاب قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحيتي، وأنا أعرف الحزن في وجهه فقال: {إنا لله وإنا إليه راجعون.فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون . فمم ذلك يا جبريل ؟ فقال إن أمتك مفتتنة بعدك بدهر غير كثير، فقلت: فتنة كفر أم فتنة ضلال ؟. فقال: كل سيكون، فقلت: ومن أين وأنا تارك فيهم كتاب الله؟ قال:فبكتاب الله يفتنون، وذلك من قبل أُمرائهم وقرائهم. يمنع الأمراء الناس الحقوق، فيظلمون حقوقهم ولا يعطونها فيقتتلوا ويفتنوا، ويتبع القراء أهواء الأمراء فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون{ التذكرة اسباب الفتن ص487.
وملخص كل ما ذكرنا، ولمعرفة تصنيف طائفتك التي تنتمي إليها ناجية هي أم ضالة. أسال نفسك سؤالاً بسيطاً عن إمام الطائفة التي تنتمي إليها. فإن كان مآل الرئاسة إليه جاء عن طريق انتخاب أو ميراث والده أو فرض نفسه بالتسلط، فأنت من الفرق الضالة، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: { إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى {النجم الآية23. فسلطان الله أنزله بخليفته الذي عينه. أما هؤلاء السادة فهم الذين يجادلهم الضعفاء يوم القيامة فيقولون كما جاء على لسان الحق: {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا{الأحزاب الآية67.وإن كان إمامك قد تم اختياره من الله بإعلانه ذلك عن نفسه فآنت من الفرقة الناجية.قال تعالى:}وَمَا كَـانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمـًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ {. التوبة115 .

  السفيانى:

كان أول الخلفاء أبو بكر الصديق، لم يقاتل على الإمامة لينتزعها من غيره ولم يخلف على عهده ابنه، وخلفه عمر بن الخطاب بلا قتال، ولم يوصِ بالعهد لابنه عبد الله احد فقهاء الأمة، وقتل الخليفة عثمان وخلفه الإمام على، ولم يوص لابنه الحسن أو الحسين بالخلافة من بعده، بل كل هؤلاء تركوا أمر الخلافة لله، يختار من يشاء وأول بدعة في الخلافة أحدثها معاوية بن أبى سفيان بانتزاعها بالقوة، وأوصي بها بعده لابنه يزيد، فكانت البدعة الثانية التي أحدثها معاوية في أمر الخلافة، ولذلك أسقط سلف الأمة معاوية بن أبى سفيان من قائمة الخلافة الراشدة، لان الرسول صلى الله عليه وسلم صح عنه قوله: {إن خيـر الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلـم، وشـر الأمور محدثاتها وكـل بدعة ضلالة..{ رواه مسلم. ولمسلم أيضاً}إن الله يرضي لكم ثلاثاً: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وان تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم{ فكل من عمل ببدعة معاوية بن أبي سفيان في خلافة المسلمين وأمارتهم فهو سفياني كقولهم( حاتمي، وعصامي، وخرافي، وطفيلي(وليست السفيانية موقوفة علي سلالة خالد بن يزيد بن أبى سفيان، لقد استمرت بدعة معاوية إلي اليوم في الملك العضود واستخلاف الملوك لأبنائهم، بوصية ولاية العهد في العالم الإسلامي اليوم، أو التسلط علي الخلافة بالانقلابات العسكرية أو الانتخاب الحر الذي لا نشهد له مثالاً الا في لبنان، ولا نجد من كل هؤلاء خليفة اصطفاه الله، فهم جميعاً أئمة ضلالة.

حكم الدين والعلم في كيفية رفع عيسى ابن مريم ونزوله:

كانت دعوة الأنبياء لاقوامهم تعتمد علي أنهم مبعوثون من عند الله خالق الكون، ومثال ذلك رد إبراهيم عليه السلام علي قومه قال تعالى: { قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ {الأنبياء الآية55-56. وكانت حجة المكذبين والي اليوم تتمثل في قوله تعالى: { قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ { الأنعام 91. اذ أنكر الناس علي المرسلين قولهم أنهم مبعوثون من عند الله، ويشهد الله لصالح المرسلين بقوله تعالى: { سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ { فصلت الآية 53. أي أن الله وعد المرسلين بأنه سيثبت للناس من خلال العلوم الكونيــة } فِي الْآَفَاقِ { وعلم الطبيعة } وَفِي أَنْفُسِهِمْ { أن الكتب التي جاء بها المرسلون مرسلة من عند خالق السموات والأرض ومن فيهن، فالكتب قوله، والكون فعله، ولا يمكن أن يخالف قول الله فعله، أي لا يمكن أن يختلف الفهم الصحيح للكتب المنزلة مع العلم المادي المجرد الصحيح يقول تعالى في رد موسى علي جدل فرعون: { قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى { طه49-50.أي أن الله خلق المادة وأعطاها طبيعتها وخصائصها الفيزيائية والكيميائية(وهدي) عقل الإنسان بالعلم المجرد       } الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ { الفلق4-5. بعد انقضاء زمن النبوءات فيكتشف بالعلم التجريبي الحديث مطابقة ما جاء في الكتب المنزلة لعلوم لم تكن معلومة للناس زمن الرسل، فتكون الحجة بالغة في أن الأنبياء لا يمكنهم أن يتقولوا الكتب.
وفي العلم الحديث نظرية فحواها (أن المادة إذا سارت بسرعة الضوء تتحول إلي طاقة) وهذه النظرية متى صحت فإنها تثبت إعجازا قرآنياً في غاية الأهمية، لتصحح عقيدة المسلمين والنصارى بان رفع المسيح إلي السماء روحاً وليس جسداً، فقد بين القرآن السرعة التي تعرج بها الأشياء قال تعالى: { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ {المعارج الآية4.فهى تساوى50.000×4/3651يوماً ،وكل يوم من هذه الأيام يساوى ألف سنه مما تعدون بحسب أيام الله  كما قال تعالى: { وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ{ الحج الآية47.وعليه نحسب سرعة العروج إلي الله بالسنين الضوئية، لأن أهل الأرض الأن يعدون المسافات بين الاجرام السماوية بالسنين الضوئية اى تساوى (50000× 4/3651×1000)سنة ضوئية، ومن هذه النظرية فان اى مادة تسير بهذه السرعة تتلاشى كتلتها وتتحول إلي طاقة. وبما أن كتلة المسيح ابن مريم من جنس المادة الأرضية } خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ {فان قانون المادة ينطبق علي مادة جسده بدليل قوله تعالى: { الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ{ الملك الآية3-4. وفي قـوله تعـالى} يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ {أن ما ينطبق علي قانون مادة السموات والأرض ينطبق علي مادة الإنسان، فالملائكة روح، فهي تسير بسرعة الروح هذه، وكذلك عيسى ابن مريم فانه يسير إلي الله بنفس سرعة الملائكة وهكذا الحال مع جميع أرواح البشر عند الموت، ولكن بعد مفارقتها لأجسادها المادية، فانه لا تعرج إلي الله الا الأرواح قال تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ {وانه لا تنزل من الله الا الأرواح} تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا {ولما نزل القرآن من الله نزل روحاً قال تعالى: { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا{ الشورى الآية52. وان جبريل الذي يحمل(القرآن) يسير بنفس السرعة، ليتناسب جسمه مع سرعة الروح، فكان روحاً قال تعالى: { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ { الشعراء 193.وهذه القاعدة تحل إشكال خلاف الصحابة عن كيفية إسراء الرسول صلي الله عليه وسلم وعروجه، فمنهم من قال عرج روحا، وقال الآخرون غير ذلك، فاختلف السلف في الإسراء علي عدة أقوال:
 1  رفع روحاً وجسداً.
  2رفع روحاً.
 3 رفع درجه.
إلا أن الحق الواضح من القران والسنة، أن الإسراء من مكة إلي بيت المقدس ذهاباً وإياباً كان بالروح والجسد معاً، لأنه استقل فيه صلي الله عليه وسلم دابة البراق وتركها مربوطة عند عروجه على حائط المسجد، وكونها دابة فإنها ملازمة للسير علي ظهر الأرض، أما المعراج من بيت المقدس إلي السموات عروجاً ونزولاً فكان بالروح، وهناك نص صريح أورده ابن كثير في شرحه للآية الأولى من سورة الإسراء، قال صلي الله عليه وسلم: {أوتيت بالمعراج الذى كانت تعرج عليه أرواح الأنبياء{ فلو لم يسر الرسول الكريم بسرعة الروح فانه لن يصل إلي رب العزة فوق السموات .
وهناك تأكيد لما أقول في واقعة كلام الله عز وجل لنبيه موسى عليه السلام، فان الله لم يكلمه من فوق السموات، لان الكلام يسير بسرعة الصوت، ولو سار بها فانه إلي اليوم لن يصل الأرض، أي أن موسى سيفارق الحياة في عمره الذى تجاوز المائة  بقليل دون أن يسمع كلام الله، لان ذلك العدد من السنين لن يمكن لكلام الله إلي الوصول من السماء إلي موسى في الأرض إذا سار بسرعة الصوت.ويتجلى الإعجاز القرآني في أن تحديد وصول الكلام إلي موسى عليه السلام تم علي مرحلتين:
 1 تنزل الكلام من فوق السموات إلي موقع الشجرة بالأرض بسرعة الضوء لا الصوت، فتحول الصوت إلي نور، وسار بسرعة الضوء قال تعالى: { إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ {المائدة 44. وتجلي هذا النور على هيئة نار فراه موسى بعينه المجردة قال تعالى: { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَــدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى {طه9-13.وعندما أقترب موسى من النار مسافة غير بعيدة تسمح بالمناجاة، كلمه ربه بلغة المشافهـة } وَكَلـَّمَ اللَّهُ مُوسَـى تَكْلِيمًا {النساء164. فانتقل الكلام الرباني بسرعة الصوت وطرق مسامع موسى عليه السلام.
فيمكن بسهولة فهم واستيعاب حقيقة أن عيسى ابن مريم عندما رفع إلى الله سار بسرعة الروح لاصطحاب جبريل له في الرفع إلي الله والعودة منه، وتلاشت كتلة جسده وتحولت إلي طاقة، أي إلي روح، ومعلوم أن الروح هي الطاقة والقوة الدافعة للأجسام.
إن الله تعرج إليه الملائكة والروح كما في آية المعراج، ولا ينزل منه الا الروح والملائكة قال تعالى: { تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا {القدرالآية4.ولما كانت أجسام الملائكة مخلوقة من النور فان الملائكة تسير بسرعة النور أيضاً،وعندما ينزل جبريل بالقرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم فان أحرف القرآن تتصف بصفة النور لتسير بسرعته قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ {المائدة الآية15. ونستنتج من هذا البحث أن عيسى ابن مريم كان بشراً سوياً في بني إسرائيل، فانه عند رفعه إلي الله ورجوعه ثانية إلي الأرض تحول إلي روح صرفة، ولتقريب المعنى لعقل الناس علي سبيل المثال(تحولت صورته كما تتحول الصورة، وتنقل علي هيئة ذبذبات كهرومغناطيسية تعرج من الأرض إلى السماء ثم تعود إلي الأرض من الأقمار الاصطناعية وتستقبلها أجهزة متخصصة لتعيدها إلي صورتها الأولي) وهذا ما يماثل الرحم الذي يستقبل روح عيسى عند عودته، اذ لا بد من وجود هذا الرحم ليعيد تكوين صورة عيسى الأولي في بني إسرائيل قبل الرفع . قال تعالى: { وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ { العنكبوت الآية43.

الحق الناصع:

1/.الحقيقة العلمية تقول: ان عيسى ابن مريم اذا سار بسرعة الروح عروجاً الى الله فان جسده يتلاشى ويتحول الى روح مطابقاً لما جاء في القرآن     } تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ { ومطابقاً لما ورد فى الانجيل فى الاصحاح السادس:62-63:(فإن رأيتم ابن الانسان صاعداً الى حيث كان أولاً...الروح هو الذى يحي أما الجسد فلا يفيد شيئاً) فعلى اى أساس بنى أهل القرآن وأهل الانجيل اعتقادهم في بقاء المسيح بعد الرفع بشراً كاملاً وعلي صورته البشرية المادية؟.
2/.لا يكون نزوله فى الشام كما جاء في الاصحاح الرابع والعشرين:23-27(إن قال لكم أحد: هو ذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا.فان قال لكم: ها هو في البرية فلا تخرجوا.ها هو فى المخادع فلا تصدقوا.لأنه كما ان البرق يخرج من المشارق ويظهر الى المغارب هكذا ايضاً يكون مجئ ابن الانسان) ان عيسى بنصوص الانجيل لا يعود من السماء الى الارض المقدسة، ولكنه يجئ اليها من المغرب كما جاء في رواية الإمام احمد عن النبي صلى الله عليه وسلم: {ثم يجئ عيسى ابن مريم من قبل المغرب{.
 3.أما زمن مجيئه جعل الكتاب المقدس له علامة وهى ما جاء فى حزقيال فى الفصل38(إن الله سيأخذ اولاد اسرائيل من بين الوثنيين حيث سيكونون مشتتين ويعودون جميعاً مرة ثانية الى الارض الموعودة)(انظر التكملة في زمن عودة المسيح ص23). وهذه العلامة تطابق تماماً ما جاء فى سورة الاسراء الآية104:  } وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا { وقد تحقق ذلك فى عودة اليهود بعد وعد بلفور وإقامة دولة اسرائيل الحالية.والخلاصة ان المسيح موجود الآن فى المغرب(السودان) بميـلاده الثانـى وهو ذات سليمان أبو القاسم موسى.
قال تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْـرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ {. الحج 8 فقوله علم: العلم المادى الصحيح. الهدى:هدى الانبياء. الكتاب المنير:المنزل من عند الله عز وجل.    

  تنبيه للعلماء:

قال تعالى: { فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْـهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ { القصص الآية48-49.
كنت أقول للعلماء والعامة قولاً واحداً منذ عام 1981م (بداية إعلان هذه الدعوة): (أن نصوص القرآن والسنة تؤكد أن عيسى ابن مريم موجود روحاً، وأنه ينزل روحاً  ولكن في الأرحام، ويكون له ميلاد ثان، وأن التوراة والإنجيل يؤكدان ما جاء في القرآن). وكنت أقول أيضاً: (إذا جاء أحد من العلماء أو الناس بنص صريح من كتاب الله، لا من عند الناس يخالف دعوتي فأنا أولى بإتباع كتاب الله من الناس أجمعين)، وإن لم تفعلوا- وهذا ما عجز عنه العلماء والناس إلي اليوم- ولن يفعلوا مستقبلاً، عند ذلك يحل عليهم قوله تعالى: { فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{القصص الآية50.وذلك لأنني أتلقى التوجيهات من الله ورسوله وجبريل عليه السلام.وأن هذه التوجيهات لا ترقى إلي مستوى تشريع نبوة، ولكن للفهم الصحيح لمعاني الكتاب والسنة، وهو تشريع الهداية لا النبوة." وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ" الشعراء
الآية227



الخـاتمة

قال تعالى: { كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {المجادلة الآية21-22 .
إن هذه الفترة الحرجة من التاريخ، والمنعطف الحاد الذي تمر به  الأمة الإسلامية، يحتاج إلى قائد خاص ليس ككل القادة، ومن طراز معين مميز عن كل من سواه، حتى يخرج بالمسلمين من حالة الضعف والهوان، وعلو الشعوب الأخرى عليهم واستغلالهم، إلى منعة الإسلام وعزته، فان العزة للإسلام والمسلمين فاعتبروا يا أولي الألباب، قد أنزل الله إليكم ذكراً، وهبت رياح التغيير.
إن الحرب الوشيكة مثلها مثل الحروب السابقة ستحرك المياه الراكدة وستأتي بمعين صافي، ولله عاقبة الأمور.يقول الله تعالى: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا.. {الانبياء الآية105-106. قال تعالى: { وَلَتَعْلَمـُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ { سورة ص الآية88.            

المسيح المهدي المحمدي/
سليمان أبو القاسم موسى

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المنشور رقم (6) ظهر المهدي المنتظر الجزء الثاني

فصـل نهاية النشأة الاولي قال ابن عربي: " نشأة متحدة وهيئة فردية متجسدة فلما كملت بنيتها وتخلقت بصفتها نفخ فيه الشخص الروحاني والكلمة الإلهية، والأمر الرباني فقامت النشأة علي ساقها تعتمد وبأمرها تستند وتواري الدور بالنشأة على أصل البدء إلى أن سلخ ذلك النهار من ليل أرضه والتحق بعنصره الأعلى " . عنقاء (لؤلؤة التحام إلىواقيت وانتظام المواقيت).  تحليل: قوله: " نفخ فيه الشخص الروحاني والكلمة الإلهية والأمر الرباني " الضمير في نفخ يعود للحق عز وجل بإشارة بيانية إلى قوله تعالى: " وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا " الأنبياء 91. وقوله تعالى: " وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا " التحريم 12. والشخص الروحاني هو شخص عيسى بن مريم وعطف الكلمة الإلهية والأمر الرباني عليه، دال على ذلك فهو الكلمة الإلهية. يقول تعالى: " إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ " النساء 171. وقوله "

المنشور رقم (17) شعب الســـودان سيقود العـــالم بالإســـــلام

بسم الله الرحمن الرحيم إستفتاح: خلف هذه الأمة اقدر على فهم نصوص الكتاب والسنة التي تخاطب زمانهم وأن عليهم مراجعة نصوص الآيات والأحاديث لمعرفة الفقه الصحيح المستنبط منها وليس الانغلاق على فهم السلف لتلك النصوص فالمرجع هو نصوص القرآن والسنة النبوية وليس فهم السلف لهذه النصوص وهذا ما أرشد اليه نبي هذه الامة فقد جاء في صحيح البخاري ـ الطبعة الثانية ـ طبعة بيروت 1402هــ1982م عالم الكتب.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"...ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه" كتاب العلم حديث رقم(9)صفحة 45، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"...فليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ يبلغه من هو أوعى له " كتاب الفتن حديث رقم  (27) صفحة 90 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نضر الله إمرئاً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه الى من هو افقه منه" صحيح اخرجه الترمذي 5/24 واللفظ له وابن ماجة 1/85 واحمد 1/437. هذه الأحاديث ترد المذهب السلفي وتثبت مذهب التجديد بالفهم الحديث المعاصر قال صلى الله عليه وسلم:" إن الله يبعث لهذه الامة على رأس كل

المنشور رقم (11) لمــــاذا المسيــــح في الســـــودان

بسم الله الرحمن الرحيم مـدخل: بعد أن مضى على كتابة هذه النشرة أكثر من عام أوردت صحيفة الصحافة بتاريخ 9 شعبان 1426هـ الموافق 13 سبتمبر 2005م في صفحتها السادسة مقالاً بقلم: مسمار السقيد. تحت عنوان: (كا- رع- اتوم..) أسطورة متجددة. وألحقت هذا المقال بالنشرة لأنه طابق لما نشرته سابقاً تحت عنوان (الخرطوم مركز القيادة). جاء في مقال مسمار السقيد:” كان ذلك في زمان موغل في الزمان قبل أن يتواضع الناس علي حساب الأيام وقبل تدفق السنين كان لأهل (أطلنتس) في ديارهم جنتان ذوات أكل خصب وإمراع ودهشة وكان قد اجتمع لهم علم الظاهر والباطن فعرفوا خواص الضوء والصوت وانفتحت لهم اسرار الكيمياء فانكبوا على المعادن يفتتون ذراتها ويستخلصون منافعها وتيسرت لهم معرفة الكوارتز والسليكون وفعاليته الكهرومغنطيسية والتفتوا إلى الجواهر فكشفوا أبعادها الجمالية وأغوارها السحرية. وجاء في أخبار الرواة الثقاة من لدن شيخ الطريقة أفلاطون إلى فقهاء العصر الجديد أن أهل أطلنتس لطول باعهم في علم الفلك قد علموا بأن شهاباً رصدا قد دنا أجله فخرج عن مداره وهوي منتحراً تجاه الأرض مستقبلاً أوديتهم، فكان أن أجتمع كهنتهم عن