التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المنشور رقم (18) قائم أهل البيت

بسم الله الرحمن الرحيم
مـدخل
ذكر الدكتور البستوي في كتاب (المهدي المنتظر)على ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة ص 286 وقال الحافظ ابن حجر: 
" وفى صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو من قائم لله بحجه "أهـ.
السـؤال:
من هو حجة الله في الأرض اليوم ؟ ومن لم يجب على هذا السؤال فليس من الإسلام في شيئ للحديث الصحيح الذي أخرجه  البخاري بمعناه حديث رقم 7054 ومسلم بمعناه 1849 "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية" ومعرفته وسيله لمبايعته للحديث الصحيح الذي رواه مسلم "ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية".
وإذا إدعى شخص هذا المقام أوجب الله على الأمة إتباعه وإذا أنكروا عليه لابد أن يأتوا بالبديل الذي يستند على شرعية إمامته بنصوص واضحة من الكتاب والسنة إذ لا يوجد زمن كلالة في هذه الأمة بلا إمام بنص قول ابن حجر السابق.

 اسـتفتاح :
في تحدٍ سافر لسيادة الإنقاذ في السودان طالعتنا صحيفة (اخبار اليوم ) عدد 3789 بتاريخ الخميس 19 ربيع الاول 1426هـ  28أبريل 2005م بالعناوين الرئيسية الآتية:    
بالصور: الأمم المتحدة أعلنت إكمال نشر القوات لحفظ السلام بالسودان قوات نيبالية وصلت للأُبيض.
نائب المتحدث باسم مبعوث عنان:  1906 من القوات الدولية بجوبا 2091 بملكال 1806 بواو 1554 بالدمازين 337 بكسلا 387 بأبيي 575 بالخرطوم. في تطور جديد: الحلف الأطلسي تلقى طلباً مكتوباً من الاتحاد الأفريقي لتقديم دعم لوجستي لبعثة المراقبة الأفريقية بدار فور.
وجاء في صحيفة أخبار اليوم العدد 3791 السبت21 ربيع الأول 1426 هـ. الموافق 30ابريل 2005م .
عنوان  في الصفحة الإفتتاحية  يقول: الإتحاد الأفريقي يوافق على تعزيز قواته بدارفور وعنان يقترح أن تنضم القوات الأفريقية للأمم  المتحدة بالسودان.
وجاء في الصفحة الثامنة من صحيفة أخبار اليوم بذات  العدد العناوين الآتية: هل تتحول قوات البعثة الأفريقية من المراقبة إلى الضغط على الزناد؟ بعد تلميحات ثامبو أمبيكي الأخيرة (أخبار اليوم ) تضع الموقف بين يدي من يهمه الأمر: في قريضة توجد سريتان من القوات وأنا أؤيد أن تتحول لحماية المدنيين.
ممثل العدل والمساواة: أن تتحول القوات من الرقابة إلى الحماية هذه كارثة وقال الدكتور البوني في الصحافة الأحد أول مايو2005  صفحة10 تعليقا على دخول قوات الأمم المتحدة :(اليوم ننكس راية استقلالنا وليشهد التاريخ نهاية شعبنا) وصدق البونى فقد دخلت هذه القوات عنوة بدون موافقة الحكومة .قالت راضية عاشوري: أن الإتفاقية بين الحكومة والأمم المتحدة(حول هذه القوات) لم توقع بعد ولكن منحت التفويض من مجلس الأمن الذى أعطاها الشرعية) الوان عدد الجمعة 20 مايو 2005م الصفحة الأولى.
أقـول :
إن تحول عمل القوات الأفريقية من المراقبة إلى الحماية يعني سلب السلطة الوطنية الحاكمة ووضع الشعب السوداني تحت سيادة الأمم المتحدة والأمم المتحدة هي الأخرى تحت سيادة الولايات المتحدة الأمريكية(الصليب الذي يحمي اليهود). فلا تحسبوا أن الله غافل عما يعمل الظالمون لقد كان الله لهذا اليوم بالمرصاد فقد سبق أن أُسري برسوله محمد عليه الصلاة و السلام إلى بيت المقدس وعرج إلى السماء وعاد بالمسيح إلى الأرض في ليلة الإسراء ليدخره لهذا اليوم الموعود عندما يعود اليهود إلى الأرض لفيفاً ويفسدوا في الأرض تحت رعاية وحماية المسيح الدجال الأمريكي وحذّرهم الله تعالى فقال "وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا " (8) سورة الإسراء. عدنا بالمسيح المهدي المحمدي في مواجهة المسيح الدجال وفتنته التي تعوّذ منها النبي الكريم عليه الصلاة والسلام. روى أبو داود عن عمير بن هاني سمعت عبد الله بن عمر يقول: " كنا قعوداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الفتن فأكثر من ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل وما فتنة الاحلاس؟ قال هي: حرب وهرب. ثم فتنة السراء دخلها أو دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس مني إنما أوليائي المتقون ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع. ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة حتى إذا قيل انقضت عادت حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو غده".
إن من أهم أسباب تسمية هذه الفتنة بالسراء لأنها تسر المسلمين بخروج المهدي المنتظر بقوله "رجل من أهل بيتي يزعم انه مني وليس مني" لأنه يضع حداً لهذه الفتن المتلاحقة التي أوقد نارها الدجال المذكور في نهاية الحديث " فانتظروا الدجال من يومه أو غده" وهذا المهدي البيتي ما هو إلا عيسى ابن مريم لأنه الذي يخرج للقضاء على الدجال ويؤكد هذا المعنى الحملة المعلنة التي تقودها أمريكا للقضاء على الإسلام ويرفع الله التحدي في وجه أمريكا بقوله "يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" (32) سورة التوبة. فاليهود يحركون هذه الفتن من وراء الستار للقضاء على الإسلام والنصرانية ليأتي ملك اليهود (المسيا) لحكم العالم والقضاء على الملل كلها إلا اليهودية. والنصارى يشنونها حربا صليبية لمصادمة اليهود بالمسلمين ليفنى بعضهم بعضاً ثم يأتي(يسوع) بالمجد ويحكم بكنيسته ويقضي على باقي الملل والمسلمون ينتظرون المسيح المنتظر أن يعود بالإسلام ليكسر الصليب النصراني والخنزير اليهودي فيهلك الله كل الملل ويبقى الإسلام.
ونجد حل هذه المعادلة ثلاثية المعطيات لتحديد من يفوز بالمسيح في قوله تعالى: "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ" (33) سورة التوبة. إن  المقصود بهذا الرسول الذي يظهر الله به الإسلام على الدين كله ليس هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي  تُوفي بدليل أن جيوش النصارى الآن ظاهرة على جيوش المسلمين في كل بقاع الأرض فلا رسول يعود  بعده إلا عيسى وهو المقصود  في هذه الآية " أَرْسَلَ رَسُولَهُ " ولكنه يخرج مهدياً لا رسولاً (بِالْهُدَى) ليظهره على الدين كله (اليهودية والنصرانية) وذلك بعد دحر الدجال ( فأول مصر يرده) مصر ملتقى البحرين( الخرطوم ) بسودان ( جياد)  بقيادة المسيح المهدي سليمان أبي القاسم موسى وليس بقيادة الإنقاذ الحالية التي إسترضت النصارى بكل ما ملكت ولكنهم لا يرضون دون طمس الإسلام وتنصير المسلمين ولا قِبل للإنقاذ بالمواجهة بعد أن وضُعت أرض السودان ومواطنيها تحت حماية الصليبيين فلا أحد يردهم إلا المسيح وأنا المسيح المهدي وتكفيني شهادة الله ورسوله وإن شهد لي العلماء فلأنفسهم  يمهدون وإن تولوا يستغنِ الله ومن اظلم ممن كتم شهادة عنده من الله؟ وما يؤسف له أن الإنقاذ لا تمتلك الآن ما تدفعه لعيسى إبن مريم فانقطع دورها في بعث الدين بقيادة المسيح والذين آمنوا معه.
إن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة الآتية (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ) رواه البخاري مما يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم مجدد قرن مخصوص من قرون هذه الأمة وقوله (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها) رواه أبو داؤود.إن  إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لا يغنيهم عن إتباع مجدد كل قرن  وجاء صريحاً في  قوله صلى الله عليه وسلم  "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية" أخرج  البخاري بمعناه حديث رقم 7054 ومسلم بمعناه 1849. فأنا مجدد هذا القرن وإمام هذا الزمان ومن لم يتبعتي  ومات، مات ميتة جاهلية.                     

المقــــدمة
ناقـــوس الخــطر
قال البروفيسور حسن علي الساعوري المراقب السياسي ومدير جامعة النيلين وأستاذ العلوم السياسية في رده على أسئلة الصحفي حسن حميدة بشير حول قرارات الأمم المتحدة بالأرقام 1593،1591،1590 ضد السودان أجاب الساعوري:
القرار1593 لا يحمل أي إيجابيات لأنه قرر إحالة المتهمين الـ51 لمحكمة العدل الدولية بلاهاي والنواحي السلبية في القرار تتمثل في صدوره ضد السودان.
القرار 1590 القائل بإرسال عشرة آلاف من قوات حفظ السلام  للجنوب للمحافظة على وقف إطلاق النار هو أخطر من المحاكمة بكثير جداً ولم ينتبه له ... والأخطر أن قوات حفظ السلام لديها صلاحية مراقبة سيادة القانون والسلوك الحكومي وحقوق الإنسان في السودان وهذه شئون سياسية وهذه القوات هكذا تمثل الوِصايا على الحكومة وقد جاءت لتتأكد أن الاتفاقية قد طبقت من النواحي السياسية ومراقبة وقف إطلاق النار ومراقبة أداء الحكومة وهل يتطابق مع حقوق الإنسان والاتفاقية؟
نعم ذلك يعني سلب سيادة الحكومة تماما.
أما القرار 1591 القاضي بإرسال شرطة وإعلام وسيادة مدنية يعني أن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تريد أن تصل للناس في كل مكان عن طريق الإذاعة والإعلام وتوجههم وهذه وصايا رضينا أم أبينا والهدف في كل الحكاية تفكيك  نظام الإنقاذ سلمياً.
والأمريكيون والأوربيون خائفون لأن الإسلاميين بالدول الأخرى ينظرون له كمثال ولم (يتخلَ) عن شعاراته رغم الزوغان أحيانا وبالتالي لابد أن يفكك.  المصدرـ إخبار اليوم ـ عدد الخميس ـ21 ابريل 2005م.
وأقول: الإنقاذ التي رفعت راية التجديد الإسلامي وحملت لواء الإسلام طموحاً منها لتصديره إلى العالم الخارجي أملاً في تحقيق عالميته المميزة على سائر الأديان وبدلاً عن ذلك استوردت اليهودية والنصرانية فتهود وتنصر أبناء المسلمين وفقد الإسلام الأرضية التي كان من المؤمل أن ينطلق منها إلى العالم وأصبحت جيوشه التي أعدت لتحرير القدس مطلوب القبض عليها لتحاكم في محكمة لاهاي.
وهذا المآل كان متوقعاً لذا لم يتفاجأ به أحد إنما المفاجئ فيه التسرع في إصداره الآن وإن كنا نتوقع أن يصدر بعد أن تدخل اتفاقية السلام على شروط نيفاشا حيز التنفيذ بعد أن يتقلد الدكتور جون قرنق منصبه كنائب للرئيس وبصلاحياته التي تفوق صلاحيات الرئيس عند ذلك يصدر القرار وربما تتدخل وساطة مفتعلة بتعليق القرار وذلك  بان يتنحى الرئيس عن السلطة لينفرد جون قرنق بحكم البلاد. وأعتقد أن تعجيل إصدار القرار كان بعناية ربانية وقدر الهي لتنبيه هذه الأمة الغافلة دائما لتأخذ حذرها وتعد العدّة للمرحلة القادمة وهذا أوان دور العلماء الأحبار للبحث عن مخرج الأمة من هذا الخطر المحدق على ضوء ما إستحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء وأمناء.
دور العلماء في تدارك الأمة:
جاء في صحيفة الصحافة بتاريخ الأحد 9 صفر 1426هـ الموافق 20 مارس 2005م  ص5   نظمت هيئة الأعمال الفكرية مساء الأربعاء الماضي حلقة نقاش خاصة ضمن سلسلة (معالم في طريق الإحياء) ابتدرتها بورقة  د. غازي صلاح الدين عضو المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم ومستشار السلام السابق والتي حملت عنوان( دعوة لإحياء العمل الإسلامي الوطني).    
وقد أوضح د. غازي أن الورقة ليست من جهده وحده وإنما هي خلاصة لآراء جمع مقدر من شباب وشيوخ الحركة الإسلامية أسهم هو فيها برأيي مثله مثلهم ثم قام بصياغة مجمل الرؤى في الورقة التي كانت مدار النقاش.
وأشار دكتور غازي إلى ضعف الثقة بالنفس والجماعة وإنبهام النظر إلى طرائق الخلاص قاد إلى تخلخل الجماعة والذهنية الموحدة فتفرقت بالناس السبل بين باحث عن نجاة في مذهب جديد أو آبق إلى جماعة أخرى تحتضنه وتهبه نصرتها واعتبر د. غازي أن اشد الأدواء التي أصابت الحركة الإسلامية هو الإحساس الذي انتاب كثيراً  من  أعضائها بتآكل المشروعية وفقدان المصداقية الذاتية الذي أضعف الإيمان بالنفس وبأحقية المطلب الذي اجتمعوا عليه وتواثقوا على نصرته.
وأشار د. غازي إلى حزمة من الأدواء التي أصابت العمل الإسلامي عامة وأثرها على  كسب الحركة وانعكاس كل ذلك على الدولة التي يديرها الإسلاميون وتحكم باسمهم الأمر الذي أوصلها حد الضعف وتعاظم التدخلات الخارجية في شأنها وتكالب الأعداء على قصعتها وتفلت أبنائها عنها في خضم تحولات داخلية وخارجية كبرى.
وألقى د. غازي صلاح الدين نظرة على الساحة الوطنية عامة وقال أنها مرهونة أيضا للصدوع والتصنيفات الجهوية التي تعمل بداخلها بأقوى من عمل الأفكار.
(وخلص إلى أن الوحدة الوطنية والتي هي العاصم الأقوى من المطامع الأجنبية تتعرض لامتحان عسير وان المنعطف الخطير الذي تمر به البلاد حاليا يتطلب إجهاد الفكر طلبا للرأي والحكمة المنقذة )اهـ.  الصحافة العدد 4235 ص3 .
أقول: قول غازى (الإحساس ... بتآكل المشروعية) إعتراف من الأنقاذ بأن الأمر وُسِد إلى غير أهله وهو سبب الكارثة التى حلت بالبلاد.
إن الحل الحكيم لهذه المشكلة لابد أن ينطلق من تقدير الأمة لحجم المشكلة نفسها حتى يضعوا لها الحل الذي يناسبها. وقد لخصها الدكتور حسن علي الساعوري فقال: "الأمريكيون والأوروبيون خائفون لان الإسلاميين بالدول الأخرى ينظرون له كمثال ولم (يتخلَ) عن شعاراته رغم الزوغان أحيانا وبالتالي يجب أن يفكك" اهـ.
فالتقييم الصحيح للمشكلة ــ أنها حرب عالمية نصرانية متهودة ضد الإسلام ــ أي الأمم المتحدة ضد المسلمين كافة. فالحكمة المنقذة تقتضي قيادة مسلمة بحجم المشكلة لقيادة المسلمين كافة لمواجهة اليهود والنصارى كافة ولا نجد ذلك إلا في شخصية المهدي المسيح المنتظرــ فالحكمة تقتضي البحث عنه والتعرف عليه لإتباعه وإلزام القيادات الدينية والسياسية الأخرى على مستوى العالم الإسلامي لمواجهة الحملة المسعورة على الإسلام التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية.
قال الدكتور زكي نجيب محمود في كتابه (المعقول واللامعقول). ولقد استطرد (النظام) في حديثه عن( الإمام) حتى انتقل به إلى المسألة الحادية عشرة من مسائله وذلك أن القائلين (بالإمامة) يومئذ لم يكونوا جميعاً على رأي واحد في الأساس الذي يقيمون عليه ذلك الرأي فكان بعضهم يشترط أن يكون (إمام الناس) نصٌ فيه تعيين ظاهر مكشوف لمن ذا يكون هو الإمام؟ لأنك قد تقبل فكرة (الإمامة) ثم تختلف في صاحب الحق فيها وكان (النظام ) ممن يشترطون قيام نص واضح يبين شخص الإمام). د. زكي نجيب المعقول واللامعقول ص 145.
والدور المنوط بالعلماء للقيام به هو إثبات هذا الحق في قيام الإمامة والتعرف على شخص الإمام الذي ينطبق عليه النص وفق معطيات التشريع. والتزامهم بإتباع هذا الإمام وإذاعة ذلك بين الناس ليقتدوا بهم  من منطلق قوله تعالى: "وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ" (187) سورة آل عمران.
لقد انتظرت الأمة المهدي  المنتظر طويلا ًوكانوا يستفتحون على اليهود والنصارى بنصوص الكتاب كقوله تعالى " فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا" (7) سورة الإسراء. وكانوا يستفتحون أيضاً بأحاديث بمثل ما ورد في رواية مسلم والبخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم حتى يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله".
ولا يهزم اليهود إلا إذا قُتل قائدهم الدجال ولا يرد الدجال إلا عيسى ابن مريم عندما يُبعث  عند ملتقى البحرين في خرطوم السودان .
روى احمد عن عثمان بن أبي العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" يكون للمسلمين ثلاث أمصار:  مصر بملتقى البحرين ومصر بالحيرة  ومصر بالشام فيفزع الناس ثلاث فزعات فيخرج الدجال في أعراض الناس فيهزم من قبل المشرق فأول مصر يَرُدُّه المصر الذي بملتقى البحرين... وينزل عيسى ابن مريم عند صلاة الصبح... فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الرصاص فيضع حربته بين ثندوتيه فيقتله وينهزم أصحابه فليس يومئذ شيئ يواري منهم أحداً حتى إن الشجرة لتقول يا مؤمن هذا كافر ويقول الحجر يا مؤمن هذا كافر". قال الحاكم صحيح على شرط مسلم .

الإختلاف حول الحق:
قال تعالى:"كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" (213) سورة البقرة. هذه الآية رسمت طريق الدعاة من النبيين ومن بعدهم المهديين وسلوك الناس معهم إلى يوم الدين فقد فطر الناس على تكذيب الحق أينما وُجد وكيفما جاء بغياً من الناس وتطاولاً على الحق بعد ما جاءهم الحق بيناً على هيئة حقائق علمية تنص عليها آيات التنزيل ـ بينات من الهدى والفرقان ــ أو معجزات عملية  بخرق قانون الطبيعة ــ كناقة صالح وعصا موسى عليهما السلام، وآخر الآية يخاطب هذه الأمة بدلالة قوله (الَّذِينَ أُوتُوهُ) مما يؤكد أن المقصود في المختلف فيه هو مهدي هذه الأمة المنتظر لان الضمير في (أُوتُوهُ)  يعود للقرآن واسم الموصول (الَّذِينَ) يعني المسلمين فالآية تقضي بأن الحق مع الذين صدقوه وأن الذين خالفوه اتبعوا الباطل لأن المهدي يقيم حجته على الناس بميزان الشرع ــ الكتاب والسنة فالمهدي مبعوث من عند الله ( هو الذي  أرسل رسوله بالهدى  ودين الحق ) أي  بالإسلام ليهلك الله كل الأديان الأخرى.( ليظهره على الدين كله).

الحق والميزان :
الحق هو القرآن المنزل على رسول الله وما صح من سنته صلى الله عليه وسلم قال تعالى "وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ" البقرة213.
(والميزان) هو لغة التنزيل التي يعرف بها مقاصد التشريع قال تعالى::"وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ " (4) سورة إبراهيم. لقد جمع الله التشريع كله في القرآن وتكفل ببيانه للناس قال تعالى: “لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقرآنهُ * فَإِذَا قرآناهُ فَاتَّبِعْ قرآنهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ"سورة القيامة 16ـ19
قوله (إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) دال على أن القرآن يشرح بعضه بعضا أي أن ما أجمل معناه في آية وعز على الناس معرفة حكمها يوجد تفصيل مقاصدها في سائر القرآن لأنه صادر من مشكاة واحدة فلا يخالف بعضه بعضا لقوله تعالى:"أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقرآن وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا" (82) سورة النساء. فآية النساء هذه ترسم القاعدة لفهم القرآن فان فهم أي آية منه لابد أن ينسجم مع فهم آيات القرآن جميعا دون أي تعارض في الحكم وعليه فلا يمكن فهم أي آية منه استقلالاً لذا حث على مراجعة القرآن  لفهم أي آية منه بقوله تعالى "أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقرآن" فأيَّ فهم آية يتعارض مع آية أخرى يرد ذلك الفهم ويعاد النظر فيه فالمعنى الصحيح لكل آية هو ما يتوافق فيه القرآن جميعا وميزان فهم القرآن اللغة العربية التي نزل بها يدل على ذلك قوله تعالى "وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا " (37) سورة الرعد.
المقصود بالحكم العربي ــ معرفة أحكام الدين من صياغ لغة التنزيل وليس أحكامهم العرفية فتلك قال عنها تعالى:"أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ" (50) سورة المائدة. وهذا يؤكده قوله تعالى:" ِنَّا أَنزَلْنَاهُ قرآنا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" (2) سورة يوسف.
أي أن القرآن لا يُعقل وتُفهم مقاصد تشريعه إلا باللغة العربية فهي المرجع الأول والأخير لفهم الدين كما أن القرآن والسنة الصحيحة هما المرجع الأول والأخير للتشريع وان القرآن هو الضابط الحق لصحة الحديث قال به الدكتور عداب محمود الحمش. قال: "إن في الدين الإسلامي مرجعية ثابتة صادقة لا يختلف عليها إثنان من المسلمين وهي القرآن الكريم فلا يجوز أن يتقاطع حديث مروي مع نص قرآني لان تقاطعه يعني عدم صدوره من النبي صلى الله عليه وسلم بصفته أعلم عباد الله المكلفين بكتاب الله سبحانه وتعالى وهو المسئول الأول عن فهمه وتبليغه) . المصدر: المهدي المنتظر في روايات أهل السنة والشيعة الإمامية للدكتور عداب محمود الحمش ص254 . وصدق الدكتور عداب لقوله تعالى" وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ " (44) سورة النحل. ومرجعية الفهم في ذلك إلى لغة العرب التي تبين مقاصد تشريع الكتاب والسنة. "أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا" (37) سورة الرعد. و"بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ" (195) سورة الشعراء

الإختلاف في حقيقة المهدية بين النفي والإثبات :
إختلف العلماء في حقيقة المهدية ومرد ذلك لإختلافهم في الأحاديث الواردة في المهدي ومدى صحة أسانيدها وعزز الدكتور عداب محمود الحمش في دراسته النقدية للأحاديث الواردة في المهدي في مؤلفه (المهدي المنتظر ــ في روايات أهل السنة والشيعة الأمامية ــ دراسة حديثة نقدية ) ( 531 ــ 533).
قال : تبين لنا من وراء هذه الدراسة أن كثره كاثرة من أبناء امة الإسلام تنتظر المهدي منذ ألف ومائة عام وقد كتب في التعريف بشخصه ومقدمات ظهوره أكثر من سبعمائة وخمسين كتاباَ أنفق على كتابتها ونشرها الكثير من وقت الأمة وجهود علمائها وأموالها... وقد يطول انتظارها ألف سنة حتى يظهر المهدي وقد لا يظهر) .
إن مقولة : " ما ورد في المهدي صريحاَ فغير صحيح وما صح مما ورد فغير صريح"، مقوله صحيحة حسب معطيات دراستنا النقدية هذه ".
"... الروايات التي تنص على إسم المهدي وإسم أبيه وأنه من ولد فاطمة، حسن أو حسين، كلها واهية أو منكرة أو ضعيفة ولم تصح منها أي رواية ".
(... كل الذي يجوز أعتقاده ولا أقول يجب مما يقرب من مسألة المهدي المنتظر: أن هذه الأمة  التي اختارها الله سبحانه وتعالى لحمل رسالة الإسلام الخالدة قد بعدت عن دينها كثيراَ نتيجة سياسات الجهل والتجهيل والصراع السياسي والفكري والمذهبي ولكنها سوف تعود عوداَ حميداَ وسوف تلتزم شرع الله تعالى".
هذا الالتزام هو الذي سيفرز ــ بتوفيق الله تعالى وعونه  ــ  قائداَ عظيما من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يعيد لهذا الدين بشاشته ويعيد للمسلمين كرامتهم فيرضى عنه الله تعالى ويرضى عن هذه الأمة المرحومة ويفيض عليها من بركات السماء ويخرج لها من بركات الأرض ويؤيدها بتسديده ونصره.
وليس هذا قصوراً على مرحلة زمنية محددة بل هو مطلق عن الزمان والمكان وإرتباطه إنما يكون بالمنهج الإسلامي الصحيح فحسب. اهـ

أن المهدي المنتظر ليس ذاك الذي تنتظره الشيعة الإمامية وهو أيضاَ  ليس الذي ينتظره السنة فكل هؤلاء وأولئك ينتظرون مهدياَ غير عيسى إبن مريم وهذا ما لم تصح فيه الأحاديث التي تناولها  بحث الدكتور عداب ونقده. ثم عاد في ختام حديثه ليؤكد خروج رجل من آل البيت تنطبق عليه صفات المهدي وهذا يفضي إلى حقيقة واحدة وهي: أن هذا المهدي البيتي إنما هو عيسى ابن مريم وان هذه الحقيقة لا تدور بخلد أحد من الشيعة أو السنة بل حتى الدكتور عداب نفسه ولكنها حقيقة أجراها الله اللطيف الخبير على لسان الدكتور وآخرين سنعرض إليهم  لاحقا ــ من حيث لم يحتسبوا. ويدل على ذلك اختلافهم في شخصية المهدي لمن ثبت عندهم حقيقة المهدية.
واختلفوا في تحديد شخصيته من بين كثرة المدعين واقصد بذلك المهدي المعلوم لكل الملل والأمم. وهو واحد من إثني عشر مهدياً أو أكثر فقد ثبت في الصحيحين عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يكون اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ) ـ بل لا يخلو زمن من مهدي لان الأرض لا تخلو من حجة لله وكل حجة هو مهدي زمانه فويح للأمة التي لم تعترف بهم وما أكثرهم.
الإختلاف في شخصية المهدي :
قال الدكتور عبد العظيم البستوي في  مؤلفه (المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة وأقوال العلماء وآراء الفرق المختلفة) قال ص51.
( ومنهم الإمام ابن قيم الجوزية ( توفي 751هـ) وقد قال في كتابه ( إغاثة اللهفان عن مصائد الشيطان) (2/335) والأمم الثلاث تنتظر منتظراً يخرج في آخر الزمان فإنهم وعدوا به في كل ملة، والمسلمون ينتظرون نزول عيسى بن مريم من السماء لكسر الصليب وقتل الخنزير وقتل أعدائه من اليهود وعًبّاده من النصارى .
وينتظرون خروج  المهدي من أهل بيت النبوة يملأ الأرض عدلاً كما ملئت  جورا ". اهـ.
 وقال الدكتور البستوي بنفس المصدر تحت عنوان:"المنكرون لفكرة المهدية أو المترددون فيها" ص31 الفقرة 4 (قال ابن حبان في صحيحه: ذكر الأخبار عن وصف إسم المهدي وإسم أبيه ضد قول من زعم أن المهدي عيسى. وقال البستوي:
"وإبن حبان وأن لم يذكر لنا اسم صاحبه إلا أنه  يشير أن هناك من يرى أن المراد من المهدي هو عيسى وليس هناك مهدي غيره". ص31 .
التعــليق :
لقد سبق أن قال الدكتور عداب أن الأحاديث عن إسم المهدي وإسم أبيه لم تصح وعليه تبطل حجة إبن حبان وقوله: (وليس هناك مهدي غيره)  دليل أن المهدي المنتظر إنما هو المسيح ولما كان المهدي من أهل البيت بلا خلاف فمن هذه الأدلة انه عيسى ابن مريم وليس غيره، فهو المهدي البيتي بحكم أقوال علماء السلف من حيث يدرون أولا يدرون وهذا الحكم يؤيده الحديث الذي رواه الإمام البخاري عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان".هذا الشرط الجازم الذي يقيد الإمامة في قريش عبر تاريخ أمة الإسلام لم يدع مجالاً لعيسى بن مريم أن يكون من غير قريش لأنه يبعث إماماً لهذه الأمة بالحديث الصحيح الذي رواه الإمام احمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:" يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى ابن مريم إماماً مهديا وحكماً عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتضع الحرب أوزارها". مسند أحمد (2/411).
وكون عيسى ابن مريم فتى من قريش شيئ غريب على مسامع الأمة ولكنه من أصل التشريع الإسلامي وستزول الغرابة متى ما عادت الأمة إلى منهج التشريع.
عيسى ابن مريم فتى من مضر :
قال الدكتور محمد أحمد إسماعيل المقدم في مؤلفه (المهدي وفقه اشراط الساعة)  قال: " المسيح ــ عليه السلام ــ نبي وصحابي" وقال: " ثبت أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ــ اجتمع بعيسى عليه السلام ــ ليلة الإسراء وهو اجتماع حقيقي لان الإسراء كان بالجسد والروح كما هو مذهب  طوائف الفقهاء والمتكلمين والمفسرين والمحدثين قال الحافظ في الفتح: "وتواترت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة فلا يبقى العدول عن ذلك إذ ليس في العقل ما يحيله حتى يحتاج إلى تأويل"
وقال:" وعلى هذا يكون عيسى ــ عليه السلام ــ صحابياً لانطباق تعريف الصحابي عليه ولذلك ذكره الذهبي في الصحابة فقال في (التجريد): "عيسى ابن مريم نبي وصحابي فانه رأى النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم فهو آخر الصحابة  موتاً" .
ولذلك قال الحافظ العراقي  في (نكته)  على ابن الصلاح والحافظ ابن حجر في (الإصابة) والحافظ السيوطي في (التهذيب) وفي (الإعلام بحكم عيسى ـ عليه السلام) وألغز فيه التاج ابن السبكي بقوله:

من باتفاق جميع الخلق أفضل من خير الصحــــــــــــابة
أبي بكر ومن عمر على ومن عثمـــــــــــــــــــان
وهو  فتى من امة المصطفى المختار من مضر
أقول: هذا يفسر لنا قول ابن سيرين كما رواه الدكتور المقدم في نفس المصدر ص572 : قال ابن حجر رحمه الله "ما جاء عن أبي سيرين أن المهدي خير من أبي بكر وعمر، وقد كاد يفضل على بعض الأنبياء" اهـ .
قال العلامة أبو عبدا لله محمد الطالب بن الحاج في حاشيته على شرح المرشد المعين وجوابه:
وذاك ابن مريم روح الله حيث رأى *** نبينا المصطفى في أحسن الصور
فوق السماوات ليلا عندما اجتمعا***كذاك عند ظراب البيت والحجر
المصدرص58ـ59 الدكتور المقدم( المهدي وفقه اشراط الساعة) .
أقــول :
يُفهم من هذه النصوص إعتقاد العلماء  أن عيسى ابن مريم كان بجسده الآدمي عندما التقى بالرسول صلى الله عليه وسلم في السماوات ونزل إلى الأرض بجسده وروحه في مكة وهو ظاهر قوله (كذاك عند ظراب البيت والحجر).
الشرح:
أورد الدكتور محمد أحمد إسماعيل المقدم في نفس المصدر(المهدي وفقه اشراط الساعة) ص337 قال: قال العلامة القرآني محمد الأمين الشنقيطي:
 (الذي يظهر لي رجحانه بالدليل من هذه المسالة أن الخضر ليس بحي بل توفى وذلك لعدة أدلة:
الأول: الظاهر عموم قوله تعالى "وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ" (34) سورة الأنبياء. فقوله: (لبشر) نكرة في سياق النفي فهي تعم كل بشر فيلزم من ذلك نفي الخلد عن كل بشر من قبله والخضر بشر من قبله  فلو كان شرب من عين الحياة وصار حياً خالداً إلى يوم القيامة لكان الله قد جعل لذلك البشر الذي هو الخضر من قبله الخلد .  
الثالث:  إخباره صلى الله عليه وسلم بأنه على رأس مائة سنة من الليلة التي تكلم فيها بالحديث لم يبق على وجه الأرض احد ممن هو عليها تلك الليلة فلو كان الخضر حياً في الأرض لما تأخر بعد المائة المذكورة.
 روى مسلم بسنده إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:" صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال:" أرأيتكم ليلتكم هذه فان على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهرها احد، قال ابن عمر فوهل الناس في مقاله رسول الله صلى عليه وسلم تلك فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن (مائة سنة) وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض احد)  يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن.
وروى مسلم  في (صحيحه) بسنده إلى ابن جريج قال اخبرني أبو الزبير انه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول:" سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر( تسألوني عن الساعة وإنما علمها على الله واقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ)
وروى بسنده عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك سألوه عن الساعة فقال رسول الله صلى الله  عليه وسلم: (ما من نفس منفوسة تبلغ مائة سنة)  فقال سالم تذاكرنا ذلك عنده إنما هي كل نفس مخلوقة يومئذ.
فهذا الحديث الصحيح الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم  ابن عمر وجابر وأبو سعيد فيه تصريح النبي صلى الله عليه وسلم (بأنه لا تبقى نفس منفوسة حية على وجه الأرض بعد مائة سنة فقوله (نفس منفوسة) ونحوها من الألفاظ في روايات الحديث نكرة في سياق النفي فهي تعم كل نفس مخلوقة على الأرض ولا شك أن ذلك العموم بمقتضى اللفظ يشمل الخضر لأنه نفس منفوسة على الأرض)
وروى البخاري في (صحيحه)  بسنده عن عبد الله  بن عمر قال: قال: صلى النبي صلى الله  عليه وسلم صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال:(أرايتكم ليلتكم هذه فان على راس مائة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض احد) . فزهل الناس من مقاله رسول الله صلى عليه وسلم إلى ما يتحدثون من هذه الأحاديث عن (مائة سنة) وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض ) ويريد بذلك أنها تخرم   ذلك القرن). أهـ. الدكتور المقدم ــ المهدي وفقه اشراط الساعة 337 ـ 341 .

أقــول:
ولما كان عيسى ابن مريم نفسا منفوسة ساعة قول النبي صلى الله عليه وسلم فان المائة سنة الأولى قضت عليه كما قضت على الصحابة رضوان الله عليهم.
وقد سبق(لإنطباق تعريف الصحابي عليه) وقول الذهبي (فهو آخر الصحابة موتاً) ما دام على الأرض لتقييد الحديث الزمان (مائة سنة) والمكان ( بالأرض) . أما إذا اختلف المكان سواء كان عند الله كما في قوله تعالى : "بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ" (158) سورة النساء. أوفي (السماء)عندما التقى بالرسول صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج ــ وذاك مشهور وفي (بيت المقدس) عندما صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم مع جملة النبيين أو في مكة ( في ظراب البيت والحجر) فان القرآن قد قضى على بشريته في قوله تعالى "وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ"  (34) سورة الأنبياء. لان القرآن نزل من عند الله مرورا بالسماء ونزولا إلى الأرض على قلب رسول الله فان آية الأنبياء تقضى على عيسى بصفته كان(بشراً) قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ــ  هذه هي عقيدة الإسلام في الحكم على عيسى المسيح في عقيدة السلف ــ وميزان الشرع وذلك هو الدين القيم "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (85) سورة آل عمران. فعيسى ابن مريم غير موجود( كبشر) كحد أقصى بعد (مائة سنة) من تاريخ الحديث ولكنه حتما سيعود بمقتضى التشريع في الأحاديث الكثيرة الصحيحة الدالة على عودته ونزوله وقوله تعالى )" وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " (55) سورة آل عمران. هذه الآية حجة على القرآنيين في عودة المسيح والمعنى الظاهري لهذه الآية هو إتباع عيسى المسيح دونما انقطاع إلى يوم القيامة دل عليه سياق الآية فإتباعه متصل إلى يوم القيامة ولكن المطلوب الاجتهاد في معرفة بداية الإتباع.
فإذا كان قصد الآية أن بداية إتباع عيسى تحسب من زمن بعثته بالإنجيل فان هذه الآية تعتبر ناسخة للقرآن بدليل القرآن نفسه ومبقية على تشريع الإنجيل ويكون المتبعون لعيسى  هم النصارى ولما كان هذا مردود بالقرآن نفسه  في قوله تعالى"هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ" (33) سورة التوبة. أي أن دين الحق الذي يظهر على الدين كله هو الإسلام وبمحصلة معنى الآيتين وجرياً على قاعدة أن القرآن لا يعارض بعضه بعضاً بل يفسر بعضه بعضا يكون المعنى المستفاد من الآيتين هو عودة عيسى على دين الإسلام ويظهر به على جميع الشرائع والأديان وليس في إمامة مهدي غيره. وان قوله تعالى "ْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " (55) سورة آل عمران. هو الذي يؤكد أن الرسول المهدي الذي ينصر الله به الإسلام على الملل كلها في قوله تعالى"هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ" إنما هو عيسى ابن مريم ولا أحد غيره  .
ولما سبق أن قضى حديث ( مائة سنة ) وآية "وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ" على خلقه الأول فانه لا محالة مولود ثانية في هذه الأمة وفي آل البيت بشواهد شرعية كثيرة.

نسب المهدي البيتي للمسيح :
ورد ميلاد المسيح عيسى ابن مريم ونسبه الفاطمي في القرآن والأحاديث ولكن في لحن القول والتلميح دون تصريح والحكمة في ذلك واضحة وجليه لعلم الله المسبق أن يكون هناك من يدعي العيسوية من هذه الأمة وما أكثرهم فكانت حجة العلماء على هؤلاء المدعين أن عيسى ابن مريم ينزل من السماء بكامل بشريته ونحن نعرف آباءكم وأمهاتكم فتلجمهم الحجة وتبطل دعاواهم وأما عندما يجيئ عيسى ابن مريم الحق ويولد في هذه الأمة يستنطق هذه النصوص ليقيم بها الحجة على صدق دعوته  ولذلك لقب هذا المهدي المسيح بـ(الإمام الحجة) ورد إسمه ونسبه وميلاده في التلميح ولحن القول من دون تصريح قال تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم “لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ" البلد 1ـ3.
ولا يكون الرسول صلى الله عليه وسلم ( ووالد وما ولد) إلا أن يلد عيسى ابن مريم في آخر الزمان  رجل من ذريته ولما كان عيسى ليس بضعة من احد و ليس له أب على التحقيق جاء نسبه إلى زوج والدة عيسى التي تلده  من هذه الأمة بقوله ( ووالد وما ولد)وهو (أبي القاسم موسى) وجاءت السنة لتؤكد هذا المعنى فقد روى أبو داؤود حديثاً صحيحاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فتنة السراء قال:" دخلها أو دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس مني" والذي يزعم ذلك هو (سليمان أبو القاسم موسى ) فهو المقصود بهذا الحديث - و هي فتنة سراء لأنها ستقود إلى خروج المهدي. لقد ثبت النبي صلى الله عليه وسلم نسب هذا الرجل (وهو المهدي) إليه بقوله (رجل من أهل بيتي) ثم عاد لينفي على لسان ذلك الرجل هذا النسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله (يزعم انه مني وليس مني ) ولما تطابق معنى الحديث مع معنى  الآية دل ذلك على أن المقصود واحد ولا ينطبق وصف هذا النسب على احد من المهديين إلا على عيسى إبن مريم لأنه ليس بضعة من أحد البتة لقوله تعالى:" “إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ *الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ" آل عمران59_60. وتلده امرأة من آل فاطمة متزوجة برجل فاطمي دل عليه لحن القول في قوله تعالى "فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" (61) سورة آل عمران. والثابت من السنة أن الرسول صلى الله عليه وسلم ناظر من جادله في شأن عيسى إبن مريم بنفسه وإبنته فاطمة وإبنيها الحسن والحسين وفي ذلك تلميح على ميلاده فيهم فلا فضل لبني إسرائيل بميلاد عيسى الأول فانه سيكون له ميلاد ثانٍ في هذه الأمة فى ذريته صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى "ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ" (19) سورة القيامة. فبيان (وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ). يكون بميلاد عيسى من آل البيت والبرهان (فمن حاجك فيه) ولا ينطبق إلا على ( سليمان أبي القاسم) فهو الذي نص عليه الحديث ( يزعم انه مني وليس مني).

الميلاد الثاني للمسيح :
أشار القرآن إلى ميلاد المسيح الثاني في قوله تعالى"وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ" (46) سورة آل عمران. لقد كلم الناس في المهد برسالته ونبوته نص عليه قوله تعالى ) "فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا" سورة مريم29- 30 . وكلامه حتى رُفع لم يختلف عن الجانب التطبيقي العلمي لكلامه في المهد وهو نشر دعوته وتبليغ رسالة الإنجيل ورفع دون سن الكهولة والآية تشير إلى كلام في الكهولة مغاير لمضمون كلامه في المهد وهو لا شك يبعث مهدياً في هذه الأمة بدين الإسلام مجدداً لمنهج المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي إعتراه الضباب بسبب الفهم الخاطئ لآيات القرآن وفقه الحديث وبَليَ نتيجة لتكاسل الناس عن القيام بتكاليف الدين لعدم مراعاة الحكام حرمات الدين أو التزامهم بشرع الإسلام وإلزام الرعية فأُلقى الحبل على القارب فكل يعمل على شاكلته لغياب الرقيب الذي يحمل الأمة على جادة الطريق عند ذلك يكلم عيسى ابن مريم الناس كهلاً إماماً مهدياً ولا يكون من تاريخ ميلاده الأول الذي قضت عليه آية  الأنبياء "وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ " أو حديث ( مائة سنة) فتقتضي الكهولة في هذه الأمة ميلادا جديداً في هذه الأمة ويعاضد هذا المعني قول السبكى السابق: (وهو فتى من أمة المصطفى المختار من مضر) .
والفتوة طور من عمر الإنسان يمر به قبل الكهولة والكهولة قبل الشيخوخة التي تنتهي بأرذل العمر الذي سيصل إليه عيسى ابن مريم حتما لو بقي على ميلاده الأول الذي مضى عليه ألفان وخمسة أعوام فان ذلك الميلاد لا يرجع القهقرى ليعيد عيسى ابن مريم إلى الفتوة أو الكهولة وإنما يتقدم ليصل بعيسى إلى أرذل العمر لقوله تعالى "وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ" (68) سورة يــس.أفلا تعقلون يا أمة الإسلام ؟ لو بقى عيسى على ميلاده الأول لعاد في أرذل العمر،  لا يعلم بعد علم شيئاً فلا تصح له إمامة في هذه الأمة.

اسم المسيح في هذه الأمة :
سبق أن ضعّف الدكتور عداب كل الأحاديث التي ترمز إلى إسم المهدي وان ذلك يجعلني في حل من التقيد باسم مخصوص مثل ( إسمه إسمي وإسم أبيه اسم أبي) ولكن الذي يمكن أن يستفاد فيه هو إعتماد الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب الرمز والتلميح من دون التصريح بالسير على منهج القرآن "وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ" (30) سورة محمد.
وقد استخدم القرآن هذا الأسلوب في التلميح باسم عيسى ابن مريم في قوله تعالى على لسان عيسى قال:
"وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا" (33) سورة مريم.
قوله (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ) فيه تلميح ظاهر إلى إسم (سليمان) لاشتقاق هذا الاسم من (السَّلَامُ) الوارد في الآية وعليه يكون (سليمان) ان لم يكن اسم ذات للمسيح فانه إسم صفه له لا محالة قضى بذاك سياق الآية، هذا مع العلم أن اختلاف الاسم (سليمان) عن الاسم (عيسى) لا يثير جدلاً فقهياً فالذات الواحدة لا تتغير تبعاً لما يضاف إليها  من أسماء وألقاب في مستقبل أيامها. والحديث عن المسيح المهدي يثير التساؤل عن المسيح الدجال الذي يعتبر عند جمهور العلماء كمقدمة لابد من ظهوره قبل عيسى ابن مريم.
1/المسيح الدجـال :
إختلفت الأمة كثيراً في تحديد شخصية الدجال على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كما إختلف فيه الصحابة من بعده وجاء المتأخرون ليضيفوا بعداَ آخر فاختلفوا  في حقيقة وجود الدجال نفسه وحصيلة ذلك أن يصنف الدجال في باب (المتشابهات) التي يتعذر الحكم فيها برأي فيصل حملاً على قوله تعالى "هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ" (7) سورة آل عمران. وقد نص الرسول صلى الله عليه وسلم صراحة بتشابه أمر الدجال والتباس شخصيته على الأمة. عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من سمع بالدجال فلينأ منه فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب إنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات" صحيح رواه أبو داود واحمد.
ولكن مع ذلك التشابه توجد حقائق تعايشها الأمة اليوم يمكن أن تكون مفتاحاً لمعرفة الدجال حتى على مستوى الفهم العام لحقيقة الدجال إذا تعذر فهم شخصيته كما التبس أمر ابن صياد على الصحابة.
عن نافع قال: " لقي إبن عمر ابن صياد في بعض طرق المدينة فقال له قولاً أغضبه فانتفخ حتى ملأ  السكة فدخل ابن عمر على حفصة وقد بلغها فقالت له ما أردت من ابن صياد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إنما يخرج من غضبة يغضبها) أخرجه مسلم في صحيحه برقم (2932).
لقد خرجت الولايات المتحدة الأمريكية غاضبة  في أعقاب 11 سبتمبر على تنظيم القاعدة وهاجمت دولة أفغانستان وفر زعيم القاعدة أسامة بن لادن وجماعته أمثال أيمن الظواهري وزعيم أفغانستان المُلا محمد عمر إلى الجبال. وإحتماء المسلمين بالجبال دليل على أن الولايات المتحدة هي الدجال.
عن أم شريك رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى  الله عليه وعلى اله وسلم يقول "ليفرن الناس من الدجال إلى قمم الجبال" رواه احمد ومسلم. والدجال يحمل معه مثل الجنة والنار عن شيبان بن عبد الرحمن عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ألا أخبركم عن الدجال حديثاً ما حدثه نبياً قومه انه أعور وانه يجيئ معه مثل الجنة والنار فالتي يقول أنها الجنة هي النار واني أنذرتكم به كما انذر به نوح قومه" رواه البخاري 3338 ومسلم 2936.
فالنار هي الأسلحة الأمريكية التي تصلى بها المسلمين وتذيقهم ويلاتها في كل مكان في الأرض.
أما مثل الجنة فهي الإغاثات التي تبعث بها إلى الذين شردتهم الولايات المتحدة بسبب الحروبات التي إفتعلتْها فقتلت بعضهم بأسلحتها وشردت البعض الآخر لتتقرب إليهم بأسلوب خبيث في الإغاثات التي حولت الأسر الكريمة إلى متسولين وهذا الحال جاء وصفه في حديث حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يأتي على الناس زمان يتمنون فيه الدجال قلت يا رسول الله بابي وأمي مم ذاك؟ قال لما يلقون من العناء" رواه البزار والطبراني.
لقد بسطت الولايات المتحدة الأمريكية على الكرة الأرضية قواعدها الحربية وأساطيلها البحرية فملأت البر والبحر وملأت العالم رعباً وانفردت بحكمه.
قال أحمد حدثنا عبد الرازق أخبرنا معمر عن الزهري عن طلحة بن عبد الله عن عوف بن أبي بكر قال أكثروا في مسيلمة قبل أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال " أما بعد ففي بيان هذا الرجل الذي أكثرتم فيه انه كذاب  من ثلاثين كذابا يخرجون بين يدي الساعة وانه ليس بلد إلا يدخلها رعب المسيح ".
ومعلوم أن العالم الإسلامي المعاصر لم يرهبه حاكم مثل ما فعل بوش الابن بعد غضبة ( 11 سبتمبر) كما انه لم يشتهر رئيس بالكذب كما إشتهر بكذبه عن أسلحة الدمار الشامل العراقية وبسبب هذه الكذبة دمر العراق. فهو أكذب الكذابين بلا منازع (ففداحة الكذب تقاس بما يترتب عليه من أضرار) وإذا كانت هذه الأدلة لم تقنع الناس بشخصية الدجال أو حقيقته فإنهم لا يخرجون عن الحكم العام عن حقيقة تشابه أمر الدجال وعليه يمكن الانصراف من المتشابه إلى المحكم الذي لا خلاف فيه وهو:أن الولايات المتحدة ملأت الدنيا ظلماً وجوراً بلا خلاف وهذا وحده يكفي لخروج رجل من آل البيت ليملأ الدنيا عدلاً وقسطاً بازالة الظلم والجور الأمريكي. وهذا هو مدار البحث ومجال إجتهاد الأمة بدلاً من الخوض في المواضيع الانصرافية التي تبدد جهد الأمة ــ كما نسمع ونشاهد في حوارات الفضائيات من تحليلات واستنتاجات تذهب بها الريح وتنتهي مع نهاية البث.
وما وقع في الدجال من تشابه وقع أيضاً في الآيات التي بين يدي الساعة والدجال واحد منها. عن أبي سريحة حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات ــ طلوع الشمس من مغربها والدخان والدابة وخروج ياجوج وماجوج وخروج الدجال وخروج عيسى ابن مريم. وثلاث خسوف خسف بالمغرب وخسف بالمشرق وخسف بجزيرة العرب ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس أو تحشر الناس تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا" صحيح رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
الدجال والإنقاذ في القرآن:
قد سبق ان لغز السيد الحاج وراق في عموده (مسارب الضي) إلى موقف الإنقاذ من دعوتي بالكلام عن أصحاب الجنة وكأنه يرمز بالجنة إلى السودان ومحاولة الإنقاذ الإستئثار بحكمه وعدم إفساح المجال لي ومحاولة التضييق على وتوقع في وقت مبكر أن يكون مصير الإنقاذ كمصير أصحاب الجنة (إن لم أسيئ الفهم)
أقول: إن القرآن ذكر الدجال وأشار إلى الإنقاذ فيه بضرب مثل أصحاب الجنة قال تعالى: "هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ * أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ * إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ * فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ" سورة القلم 11-27.
الآيات من (هَمَّازٍ.... إلى" سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ") وصف للدجال الذي حرم الإنقاذ من ثمار خيرات السودان. آيات القلم من متشابه القرآن وهو علم إختص الله به قال تعالي "وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ" (7) سورة آل عمران. ولكن الله وعد ببيانه سواء كان في القرآن"ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ" (19) سورة القيامة. أو لأصحاب الخصوصية من المهديين " وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ" (83) سورة النساء.
ووردت الأشارة إليهم في قوله تعالي "وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" (105) سورة الأنعام. فالدجالون على مدى الدهر أدرى الناس بهم مهدي كل زمان وأن دجال هذا الزمان أدرى الناس به مهدي الخرطوم وهو معنى (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ).
فقد أوردت صحيفة أخبار اليوم عدد الاثنين 9 مايو 2005م بالصفحة الثانية خبراً جاء فيه (قرار مجلس (الأمن) رقم 1564 السنة الماضية الذي أعلن أن الحكومة فشلت في تنفيذ القرار 1556) . دعا إلى منع الطيران فوق دارفور... ودعا مشروع قانون محاسبة دارفور إلى قرار جديد من مجلس الأمن يتضمن الخطوات الآتية:
أولاً: تجميد الممتلكات وعدم منح تأشيرة دخول لكل من ورد إسمه في تقرير لجنة التحقيق الدولية.
ثالثاً : فرض عقوبات إضافية على حكومة السودان بما في ذالك عقوبات تؤثر على قطاع البترول وعلى أعضاء الحكومة وعلى مسئولين في حزب المؤتمر الوطني وعلى مؤسسات أو شركات يملكونها أو يسيطرون عليها)أهـ.
وهذا الخطر ورد في القرآن (مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ) فأصبح السودان عند الإنقاذ (كَالصَّرِيمِ) الذي حل بأصحاب الجنة لأن الضمير في قوله (بَلَوْنَاهُمْ) راجع لأصحاب الخرطوم وهم حكومة الإنقاذ.
هذه الآيات هي من متشابهات الظواهر الكونية لما يستقبل من الأحداث أخذها القرآن إجمالاً لاستحالة  تفصيلها في المحكم ولكن تناول القرآن تفصيلها بالإستنباط من المتشابه في لحن القول..
2/ آية النار:
روى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أول أشراط الساعة نار تخرج تحشر الناس من المشرق إلى المغرب".
وأخرج مسلم عن حذيفة بن اليمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "... ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تبيت معهم إذا باتوا وتقيل معهم إذا قالوا" أخرجه الترمذي وابن ماجة. وفي رواية أخرى "... وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطردهم إلى محشرهم".
يُلاحظ التشابه في الجهة التي تخرج منها النار مرة من المشرق وأخرى من اليمن وكذلك المدلول اللغوي لهذه النار هل هي نار بمعناها الحرفي أم أن المقصود منها اللغوي (الحرب) كقوله تعالى " كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ" (64) سورة المائدة. وهذا قد يكون الأقرب للفهم ويكون معنى محشرهم هلاكهم في الفتن والحروبات التي تحصد الناس وتستمر أياماً وليالي وسنين عددا على نحو ما جاء في أمثلة حديث الفتن (كلما قيل انقضت تمادت) فقد روى نعيم بن حماد قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن إسماعيل بن رافع عمن حدثه عن أبي سعيد ألخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستكون بعدي فتن منها فتنة الاحلاس يكون فيها حرب وهرب ثم  بعدها فتن أشد منها ثم تكون فتنة كلما قيل انقضت تمادت حتى لا يبقى بيت إلا دخلته ولا مسلم إلا صكته حتى يخرج رجل من عترتي " الفتن لنعيم حديث رقم 94. الحرب في لسان العرب نارٌ، وقد يكون المقصود بهذه النار حرب الدجال لأن معه نار وانه يجيئ من قبل المشرق.
روى الترمذي عن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله  عليه وسلم:"إن الدجال ليخرج من ارض بالمشرق يقال لها خراسان يتبعه أفواجاً كان وجوههم المجان الطرقة " صحيح
المجان المطرقة: هي الأقنعة التي لبسها الجنود الأمريكان في حربهم ضد صدام لتقيهم من الغازات السامة التي يمتلكها صدام بزعمهم. (أسلحة الدمار الشامل).

3/ دابة الأرض :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" تخرج دابة الأرض ومعها خاتم سليمان بن داود وعصا موسى بن عمران فتجلوا وجه المؤمن بالعصا وتختم أنف الكافر بالخاتم حتى أن أهل الخوان ليجتمعون فتقول لهذا يا مؤمن وتقول لهذا يا كافر" أخرجه ابن ماجة والترمذي.
عن حذيفة بن اليمان قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال:" لها ثلاث خرجات من الدهر: فتخرج من أقصى البادية ولا يدخل ذكرها القرية (مكة) ثم تمكث زمناً طويلا ثم تخرج خرجة أخرى دون ذلك فيفشو ذكرها في البادية ويدخل ذكرها القرية يعني( مكة)" رواه أبو داود.
وذكر القرطبي في التذكرة باب ذكر الدابة ووصفها ص576 قال: عن عمر بن العاص قال(تخرج الدابة من مكة من شجرة وذلك في أيام الحج فيبلغ رأسها السحاب وما خرجت رجلاها بعد من التراب).
وعن عطية العوفي عن ابن عمر قال: " تخرج الدابة من صدع في الكعبة كجري الفرس ثلاثة أيام لا يخرج ثلثها" وعن إبن عمر أيضا قال: " تخرج الدابة من جبل الصفا بمكة ينصدع فتخرج منه" .
وذكر الميانشي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"دابة الأرض تخرج من جياد فيبلغ صدرها الركن ولم يخرج ذنبها بعد وهي ذات وبر وقوائم ".
وروى ابن ماجة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال ذهب بي رسول الله صلى الله وسلم موضع بالبادية قريب من مكة فإذا ارض يابسة حولها رمل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تخرج دابة الأرض من هذا الموضع ".
وذكر القرطبي قول بعض المفسرين المتأخرين القائل: " إن الدابة إنما هي إنسان متكلم يناظر أهل البدع والكفر ويجادلهم لينقطعوا فيهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة " اهـ .
وقال القرطبي : قال العلماء : " معنى وقع القول عليهم : أي وجب الوعيد عليهم لتماديهم في العصيان والعقوق والطغيان وإعراضهم عن آيات الله وتركهم تدبرها والنزول على حكمها وانتباههم في المعاصي إلى ما لا ينفع معه فيهم موعظة ولا يصرفهم عن غيهم تذكرة  يقول عز من قائل ــ فإذا صاروا كذاك (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ) أي دابة تعقل وتنطق وذلك والله اعلم ليقع لهم العلم بأنها آية من قبل الله تعالى ضرورة فان الدواب في العادة لا كلام لها ولا عقل )
أقـول : انه من الصعب الوصول إلى تفسير دقيق يقنع الأمة في مسألة الدابة وذلك للتعارض البين في أوصافها ولكن المعنى الصحيح هو أن الدابة إنما هي عيسى  ابن مريم. الإمام الحجة الذي يناظر أهل البدع والضلال بالشواهد الآتية :
أن الإنسان دابة لقوله تعالى "وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (45) سورة النــور. وأن للدابة رجلان كما قال عمر بن العاص وإنها تعقل وأن الحيوان غير الإنسان لا يعقل وإنها تكلم الناس والكلام صفة خاصة بالإنسان وخاصة عندما يتعلق الأمر بالوعظ والإرشاد ) أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (.
وكونها تخرج من الأرض دلالة على ميلاد عيسى الثاني في هذه الأمة مجرى السنن على ميلاده الأول لقوله تعالى "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ" (59) سورة آل عمران وقوله ( خلقه من تراب) يقصد به خروجه من بطن أمه فيكون خروج الدابة من الأرض بميلاده في الأمة وليس نزولاَ من السماء كما يتوهم من لا علم له.
وكون خروج الدابة من (جياد) المقصود بها جياد السودان بدليل أنها تخرج ولا تدخل القرية (مكة)، ولا مانع من أنها تخرج في المستقبل وتدخل مكة وهناك ثلاث خرجات للدابة. والقول القاطع بأمر الدابة ) "وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ " (82) سورة النمل. فى بيان القرآن قال  تعالى "ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ" (19) سورة القيامة. فالقول هو عيسى بن مريم" ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ" (34) سورة مريم.  أي يمترون في ميلاده الثاني.
دابة من الأرض ( خلقه من تراب ) وقول الحق ( كن ) ( فيكون ) جاء بصيغة المستقبل بعد نزول القرآن لان المقصود ميلاده المتأخر الذي يحدث آخر الزمان في هذه الأمة. وفهم المتأخرين للدابة بأنها (إنسان متكلم يناظر أهل البدع) هو ما أقوم به حالياً من الناحية العملية. وكون الدابة تستعمل العصا والخاتم فذلك من آكد الدلائل على أنها إنسان.

الــدابة في القـــرآن:
لقد أخبر الله تعالى الأمة بأنه سيحدث أمراً من عنده في مستقبل أيامها في قوله تعالى “مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ” (2) سورة الأنبياء. وقال تعالى “وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ” (5) سورة الشعراء. وهذا الأمر المحدث هو أمر الله للدابة بالخروج “وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ” (82) سورة النمل . فالدابة مبعوث من عند الله تعظ الناس (تكلمهم)  وتهديهم بالخطاب إلى طريق الحق و(تكلمهم) بمعنى تقاتل في سبيل الله الذين لا يوقنون بآيات الله. إن وصف الدابة في القرآن لا يدل إلا على شخص المهدي المبشر به عند كل أهل الملل والأديان وبميزان القرآن فإن الدابة هي عيسى ابن مريم لتطابق ما جاء في وصفها في القرآن ووصف عيسى ابن مريم فيه.
فالقول الذي وقع هو عيسى ابن مريم لقوله تعالى “ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ” (34) سورة مريم. وقوله في الدابة (أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ( يطابق قوله تعالى "قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ" (34) سورة مريم. وكونها (دابة من الأرض) يطابق قوله "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ" (59) سورة آل عمران. وإذا كان خلق عيسى الأول من التراب يعنى ميلاده من امرأة في بنى إسرائيل فإن خروج الدابة من الأرض يعنى ميلاد عيسى من إمرأة في هذه الأمة تأكيداً لقوله تعالى “ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ” (104) سورة الأنبياء. وهي سنة الله في الخلق وليس نزولاً من السماء كما يعتقد من لا علم له.
والدواب قصد منها الناس في قوله تعالى:) “إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ” (22) سورة الأنفال. وقوله تعالى: “إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ” (55) سورة الأنفال. وأيضاً (تكلمهم) معناها  تجرحهم جروح قاتلة يقول زهير: تعفى الكلوم بالمئين فأصبحت  ينجمها من ليس فيها بمجرم.
4/طلــوع الشـمس من مغـربها :
روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفس إيمانها  لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض ".
وروى مسلم أيضا عن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن أول الآيات  طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس وأيها كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبا منها".
وروى ابن ماجة عن صفوان بن عسال قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن من قبل مغرب الشمس باباً مفتوحاً للتوبة عرضه سبعون سنة فلا يزال ذلك الباب مفتوحاً حتى تطلع الشمس من نحوه لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا".
وعنه أيضاً قال صلى الله عليه واله وسلم:" إن للتوبة باباً عرض ما بين مصراعيه ما بين المشرق والمغرب لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها ".
 وقال تعالى :”حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا * قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا* وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا” (88) سورة الكهف 86ــ 88 .
ما يجب أن ينتبه إليه الناس هو أن فهم غروب الشمس في الأرض مداره عقول الناس بالعلم النظري الظاهري فهم يرون الشمس رأي العين تغرب في الأرض وهذا هو الأساس الذي فسّر به علماء ذلك الزمان أن الشمس المذكورة في آية الكهف وحديث العشر آيات: إنما هي الشمس الكونية الظاهرية التي تطلع كل يوم وتغرب في الأرض.
ولما كان القرآن قد انزله الله بعلمه فان الرسول صلى الله عليه وسلم علمه من وحي الله “وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى” (4) سورة النجم 3 - 4. وكان الله مسير الأفلاك ومدبرها وهو القائل “أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ” (14) سورة الملك. وقد تبين للناس اليوم أن الشمس الظاهرية لا تغرب في حمأ الأرض بل لا تغرب أصلاً بعد أن سكن الناس كل المشارق والمغارب ولم يعد هنالك مشرق للشمس ولا مغرب فان ذلك يسقط فهم السلف لتلك الشمس الواردة في الآية والحديث فلا مناص من فهم آخر لهذه الشمس وفهم لمعنى غروبها وطلوعها بعد أن تبين لنا فساد فهم السلف.
وبما أن الله فصل كل شيئ في هذا الكتاب “وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً” (12) سورة الإسراء “وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً” (12) سورة الإسراء. سواء كان بالقرآن أو بما يوحى إلى نبيه من السنة فكان لزاماً علينا أن نتدبرهما لإستنباط معنى الشمس المذكورة ومعنى غروبها وطلوعها.
لقد ورد في القرآن أن الشمس والقمر والكواكب تشير إلى أناس مخصوصين قال تعالى : “إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ” (4) سورة يوسف. وكان تأويل ذلك في قوله تعالى :”فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ * وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ”  سورة يوسف 99 ــ 100.
وان الباب (أن من قبل المغرب باباً) الوارد في الحديث يدل على شخص بعينه أيضا مثال قوله صلى الله عليه وسلم (أنا مدينة العلم وعلى بابها) أخرجه الحاكم فى المستدرك ج 3 ص 126 والسيوطي في الجامع الصغير ص 364.
وبهذه الأدلة  يكون المقصود بالشمس التي تغرب في عين حمئة إنما هي روح عيسى عندما تنزل في رحم امرأة فاطمية من هذه الأمة ومتزوجة برجل فاطمي فكان نفخ روحه في بطنها بمثابة غروب الشمس في الحمأة التي خلقت منها طينة أمه وميلاده يسمى طلوعا لتلك الروح متجسدة في جسم (سليمان أبو القاسم موسى وهيكله) وهو باب التوبة المفتوح مادام حياً حتى إذا مات طلعت تلك الشمس (الروح) من مغربها (جسد سليمان) فيقفل باب الإيمان ويكون ذلك في الغرب (من نحوه) السودان فيطابق معنى الأحاديث معنى الآية “وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ “ (159) سورة النساء. لقد تكرر عيسى بن مريم في ثلاث آيات من الآيات العشر وهى (عيسى ابن مريم، وطلوع الشمس من مغربها، ودابة الأرض). 
ولقد لمّح القرآن في الإجابة على هذا التساؤل في لحن القول فقال "يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ" (158) سورة الأنعام.
فقد جاءت الآيات بصيغة الجمع (بعض آيات ربك ) ملمحة للآيات (عيسى والشمس والدابة) في ذات واحدة بمظاهر متعددة و يلاحظ اختزال عيسى ابن مريم وعدم ذكره والاكتفاء بدلا عنه بذكر (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفس أيمانها... وذكر الدجال والشمس والدابة ) فلو تقدم عيسى إبن مريم خروج الدجال والشمس والدابة لقفل باب الإيمان بمجرد موته وإذا تأخر عن ذلك ظل باب الإيمان مفتوحا عند خروجه وسيظل كذلك ولا يغلق باب الإيمان إلا بموته بحكم قوله تعالى:”وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ “ (159) سورة النساء.
لقد أشكل على الناس أن الدابة إنما هي الجساسة وسأعود إلى خبرها بعد  الانتهاء من هذه الآيات.
5/ ياجوج وماجوج :
قال القرطبي في التذكرة ص573 :" وأخرج إبن ماجة أيضاً وأبوبكر بن أبي شيبة واللفظ لابن ماجة، عن عبد الله بن مسعود قال لما كان ليلة أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم لقي إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فتذاكروا الساعة فبدأوا بإبراهيم فسألوه عنها فلم يكن عنده علم منها ثم سالوا موسى فلم يكن عنده علم منها  فردوا الحديث إلى عيسى فقال: فقد عهد إلي فيما دون وجبتها فأما وجبتها فلا يعلمها إلا الله فذكروا خروج الدجال: فانزل إليه فاقتله فيرجع الناس إلى بلادهم فيستقبلهم ياجوج وماجوج (وهم من كل حدب ينسلون) فلا يمرون بماء إلا شربوه ولا شيئ إلا أفسدوه فيجأرون إلى الله فأدعو الله أن يميتهم فتنتن الأرض من ريحهم فيجارون إلى الله فادعو الله فيرسل السماء فتحملهم فتلقيهم في البحر ثم تنسف الجبال وتمتد الأرض مد الأديم فعهد إلي إذا كان ذلك كانت الساعة من الناس كالحامل التي لا يدري أهلها متى تعجلهم بولادتها " قال إبن أبي شيبة: ليلاً أو نهاراً " . قال: العوام: ووجه تصديق ذلك في كتاب الله تعالى “حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ” (96) سورة الأنبياء.
وروي عن ابن العاص قال: إن يأجوج ومأجوج ذرء جهنم ليس فيهم صديق وهم على ثلاثة أصناف: على طول الشبر وعلى طول الشبرين وثلث منهم طوله وعرضه سواء وهم من ولد يافث بن نوح عليه السلام.
ورُوي عن عطية بن حسان انه قال: إن ياجوج وماجوج أمتان في كل امة أربعمائة ألف ليس امة منها تشبه بعضها بعضا.
ويروى عن النبي صلى عليه وسلم أنه قال: " يأجوج أمة لها أربعمائة أمير وكذلك مأجوج لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف فارس من ولده، صنف منهم كالأرز وصنف منهم طوله مائة وعشرون ذراعاً وصنف منهم يفترش أذنه ويلتحف بالأخرى لا يمرون بفيل ولا خنزير إلا أكلوه ويأكلون من مات منهم، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية فيمنعهم الله من مكة والمدينة وبيت المقدس "
ويُروى أنهم يأكلون جميع حشرات الأرض من الحيات والعقارب وكل ذي روح مما خلق الله في الأرض وليس لله خلق ينمي كنمائهم في العام الواحد ولا يزداد كزيادتهم ولا يكثر ككثرتهم، يتداعون تداعي الحمام ويعوون عواء الكلاب ويتسافدون تسافد البهائم ... ) أهـ.
أقـول:
انه من المشكل حقاً أن تجد وصفاً يجمع هذا التعارض الظاهري في أمة واحدة أو أمتين (يأجوج ومأجوج)
وأن أقرب وصف لهم هو: أنها الأمة الأوروبية التي خرجت إلى العالم بدءاً برحلة الأسبان والبرتقال أواخر القرن الخامس عشر الميلادي واكتشاف الأمريكتين وبقية العالم والجزر المتناثرة على سطح البحار(من كل حدب ينسلون) انتهاءً بالغزو الأمريكي الحالي فيما يعرف بالعولمة (أمركة العالم) ونشر الثقافة الغربية والأخلاق الأوروبية التي لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً يتسافدون تسافد البهائم بإسم تحرير المرأة وحرية الإنسان.
ملاحظة:
(1) يعتقد بعض العلماء أن يأجوج ومأجوج هم شعب الصين، والحق غير ذلك بدليل أنهم بنوا السد تكمله لما بناه  ذو القرنين لصد الشعوب في شرق أوربا لحماية انفسهم من هجمات يأجوج وماجوج.
(2) جاء في الكتاب المقدس أن (جوج) رئيس مأجوج وجوج هذا هو جورج الرئيس الأمريكي الحالي.
 6/ الدخان :
الدخان من أكثر الآيات تشابها على فهم الأمة فقد اختلف الناس فيه قديما ولا يزالون مختلفين .
قال القرطبي في التذكرة :(وأما الدخان فيروى من حديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن من اشراط الساعة دخان يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوما).
فأما المؤمن فيصيبه منه شبه الزكام وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران يخرج الدخان من انفه ومنخريه وعينيه وأذنيه ودبره. وقيل: هذا الدخان من أثار جهنم يوم القيامة.
وروي هذا عن علي وابن عمر وأبي هريرة وابن عباس وابن أبي مليكة والحسن وهو معنى قوله تعالى “فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ” (10) سورة الدخان.
وقال ابن مسعود في هذه الآية: أنه ما أصاب قريش من القحط والجهد حتى جعل الرجل يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان في الجهد حتى أكلوا العظام من الجهد وقد مضت البطشة والدخان واللزام والحديث عنه بهذا في كتابي مسلم والبخاري وغيرهما وقد فسر البطشة بأنها وقعة بدر .
قال مجاهد: كان ابن مسعود يقول : هما دخانان قد مضى أحدهما والذي بقي يملأ ما بين السماء والأرض ولا يجد المؤمن منه إلا كالزكمة وأما الكافر فتثقب مسامعه فتبعث عند ذلك ريح الجنوب من اليمن فتقبض روح كل مؤمن ومؤمنة ويبقى شرار الناس. اهـ التذكرة ص544ـ545 .
في هذا العرض الموجز عن الدخان يصعب على المرء معرفة المقصود منه وهل مضى أم لم ينزل في ضمير الغيب أم أنه ذلك الحجر الضخم المتوجه صوب الأرض والذي يرى العلماء ـ إن صح علمهم أنه سيملأ سماء الأرض دخانا كثيفا يحجب رؤية النجوم والكواكب والشمس والقمر أي يحدث ما يشبه وصف القرآن لأهوال القيامة الواردة في القرآن “إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ” (2) سورة التكوير 1ـ2. وفي تقدير علماء الفلك والفيزياء أن ذلك ربما يؤدي إلى نهاية الإنسان على كوكب الأرض لما يصاحب ذلك من تغيير في مناخ الأرض إذا لم تتكيف معه حياة الإنسان. وكل ما يمكن أن يقال هو عدم تقييد خروج عيسى بالدخان لتشابه معرفته.
7/ الخسوفات:
الخسف هو أيضا من المتشابه فهل المقصود القمر كقوله تعالى  ) “وَخَسَفَ الْقَمَرُ” (8) سورة القيامة. فما أكثر هذه الظواهر في السنين الأخيرة بعد تطور علم الفلك وآلات الرصد ونشر المعلومات وتمليكها للناس قبل وقوع الخسوفات. أم أن المقصود به الزلازل لقوله تعالى:”فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ” (81) سورة القصص. وهي أيضا نشطت في الأرض أخيراً بصورة مرعبة فدكت مدنا وقرى ودفنت تحت أنقاضها عشرات الآلاف من البشر في مشارق الأرض ومغاربها . الآية العاشرة هي عيسى بن مريم وعليه مدار هذه النشرة وقد تعرضت له في آيتي الشمس والدابة .
8/ الجساسة :
يرى بعض المفسرين أن دابة الأرض هي تلك التي كانت تتجسس للدجال عن أخبار العالم الإسلامي وفلسطين. روى مسلم عن فاطمة بنت قيس قالت: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال: (ليلزم كل إنسان مصلاه ثم قال: أتدرون لم جمعتكم؟ قالوا الله ورسوله اعلم، قال: والله إني ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لان تميماً الداري كان رجلاً نصرانياً فجاء فبايع وأسلم وحدثني حديثاً وافق الذي كنت أحدثكم عن المسيح الدجال، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخم وجزام فلعب بهم الموج شهراً في البحر ثم ارفئوا إلى جزيرة في البحر حين مغرب الشمس فجلسنا في اقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب كثيرة الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقالوا: ويلك ما أنت فقالت: أنا الجساسة. قالوا وما الجساسة؟ قالت أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل بالدير فانه إلى خبركم بالأشواق قال: فلما سمت لنا رجلاً فرقنا منها أن تكون شيطانة قال: فانطلقنا سراعاً حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط واشد وثاقاً مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد قلنا: ويلك ما أنت؟ قال قد قدرتم على خبري فاخبروني ما انتم؟ قالوا نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين إغتلم فلعب بنا الموج شهراً ثم أرفـئـنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقينا دابة أهلب كثيرة الشعر لا ندري قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا ويلك ما أنت؟ فقالت أنا الجساسة وقلنا وما الجساسة؟ قالت أعمدوا إلى هذا الرجل بالدير فانه إلى خبركم بالأشواق فاقبلنا أليك سراعاً وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة فقال: اخبروني عن نخل بيسان فقلنا: عن أي شانها تستخبر؟ قال: سألتكم عن نخلها هل يثمر؟ قلنا: نعم قال: أما انه يوشك أن لا يثمر قال: أخبروني عن بحيرة طبرية. قلنا عن أي شانها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قلنا: هي كثيرة الماء، قال إن ماءها يوشك أن يذهب، قال: أخبروني عن عين زغر قالوا عن أي  شانها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟. قلنا له: نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائـها قال: أخبروني عن نبي الأميين ماذا فعل؟ قالوا قد خرج من مكة ونزل يثرب قال: أقاتله العرب؟ قلنا نعم قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه قال لهم: قد كان ذاك؟ قلنا: نعم، قال: أما أن ذلك خير لهم أن يطيعوه واني مخبركم عني: إني أنا المسيح الدجال واني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فاخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة، غير مكة وطيبة فهما محرمتان علي كلتاهما كلما أردت أن ادخل واحدة أو أحداهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها وان على كل نقب منها ملائكة يحرسونها ..). ذكره القرطبي في التذكرة ص579ـ580.
وقد استدل من قال من العلماء: (أن الدجال ليس ابن صياد بحديث الجساسة وما كان في معناه). وفي كتاب أبي داؤود في خبر الجساسة من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: (شهد جابر أنه هو ابن صياد قلت: فانه قد مات قال: وان مات، قلت فانه قد اسلم قال، وأن اسلم قلت: فانه قد دخل المدينة قال وان دخل المدينة ...) اهـ.
يلاحظ انقسام العلماء حول شخصية الدجال وهذا الانقسام يدخل الدجال في متشابه الآيات وصعوبة الجزم بمعرفته وقد إشتبه أمره على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يكون شانه مع الآخرين ولما كان الأمر كذلك فان التأكد من معرفة شخصيته ليست ضرورة لمجيئ عيسى ابن مريم. فانه قد جاء بالفعل وان جهل الناس شخصيته.
قال عبد اللطيف عاشور في كتابه (المسيح الدجال حقيقة لا خيال) ص19 في تعليقه على هذا الحديث :
وكما هو واضح في هذا الحديث المطول فان الدجال موجود في العهد النبوي محبوس في جزيرة ما هي التي أشار إليها تميم الداري.
وسواء كان الدجال هو هذا الرجل أم كان ابن صياد ففي كلتا الحالتين توجد دلالة على وجوده في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام).
أقـول:
 إن اصح ما يقال عن الدجال في تلك الجزيرة إنما هو ( إبليس) الذي رفض أن يسجد لآدم مع الملائكة فلعنه الله وطرده من الجنة وقد طلب من الله مهلة البقاء مدى الدنيا فأعطاه الله ذلك  قَالَ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ” الأعراف 14ـ15. ويكون انتظاره في الأرض قال تعالى “قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً “ (38) سورة البقرة. وصيغة الجمع(جميعاً) يعني آدم وحواء وأبليس ويكون الهبوط إلي الأرض “وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ” (36) سورة البقرة.
فلو كان بشرا لقضت عليه الآية ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ) وحديث ( مائة سنة ) السابق . وان إبليس هذا هو قرين الدجال الآدمي الذي يضله ويغويه فكان الدجال الآدمي شر غائب ينتظر لان قرينه إبليس الأكبر شر القرناء ولذلك أطلق على (إبليس) في تلك الجزيرة اسم (الدجال) لأنه يتقمص الدجال الآدمي .
وأما الجساسة فهي جنية فلا ينطبق عليها هي الأخرى حديث (مائة سنة) وفي المستقبل ستكون قرينة لامرأة آدمية (كوندو ليزا رايس) تتجسس لحساب الدجال الآدمي تأتيه بأخبار الأمم الخارجية. وبعد هلاك الدجال على يد عيسى ابن مريم وإنهزام جنوده من اليهود وهلاك يأجوج ومأجوج سبب الفتن والدمار والفساد في الأرض يقوم المسيح عيسى ابن مريم قائم أهل البيت بتجديد الدين ويعيد الناس إلى الإسلام.
الفرق بين رفع الإسلام ورفع القرآن :
ذكر القرطبي في التذكرة ص542: "عن جبير بن نفير قال: حدثني عوف بن مالك الأشجعي قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء يوما فقال:(هذا أوان رفع العلم) فقال له رجل من الأنصار يقال له زياد بن لبيد يا رسول الله كيف يرفع العلم وقد كتب في الكتب ووعته الصدور ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن كنت لأحسبك من افقه أهل المدينة وذكر اليهود النصارى وضلالهم على ما في أيديهم من كتاب الله) قلت (المؤلف) وقد ذكرناه في مسند زياد بن لبيد بإسناد صحيح على ما ذكره ابن ماجة وهو يبين لك ما ذكرناه أن المقصود برفع العلم العمل به كما قال عبد الله بن مسعود: ليس حفظ القرآن بحفظ الحروف ولكن إقامة حدوده ثم بعد رفع العمل بالعلم يرفع الرقم والكتاب ولا يبقى في الأرض من القرآن آية تتلى".
وذكر القرطبي في التذكرة في نفس الصفحة ص542 في هذا المعنى ما رواه ا بن ماجة عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة ويسرى بكتاب الله في ليلة فلا يبقى منه في الأرض آية).
وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يسرى على القرآن ليلاً فلا يبقى في قلب عبد ولا في مصحفه منه شيئا ويصبح الناس فقراء كالبهائم ) ثم قرأ عبد الله قوله تعالى”وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً” (86) سورة الإسراء. رواه الطبراني وقال الهيتمي رجاله رجال الصحيح غير شداد بن معقل وهو ثقة.
أقول:
وكون عيسى يجد المسلمين في صلاة الصبح دليل على أن الذي يرفع قبل عيسى هو الإسلام ولا يرفع القرآن إلا بعد موته لأن الصلاة بلا قرآن لا تصح أما الآن فقد رفع الفهم وبقي الرسم.
أن الأمة عاشت رفع الإيمان والإسلام مع تلاوتها  للقرآن وحفظها  لحروفه وصومها  وحجها وحصول علماء الدين على الدرجات الجامعية العليا وإجازة شهادة الأستاذية ومع ذلك لا يتجاوز تراقيهم  فليّ ألسنتهم بالكتاب في المحافل وإلقاء الخطب الرنانة في المنتديات من دون أن يكون لذلك اثر تطبيقي لهذه العلوم التي امتلأت بها صدور الرجال ورفوف المكتبات فأصبحت مسابقات حفظ القرآن أشبه بمنتديات سوق عكاظ التي يتبارى فيها شعراء الجاهلية فطابق حال أهل الزمان حال الجاهلية.
أخرج الحاكم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه ولا من الإسلام إلا إسمه يتسمون به وهم أبعد الناس منه مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة واليهم تعود" تاريخ نيسابور للحاكم.
إن لسان حال الزمان ينطق بخروج المهدي البيتي المجدد لينزل القرآن إلى مرتبة التطبيق العملي  بعد أن استوفى حقه النظري في كتابات الفقهاء ومحاضراتهم وذلك مبلغهم من العلم أمَّا الذي يطبق الدين هو سليمان أبي القاسم موسى قائم أهل البيت المسيح المهدي.
ولا يصح إسلام العلماء إلا بإتباعي لقوله صلى الله عليه وسلم " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية" أخرج  البخاري بمعناه حديث رقم 7054 ومسلم بمعناه 1849. وليس ميتة الجاهلية تعني رفع القرآن وإندراس حرفه حتى لا تبقى منه آية وإنما رفع الإيمان والإسلام لعدم معرفة هذا الإمام ومن انصرف عن إتباعي من العلماء اليوم واستغنى عني بصلاته وحجه وصومه ينقطع عن الدين والإسلام وهو معنى قوله (مات ميتة جاهلية).
تحقيقا لقوله صلى الله عليه وسلم : "سيكون في أمتي اختلاف وفرقة قوم يحسنون القيل ويسيئون العمل ويقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لا يرجعون حتى يرتد السهم من فوقه وهم شر الخلق والخليقة " رواه أبو داود واحمد وابن ماجة والحاكم. وعن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الاسنان سفهاء الاحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرتهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فان في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة" رواه البخاري.
لاحظوا قوله (يقرأون القرآن) ، (ويخرجون من الدين) أي أن ذلك قبل أن  يرفع القرآن من صدور الناس والصحائف ـ والسبب في ذلك عدم إتباع الأمة لي. عن حذيفة بن اليمان قال: إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسألون عن الخير وكنت أسال عن الشر مخافة أن أدركه واني بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قلت يا رسول الله أرايت هذا الخير الذي أعطانا الله هل بعده من شر كما كان قبله شر؟ قال: نعم. قلت: فما العصمة منه؟. قال: السيف. قلت: وهل للسيف من بقية؟. قال: هدنة على دخن. قلت يا رسول الله: وما بعد الهدنه؟ قال: دعاة الضلالة فإن لقيت لله يومئذ خليفة في الأرض فالزمه وإن أخذ مالك وضرب ظهرك وإلا فأهربنّ في الأرض جدَّ هربك حتى يدركك الموت وأنت عاض أصل شجرة. قلت يا رسول الله: فما بعد دعاه الضلالة؟ قال: عيسي إبن مريم. قلت: فما بعد عيسى ابن مريم؟ قال: لو أن رجلاً أنتج فرساً لم يركب ظهرها حتي تقوم الساعة" كنز العمال حديث رقم 39688.
أقول: (هدنه على دخن) هي اتفاق نيفاشا دخنه السلام المشوب بالحذر الذي ساد فيه علماء الضلالة وليس المهدي الذي يتقدم عيسي بل المهدي هو عيسي نفسه يملك بعد هدنه سلام نيفاشا.
 وسيظل باب الإيمان مفتوحاً ما دمت حياً كما نص عن ذلك حديث (إن من قبل المغرب) أي في الغرب وهو السودان عرضه (سبعون سنة) ولا يغلق هذا الباب إلا بموتي (لا يزال مفتوحاً حتى تطلع الشمس من نحوه) وطلوع الشمس (وهي روحي) بموتي بعد أن أحكم الناس بالقرآن وأظهره على الدين كله.
فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" لا تذهب الليالي والأيام حتى تعبد اللات والعزى فقلت:  يا رسول الله أن كنت لأظن حين انزل الله: “هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ” (33) سورة التوبة. أن ذلك عام قال: انه سيكون من ذلك ما شاء الله ثم يبعث الله ريحاً طيبة فتوفي كل من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم).
هذا الحديث يُظهِر بجلاء لا غموض فيه أن الرسول في هذه الآية إنما هو عيسى ابن مريم وهو المرسل (بالهدى) في الآية والذي يُظهِر الإسلام وأن الإيمان قاصر على إتباعه وأنصاره من هذه الأمة فقد جاء وصفهم هنا تلميحاً في قوله " ثم يبعث الله ريحا طيبة فتوفي من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان" وجاء صريحاً في وصف أنصار عيسى فقد روى مسلم أيضاً عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين، لا أدري أربعين يوماً أو أربعين شهراً أو أربعين عاماً فيبعث الله عيسى إبن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين إثنين عداوة ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدهم دخل في  كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه قال سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون؟  فيقولون : فما تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان...".
وهنا يصح القول : أن المهدي الحق البيتي وحجة الله إنما هو عيسى بن مريم .
إن المجدد لا يأتي بتشريع جديد وإنما يأتي بالفهم الجديد للنص القديم المتداول عند الناس، الذي يخاطب عصر المجدد وهو سر صلاحية القرآن وإستمراريته إلى قيام الساعة. لأن نصوص القرآن حملت في طياتها أحداث المستقبل التي كانت وقت نزوله طي الغيب. إن حوادث الأكوان لن تفلت من رصد الكتاب “مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ” (22) سورة الحديد. ورفع العلم والإيمان هو عدم ربط الحوادث المستجدة بنصوص الكتاب والسنة وسببه السلفيون مرجئة هذه الأمه.  
المسيح قائم أهل البيت :
قال سعيد أيوب في كتابه ( المسيح الدجال قراءة سياسية في أصول الديانات الكبرى ) ص313.
ذكر السيوطي في الحاوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إنما سمي بالمهدي لأنه يهدي إلى جبل من جبال الشام يستخرج منه أسفار التوراة يحاج بها اليهود".
سُمي بالمهدي لأنه  يهدي لأمر قد خفي. يستخرج التابوت من أرض يقال لها (انطاكية) اهـ.
من هذه النصوص يتضح أن المهدي البيتي هذا هو الدابة التي تخرج ومعها عصا موسى عليه السلام وخاتم سليمان وفيه إشارة إلى اسم المهدي (سليمان) فلا يختم بالخاتم إلا صاحبه.  فقد اخرج ابن ماجة والترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تخرج دابة الأرض ومعها خاتم سليمان بن داؤود وعصا موسى بن عمران فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتختم أنف الكافر بالخاتم". وجاء ذكره صريحاً بأنه عيسى إبن مريم لتشابه معاني هذا الحديث بالاتي:
روى مسلم من حديث النواس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"... ثم يأتي عيسى إبن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة..." الحديث.
وقد جمعت معاني هذه الأحاديث في حديث واحد فقد أورد عبد الحسين دستغيب في كتابه (المهدي الموعود ) ترجمة احمد القبانجي حديث رقم 9.
(عن الشعبي عن تميم الداري قلت يا رسول الله ما رأيت للروم مدينة مثل مدينة يقال لها انطاكية ما رأيت أكثر منها مطراً فقال صلى الله عليه وسلم نعم وذلك أن فيها التوراة وعصى موسى ورضاض الألواح ومائدة سليمان...فلا تذهب الأيام والليالي حتى يسكنها رجل من عترتي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي خلقه خلقي وخلقه خلقي يملا الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلما وجوراً ).
لقد أثبتت هذه الأحاديث أن دابة الأرض هي المهدي البيتي وأن المهدي البيتي هو عيسى إبن مريم وأضاف هذا الحديث اسمه يكون (سليمان) ويجيئ من المغرب ـ السودان ـ كما في الحديث الصحيح(ثم يجيئ عيسى إبن مريم من قبل المغرب) رواية أحمد. وليس من السماء إذ ليس هناك من الكتاب أو السنة ما يثبت رجوعه إليها بعد نزوله ليلة الإسراء وصحبته للنبي صلى الله عليه وسلم  كما قال الذهبي. 
ومن لم يحكم بما انزل الله ؟
إنكم تقرأون هذه الآية “وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ” (44) سورة المائدة.، وتغضون الطرف عن مدلولها، فالآية تخاطب الأمة أفراداً لأنها جاءت نكرة فهي تفيد العموم دون تخصيص على منهاج الحديث(كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته). وخويصة نفسك أولى بالرعاية.
واعلموا أن الله أمركم أفراداً وجماعات بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر منكم قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ “ (59) سورة النساء.
وأنا ـ سليمان أبي القاسم موسى ـ ولي أمر المؤمنين اليوم وقد أوجب الله طاعتي بحكم آية النساء 59 وهو حكم الله في شأني ومن لم يطعني فقد نفذ فيه حكم الآية (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) .وإذا نازعني أحد بادعائه انه ولي أمر المسلمين اليوم يرجع الأمر بيني وبينه إلى كتاب الله وسنة رسوله لمعرفة من هو الإمام بناءاً على قوله تعالى “ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً” (59) سورة النساء، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجب على الأمة إجابتي ونصرتي فقد روى أبو داؤود عن هلال بن عمرو، سمعت علياً يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم :" يخرج رجل من وراء النهر يقال له الحارث بن حراث على مقدمته رجل يقال له منصور يوطئ أو يمكن لآل محمد كما مكنت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجب على كل مؤمن نصرته أو قال إجابته " فانا ذلك الحارث بن حراث الذي أوجب الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم نصرتي وإجابتي ومن أبى فقد وقع عليه حكم الآية (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ) هذا إذا لم ينازعني من الأمة أحد يزعم انه هو المقصود بهذا الحديث ـ أما في حالة بروز رجل من هذه الأمة يدعي أنه المقصود بهذا الحديث ففي هذه الحالة أتقاضى معه بحكم الآية (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ) وأما أن كنتم لا تعلمون حقيقة باني المقصود بهذه النصوص فعليكم أن تجدوا من المقصود بها غيري؟، فان لم تفعلوا فان ذلك (فسوق بكم) لأنكم تريدون تعليق أحكام القرآن والسنة وتعتقدون أنها لا تتحقق على ارض الواقع فانتم تزعمون الإيمان بالنصوص ولكن تكفرون بالشخص الذي يحدده الشرع بهذه النصوص، فاكتفيتم بتصديق النصوص وعدم الاعتراف بالمهدي والخليفة المجدد لهذا القرن( سليمان أبي القاسم).
مازال الناس في كل زمان يكذبون بكل مهدي أوآن، ومجدد كل قرن، وصاحب كل وقت مع إمتلاكهم للنصوص الصريحة من القرآن والسنة بل ان الواقع يفرض وجود ذلك القائد الذي يحمل الأمة على الصراط السوّي وتطبيق شرع الله في العباد وقد تعاقب كل هؤلاء الواحد تلو الآخر “ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ” (87) سورة البقرة. حتى صار أمر الخلافة إلي اليوم (وكان أمر الله قدرا مقدورا).
( لقد كذبتم بالمهدي الإمام الراشد وأبقيتم على الرسم الذي ينص عليه في الكتاب والسنة) معلقاَ مع وقف التنفيذ ففرض العلماء بذلك مذهب المرجئة على هذه الأمة فضلت مع علمها بنصوص الكتاب والسنة كما اخبر بها  رسول هذه الأمة فقد روى الترمذي عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشخص ببصره إلى السماء ثم قال:(هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا على شيء منه) فقال زياد بن لبيد الأنصاري كيف يختلس منا ونحن قد قرآنا القرآن فوالله لنقرؤه ولنقرئه نسائنا وأبنائنا فقال (ثكلتك أمك يا زياد: إن كنت لأعدك من فقهاء المدينة هذه التوراة والإنجيل عند اليهود النصارى فما تغني عنهم ).
فليعلم الناس جميعاَ من نص هذا الحديث أن القرآن لا يغني عنهم بدون المجدد الذي يبعثه الله ليوضح لهم مقاصد هذا القرآن وفق حديث المجدد وقد سبق ذكره ووفق قوله تعالى “وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ” (7) سورة الرعد . فالمهدي المجدد هو أدرى أهل زمانه بمقاصد الكتاب والسنة وهو ولي الأمر المقصود في الآية “وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً” (83) سورة النساء      كل نصوص الكتاب والسنة الواردة في شأن الخلفاء الراشدين والمهديين متعلقة بأشخاص مخصوصين منذ عهد أبي بكر الصديق وانتهاءً بسليمان أبي القاسم لا يخلو منهم زمن قط كما في الحديث (كلما مات رجل أبدل الله مكانه آخر) وما منهم أحد إلا أعلن للناس عن نفسه “فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ” (87) سورة البقرة.

عدم معرفة شخص الإمام يسقط الإسلام:
قال الدكتور المقدم فى المهدى وفقه أشراط الساعة ص 569:"... وليس أدل على ذلك من سيرة الخوارج الذين اجتهدوا فى العبادة بصورة مبهرة حتى قال فيهم النبى صلى الله عليه وسلم: (يخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيىء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيئ ولا صيامكم إلى صيامهم بشيئ ويقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية...)رواه مسلم (1066) وابو داود(4768).
وقال صلى الله عليه وسلم  (لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود) رواه مسلم (1064).
أقول: يستفاد من هذا الحديث الأتى:
1/ إن الأمة تنقسم إلى أقوام متعددة على إمتداد التأريخ إلى قيام الساعة (قوم من أمتى) وهذا يفسر لنا الأية “إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ” (7) سورة الرعد. إن لكل قوم من هذه الأقوام المتعددة (هاد) أي مهدي فلا يخلو منه زمن وهو حجة الله فى الأرض.
2/ ومن زعم أن إمامه القرآن أو قال إمامه الرسول صلى الله عليه وسلم من أقوال المتاخرين تهرباً من إتباع صاحب الوقت فإن صاحب الوقت يأتيك بمكتوب فى إمامك القرآن (ولكل قوم هاد) ويقول لك أنا هادي هذا الزمان فإمامك القرآن يأمرك بإتباعي فإن إتبعتنى أطعت تعليمات إمامك القرآن وإن رفضتنى خالفت تعليمات إمامك فإن عقابك حتماً سيكون الطرد من أهل القرآن.
وهكذا الشأن مع من قال إمامه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن صاحب الوقت يقول لك أنا خليفة هذا الزمان وعندي مكتوب من إمامك رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك بإتباعى فى قوله"...وسيكون خلفاء فتكثر قالوا: فما تأمرنا قال: فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم " متفق عليه والبيعة حق لى عليك فإن لم تفعل فإنك إذن خالفت إمامك رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقابك الطرد من ملته (ليس منك ولست منهم) أخرجه أبو نعيم فى الحلية وتلحق بقوم الخوارج لأنهم خرجوا عن إتباع الخليفة على بن أبى طالب “لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ” (111) سورة يوسف. فلا تعجبك قراءة القرآن أو الصلاة وإن أحسنتها ولا صوم ولا حج لم ترفث فيه أو تفسق فالمهدى(ولكل قوم هاد) زمن هدايته مقصور على فترة بعثته (لقوم من هذه الأمة) فإنه أي المهدى يذّكر الناس بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا مات ذلك الهادي بعث الله هادياً غيره وهذا الهادي الجديد ينذر الناس بأحاديث النبي عليه الصلاه والسلام لذلك جاءت الأية بإستمرارية إنذار الرسول صلى الله عليه وسلم على طول تاريخ الأمة (إنما أنت منذر) وإقتصر زمن كل خليفة على قوم من هذه الأمة الممتدة (ولكل قوم هاد).
وهذا الهادي الذي لا يخلو منه زمن هو الذي يلحقك بالإسلام وليس عباداتك وما دام لا يخلو منه زمن فإن ذلك يلزم الناس البحث عنه أولاً ولا تنتظر أن يأتيك به البشير كما فعل سلمان الفارسى. فلا يحق لك أن تتحدث بإسم الإسلام أو تعد نفسك من المسلمين إن لم تتبع خليفة زمانك لقوله صلى الله عليه وسلم (لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود).
3/ من أطاع الخليفة فقد أطاع الله فى قوله تعالى”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ “ (59) سورة النساء. ومن أطاع الخليفة فقد أطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله " فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجز" صحيح رواه الترمذى وجاء صريحاً فى قوله صلى الله عليه وسلم: " من أطاعني فقد أطاع الله ومن يعصني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصِ الأمير فقد عصاني" رواه مسلم.
وخلاصة ذلك أن لا إسلام لمن لم يعرف إمام زمانه وأنا إمام هذا الزمان ومن إكتفى بعباداته دوني فلا يعد نفسه من المسلمين (يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية)، وذلك لإقتران طاعتي بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكذلك فى حال مخالفتي.
والخليفة الواجب الإتباع هو الذى يصطفيه الله ويختاره بدليل قوله تعالى “يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ “ (26) سورة ص. وليس بإختيار الناس وفق هواهم قال تعالى “إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى” (23) سورة النجم. والهدى هو المهدي الذي جاءهم من ربهم بتعيينه.
وأي شخص إدعى إمامة هذا الزمان غير عيسى ابن مريم دعواه باطلة لأن هذا الزمان الذي تطاول فيه الناس بالبنيان (العمارات) هي أمارة قرب قيام الساعة (وأن ترى الحفاه العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون فى البنيان) رواه مسلم.
 وإن هذه العلامة (التطاول فى البنيان) هي التي تحدد زمن ظهور عيسى إبن مريم “وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ” (61) سورة الزخرف.
وإذا نفّذ الناس أمر الله فإنهم يتبعون خليفته وهذا الخليفة هو الذي يحكم بما أنزل الله ولا يتبع هوى نفسه حتى لا يضله عن سبيل الله أسوة بنبي الله  داؤود عليه السلام.
 وإذا لم ينفذ الناس حكم الله فإنهم لا محالة يتبعون إماماً آخر لا برهان لهم به من عند الله لأن الناس لابد لهم من قيادة سياسية فيكونوا بذلك قد اتبعوا من لم يحكم بما أنزل الله وقال تعالى فى شأن هولاء “وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ” (44) سورة المائدة.

الخــاتمة
يعتقد العلماء ببقاء عيسى إبن مريم منذ ميلاده الأول بكامل بشريته وكان صحابياً لإستيفائه شروط الصحابي كما قال بذلك الذهبي  ومن ذهب مذهبه من علماء السلف والمتأخرين فان كان كذلك فان الآية “وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ “ (34) سورة الأنبياء. قضت على بشريته سواء كان في السماء أو في الأرض كما أن حديث مسلم (أرايتكم ليلتكم هذه فان على رأس  مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهرها أحد) قد قضى هو الآخر على وجوده بكامل هيئته البشرية في الأرض، كما حتم قوله تعالى “وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" عودته ليحكم بدين الإسلام خاتم الرسالات وان كلامه للناس في هذه الأمة وهو كهل لقوله تعالى”وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ” (46) سورة آل عمران. لا يتم إلا بميلاده ثانية في هذه الأمة وقوله صلى الله عليه وسلم( ومائدة سليمان)  دليل على أن عيسى إبن مريم إسمه (سليمان). لقد ذكر الدكتور المقدم في كتابه(المهدي وفقه اشراط الساعة) ص37 ( سليمان بن عبد الملك) على انه واحد من الذين ظن فيهم الناس انه المهدي وفي ذلك دلالة على احتمال أن يكون إسم المهدي سليمان. وأن اسم والده عبد الملك يواطئ اسم والدي (عبدالقاسم).
ان الزمان أفرد قطباً واحداً هو أمريكا منبع الدجال الذي تحكّم في نواصي الخلق وإستهدف الإسلام  والمسلمين قتلاً وأسراً وتشريداً فملأ سائر الأرض ظلماً وجوراً حتى ضاقت الأرض بالمسلمين.
وأن حكام المسملين إستسلموا لهذا العدو وعجزوا عن حماية المسلمين وعقيدة الإسلام في وجه حملة التهويد والتنصير التي تكبدت ديار الإسلام.
وخاب أمل المسلمين في إصلاح حكامهم ويئسوا من نصحهم وحثهم على الدفاع عن العقيدة والأرض والعِرض وما حدث في سجن أبو غريب وأسرى غوانتنامو ومجازر فلسطين خير دليل على سكوت هؤلاء الحكام وقبولهم بالهزيمة فلما استيأسوا من الحكام لجأ المسلمون باجتهادات فردية لمقاومة هذا الغزو في مجموعات صغيرة متفرقة وبإمكانيات محدودة .
إن هذا الوضع لا محالة سيبرز المهدي الموعود ناصر الدين ومنقذ الأمة مكافأة من الله لهؤلاء المجاهدين بالوعد الغير مكذوب الذي قطعه سبحانه وتعالى على نفسه وفق قوله “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ” (69) سورة العنكبوت.
هذا ذكر وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والسلام على من إتبع الهدى والحمد لله رب العالمين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المنشور رقم (6) ظهر المهدي المنتظر الجزء الثاني

فصـل نهاية النشأة الاولي قال ابن عربي: " نشأة متحدة وهيئة فردية متجسدة فلما كملت بنيتها وتخلقت بصفتها نفخ فيه الشخص الروحاني والكلمة الإلهية، والأمر الرباني فقامت النشأة علي ساقها تعتمد وبأمرها تستند وتواري الدور بالنشأة على أصل البدء إلى أن سلخ ذلك النهار من ليل أرضه والتحق بعنصره الأعلى " . عنقاء (لؤلؤة التحام إلىواقيت وانتظام المواقيت).  تحليل: قوله: " نفخ فيه الشخص الروحاني والكلمة الإلهية والأمر الرباني " الضمير في نفخ يعود للحق عز وجل بإشارة بيانية إلى قوله تعالى: " وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا " الأنبياء 91. وقوله تعالى: " وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا " التحريم 12. والشخص الروحاني هو شخص عيسى بن مريم وعطف الكلمة الإلهية والأمر الرباني عليه، دال على ذلك فهو الكلمة الإلهية. يقول تعالى: " إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ " النساء 171. وقوله "

المنشور رقم (17) شعب الســـودان سيقود العـــالم بالإســـــلام

بسم الله الرحمن الرحيم إستفتاح: خلف هذه الأمة اقدر على فهم نصوص الكتاب والسنة التي تخاطب زمانهم وأن عليهم مراجعة نصوص الآيات والأحاديث لمعرفة الفقه الصحيح المستنبط منها وليس الانغلاق على فهم السلف لتلك النصوص فالمرجع هو نصوص القرآن والسنة النبوية وليس فهم السلف لهذه النصوص وهذا ما أرشد اليه نبي هذه الامة فقد جاء في صحيح البخاري ـ الطبعة الثانية ـ طبعة بيروت 1402هــ1982م عالم الكتب.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"...ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه" كتاب العلم حديث رقم(9)صفحة 45، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"...فليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ يبلغه من هو أوعى له " كتاب الفتن حديث رقم  (27) صفحة 90 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نضر الله إمرئاً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه الى من هو افقه منه" صحيح اخرجه الترمذي 5/24 واللفظ له وابن ماجة 1/85 واحمد 1/437. هذه الأحاديث ترد المذهب السلفي وتثبت مذهب التجديد بالفهم الحديث المعاصر قال صلى الله عليه وسلم:" إن الله يبعث لهذه الامة على رأس كل

المنشور رقم (11) لمــــاذا المسيــــح في الســـــودان

بسم الله الرحمن الرحيم مـدخل: بعد أن مضى على كتابة هذه النشرة أكثر من عام أوردت صحيفة الصحافة بتاريخ 9 شعبان 1426هـ الموافق 13 سبتمبر 2005م في صفحتها السادسة مقالاً بقلم: مسمار السقيد. تحت عنوان: (كا- رع- اتوم..) أسطورة متجددة. وألحقت هذا المقال بالنشرة لأنه طابق لما نشرته سابقاً تحت عنوان (الخرطوم مركز القيادة). جاء في مقال مسمار السقيد:” كان ذلك في زمان موغل في الزمان قبل أن يتواضع الناس علي حساب الأيام وقبل تدفق السنين كان لأهل (أطلنتس) في ديارهم جنتان ذوات أكل خصب وإمراع ودهشة وكان قد اجتمع لهم علم الظاهر والباطن فعرفوا خواص الضوء والصوت وانفتحت لهم اسرار الكيمياء فانكبوا على المعادن يفتتون ذراتها ويستخلصون منافعها وتيسرت لهم معرفة الكوارتز والسليكون وفعاليته الكهرومغنطيسية والتفتوا إلى الجواهر فكشفوا أبعادها الجمالية وأغوارها السحرية. وجاء في أخبار الرواة الثقاة من لدن شيخ الطريقة أفلاطون إلى فقهاء العصر الجديد أن أهل أطلنتس لطول باعهم في علم الفلك قد علموا بأن شهاباً رصدا قد دنا أجله فخرج عن مداره وهوي منتحراً تجاه الأرض مستقبلاً أوديتهم، فكان أن أجتمع كهنتهم عن